كيف فضحت المقاومة الفلسطينية الاحتلال الحقيقي لباقي الدول العربية؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/10/14 الساعة 09:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/10/14 الساعة 09:10 بتوقيت غرينتش
صورة أرشيفية لاجتماع وزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة العربية بالقاهرة/ رويترز

لا يشك عاقل واحد في الدول العربية أنها محتلة احتلالاً سرياً من غير ضجيج ولا مدافع ولا طيران، وهذه الحقيقة تحدّث عنها الناس منذ النكبة. ومن أبرز الأدلة عليها أن الجيوش العربية التي ذهبت لمساعدة الفلسطينيين ومحاربة اليهود سنة 1948، طلبت من الفلسطينيين تسليم أسلحتهم البدائية لمنحهم أسلحة حديثة للقتال، فذهبت الجيوش العربية العميلة لبريطانيا آنذاك بالأسلحة القديمة التي كانت في يد المسلمين بفلسطين، ولم تأت بأي سلاح حديث، وكانت خدعة وحيلة استعملتها جيوش العار العربية التي تدعي ما تدعي فكان ما كان.

اليوم، أي منذ مطلع القرن الـ21 تبين بشكل جلي المسار الذي تاهت فيه القضية الفلسطينية، وكيف تم الالتفاف على كل الاتفاقيات وقامت إسرائيل بنكث كل وعودها بشكل أقل ما يقال عنه أنه يجعل الحمار والبغل يفهم، لكن الحكام العرب وبسبب عمالتهم وبؤسهم، واصلوا ألعوبة الكذب، على أنفسهم أولاً، وعلى شعوبهم ثانياً. 

ومنبطحون للكيان الإسرائيلي ليستبيح الأرض والعرض، مع الترويج للحل السلمي وخيار المفاوضات وغيرها من الشعارات الفارغة.

لقد تبين اليوم أكثر من الأمس بأن الدويلات التي تعتد كثيراً بأعلامها الملونة وحدودها السخيفة التي رُسمت من قِبل الاستعماريين الغربيين، ومقوماتها الوثنية، عفواً الوطنية، والتي تنتفخ أوداج مثقفيها السخفاء للدفاع عن شرفها ومميزاتها وأن العالم بدونها هواء، تبين أنها تحت الاحتلال الغربي الصهيوني شئتم أيها الشعب البئيس أم لا هذه هي الحقيقة، من المحيط إلى الخليج الكل محتل إلا الشعب الفلسطيني، الذي لا يزال يقاوم ضد الهمجية الغربية الإسرائيلية.

لذلك أيتها الشعوب العربية البئيسة، والتي تريد أن تساعد فلسطين وتحررها من اليهود، مهلاً، تريثوا قليلاً، ففلسطين لا تزال تقاوم وهي تعرف عدوها كما تعرفون أنتم أزقة بلداتكم، أيها المتوهم أنه حر، أيها المنتفض تمهّل قليلاً ولا تأخذك الشعارات والحماس، أيها الشعب العربي المسكين، تمهّل وقبل أن تعبئ قواك لتحرير فلسطين حرر وطنك أولاً من عبيد الغرب الداعم الأول لإسرائيل، حرر وطنك أولاً، وآنذاك ستتحرر فلسطين بسهولة. 

إن تحرير فلسطين يمر أولاً وقبل كل شيء بتحرير الوطن العربي من الأنظمة العميلة، خاصة المطبّعين منهم، الذين لا يخجلون من إدانة الضحية والتملق للجلاد، فالأنظمة العميلة هي التي تحتل أوطانكم بالوكالة عن الأمريكي والفرنسي والبريطاني وحتى الروسي.

إن تحرير وطنك يعني أنك حر، وبما أنك حر فأنت تستطيع اتخاذ قرار مساعدة فلسطين. أما وأنت عبد تحت الاحتلال وكل قوى بلدك تخدم إسرائيل وتريد أنت الفرد أن تساعد فلسطين، فهذا ما نسميه النفاق. 

قبل أن تقرر الزحف إلى فلسطين عليك أن توصل حاكماً صالحاً ليحكم بلدك ليعبئ كل قواها لخدمتكم أولاً ولدعم فلسطين ثانياً، ففي النهاية أي قطعة أرض تضيع من المسلمين فهي كارثة بكل المقاييس، وليست فلسطين سوى واحدة من تلك المساحات الشاسعة والعامرة بالخيرات، والتي سرقها الأعداء من المسلمين بأساليب عدة، لكن الموقع الجغرافي لفلسطين يجعلها قلب الصراع والحسم فيه سيحدد من سيحكم العالم.

الغرب كشر عن أنيابه بكل قبح ووقاحة، وعبّر عن دعمه غير المشروط للكيان الغاصب، ها هو الرئيس الفرنسي الدمية وفي خطاب متلفز، يشجب ما وصفه بـ"الحقد الإجرامي الأعمى" لحماس، أعقبه بكتابة تغريدة قال فيها إن "منظمة إرهابية تعرّض سكان غزة بطريقة إجرامية للخطر من أجل مصالحها". ناسياً أن دولته تمارس الإرهاب ضد شعوب القارة الأفريقية منذ قرون، ومتجاهلاً الإرهاب الذي يمارسه الكيان يومياً ضد الشعب الفلسطيني.

أما وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، فقد وصل على عجل إلى الكيان الغاصب يوم الخميس، وقد سبق وصوله تحريك حاملة الطائرات الأمريكية جيرالد فورد، كاستعداد قتالي مباشر لدعم الإجرام الإسرائيلي وتهديد كل من يريد تقديم الدعم لغزة وسكانها المحاصرين حتى تنفرد بهم أداة القتل الإسرائيلية.

غير أن كل ذلك لا يهم بقدر ما يهم عمالة وخسة ونذالة الحكام العرب المنبطحين، والذين يعطلون حركة الأمة نحو الوحدة والتعاون لرد التغول الصهيوني على الشعب الفلسطيني. إن الأنظمة العربية عار على شعوبها وعار وشنار أن يحكمنا هؤلاء الأوغاد الرخيصون. لأنهم هم من مكنوا الإسرائيليين من رقاب الشعب الفلسطيني، وهم من يدفعون الجزية صاغرين للغرب الإمبريالي، وهم من يخربون الطاقات الخلاقة لشعوب المنطقة وهم من يبددون ثرواتنا على التفاهة ككرة القدم والغناء والرقص والمهرجانات الخليعة وبناء الأبراج. إن القادة العرب الخونة هم رأس الحربة في المشروع الغربي التغريبي والتخريبي؛ للقضاء على الأمة وتفتيتها وإلحاقها بالغرب. 

إن أولى المهام التي على الشعوب العربية التصدي لها، هي التغيير الشامل للأنظمة العميلة والتي تحميها أمريكا والكيان وفرنسا وبريطانيا بكل الوسائل والأسلحة. إن اقتلاع وتغيير الأنظمة العميلة هو أول الطرق للتحرر الوطني والتنمية الحقيقية وأول السبل لتحرير فلسطين، إذا لم تتحرر شعوب الأمة من العملاء والخونة الذين يحكمونهم فلا تحلم يا أخي بتحرير فلسطين، هذا كل ما يجب أن تعرف. 

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

رضوان كسابي
باحث وكاتب مغربي
تحميل المزيد