عملية “طوفان الأقصى”.. ماذا يجب على فلسطينيي المهجر فعله في هذا التوقيت الحساس للقضية؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/10/13 الساعة 08:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/10/13 الساعة 08:52 بتوقيت غرينتش

في ظل الترانسفير المستمر الذي لاحق ويلاحق الفلسطينيين في وطنهم الأصلي والمهاجر العربية، بات في المهاجر البعيدة الأكثر أمناً وجذباً على الصعيد الاقتصادي؛ في القارة العجوز أوروبا والأمريكتين وكندا وأستراليا، عدة ملايين من الفلسطينيين، وبرزت في تلك المهاجر طاقات كبيرة بين الفلسطينيين في مغترباتهم الجديدة في كافة ميادين الحياة، وأكدوا على الدوام تمسكهم بالهوية الوطنية الفلسطينية ووطنهم الأصلي والوحيد فلسطين، وقد توضح ذلك خلال هبّة الأقصى في مايو/أيار من عام 2021، وكذلك بعد عملية طوفان الأقصى الناجحة، والتي كشفت حقيقية هشاشة الدولة المارقة إسرائيل على كافة المستويات.

رصيد وطني كبير

رغم حصول مئات الآلاف من الفلسطينيين على جنسية البلدان في مغترباتهم البعيدة والاندماج إلى حد كبير مع مجتمعاتها، إلا أنهم كدُّوا في نفس الوقت لإيصال الرواية الفلسطينية الحقيقية لمواجهة زيف الرواية الصهيونية لاحتلال وطنهم فلسطين، وهم بذلك رصيد وطني للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.

مظاهرات فلسطينية في أمستردام/ shutterstock

 ولوحظ ولو بشكل بطيء انحياز عدد متواتر من شعوب العالم إلى جانب الحق الفلسطيني، فضلاً عن مؤسسات أكاديمية ومجتمعية، وقد تجلّى ذلك في مقاطعة بضائع المستوطنات والجامعات الإسرائيلية خلال العقد الأخير، وبهذا يعتبر الفلسطينيون في المهاجر البعيدة رصيداً وطنياً كبيراً لقضيته العادلة. وبنظرة سريعة يمكن الجزم بأن الفلسطينيين وصلوا إلى المهاجر عبر ترانسفير ممنهج جذّرته نكبة الفلسطينيين الكبرى عام 1948 وما ارتكبته العصابات الصهيونية والجيش الإسرائيلي بعد ذلك، لتستمر عمليات تهجير الفلسطينيين من الوطن والمهاجر العربية خلال الأعوام 1967، 1970، 1976، 1976، 1978، 1982، 1992، 2012، ولم تتوقف عمليات تهجير الفلسطينيين من مهاجرهم العربية حتى كتابة هذه السطور.

 ومن الأهمية بمكان تأكيد أن الحراكات الفلسطينية في المهاجر البعيدة بقيت بحدودها الفردية لنصرة قضيتها، وتبعاً لذلك تحتم الضرورة تشكيل حالة عامة ومؤسسات فاعلة بين الفلسطينيين بغرض بناء جسور معرفية وثقافية مع المجتمعات والمؤسسات والأحزاب في المهاجر البعيدة، وصولاً إلى تثبيت الرواية الفلسطينية للنكبة والإجرام الإسرائيلي المنظم بحق الشعب الفلسطيني، وإبراز المعاناة التاريخية للاجئين الفلسطينيين إثر نكبة 48، والتي مازالت فصولها وتداعياتها مستمرة، ويجب التأكيد بأن هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين في المهاجر البعيدة في أوروبا والأمريكتين وأستراليا وكندا ليسوا دون هوية، أو مجهولي الهوية، بل هم أصحاب تاريخ حضاري ووجود سياسي بامتياز، لم يستطع المشروع الصهيوني تغيبه وشطبه.

أهمية الإعلام

بعد تبني النظم الغربية وخاصة أمريكا للروايات الإسرائيلية ومحاولات شيطنة المقاومة الفلسطينية بعد "عملية طوفان الأقصى" وانهيار أكذوبة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر؛ بات للإعلام بشكل عام ووسائل التواصل الاجتماعي أهمية فائقة ودور محوري للفلسطينيين في المهاجر البعيدة لإيصال رسائل الحق الفلسطيني جنباً إلى جنب مع التأكيد على أهمية احترام القوانين والآليات والضوابط القانونية لكل بلد، ولذلك فإن اعتماد آلية التواصل والانفتاح على المجتمعات كإستراتيجية هو أمر في غاية الأهمية.

ولهذا لابد من تشكيل مجموعات إعلامية وثقافية فلسطينية ومناصرة للقضية الفلسطينية في تلك المهاجر، تقوم بإنتاج مواد إعلامية تجسّد الرواية الفلسطينية ومحاولة النفاد إلى الأحزاب في دول المهاجر والتواصل معها بخطاب متوازن، للاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وبشكل خاص حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى وطنهم فلسطين، وكذلك محاولة بناء علاقات مع مؤسسات المجتمع المدني في تلك الدول، فضلاً عن العمل الجدي للنفاد إلى وسائل إعلام لدول المهاجر لشرح مفاصل القضية الفلسطينية والإرهاب الإسرائيلي المنظّم، والتركيز في الوقت ذاته على قضايا فلسطينية جوهرية، وفي مقدمتها  قضية اللاجئين وحق العودة الذي كفلته الشرعية الدولية، وخاصة القرار 194، وقضيتي  القدس والمستعمرات.

ولتحقيق ذلك لابد من  كتابة وعمل تقارير مختصرة جداً وبعدة لغات، كما تحتم الضرورة معرفة وتقدير عدد الفلسطينيين في كل بلد من بلدان المهاجر البعيدة، ومعرفة البنية الديموغرافية الفلسطينية وانتشارها الجغرافي، بغرض معرفة القدرات والطاقات الكامنة لدى الفلسطينيين، وثمة أهمية قصوى لمعرفة قَبْلِية لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة في دول المهاجر البعيدة، وكذلك الأحزاب، مع الإشارة البسيطة إلى مواقفها من القضية الفلسطينية، فضلاً عن معرفة تركيبة البرلمانات في تلك الدول، وصولاً إلى الدراية الكافية وحصر مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني.

ولإنجاح دور وحراك الفلسطينيين في المهاجر البعيدة في أوروبا وأمريكا وكندا وأستراليا على كافة الصعد، وخاصة الإعلامية منها، لابد من الاعتماد على الجهود والإمكانيات والمهارات الذاتية الكامنة والكبيرة والتي توضحت بشكل جلي خلال هبّة الأقصى عام 2021، ويمكن الاستفادة منها مجدداً بعد عملية طوفان الأقصى لاستمالة المزاج الشعبي في مهاجر الفلسطينيين البعيدة إلى جانب الحق الفلسطيني، وتالياً الضغط على النظم الداعمة لاسرائيل لتغيير مواقفها.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

نبيل السهلي
كاتب فلسطيني مقيم في هولندا
كاتب فلسطيني مقيم في هولندا
تحميل المزيد