إنسانية العالم التي تسحق غزة

عربي بوست
تم النشر: 2023/10/12 الساعة 13:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/10/12 الساعة 13:45 بتوقيت غرينتش
"حزب الله سيساهم في المواجهة ضد الاحتلال".. نائب الأمين العام للحزب: نتابع الخطوات وسنتدخل في الوقت المناسب

بعد مرور أكثر من 70 عاماً على واحد من أكبر الأحداث التاريخية، والتي هي احتلال فلسطين، يظل الاهتمام موجّهاً نحو دعم وحماية ومساندة الاستعمار الإسرائيلي ومستوطنيه. فنرى رئيس الولايات المتحدة، جو بايدن، يبقى ملتزماً بإعادة التأكيد على هذا الدعم؛ حيث قال بوضوح : "لا بد أنكم سمعتموني أقول عدة مرات إنه لو لم تكن إسرائيل موجودة، لكان علينا اختراع واحدة. وأنا أعني هذا الكلام".

جاء ذلك في كلمته التي ألقاها بمناسبة لقائه رئيس وزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم 20 سبتمبر/أيلول الماضي في مدينة نيويورك، على هامش اجتماعات الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة.

واليوم على الملأ، يخرج وزير الحرب الإسرائيلي ليعلن عن بدء جريمة حرب مكتملة، تكاد تكون جريمة إبادة جماعية، بقطع إمدادات الماء والكهرباء والطعام والوقود كلياً عن كل سكان غزة؛ إذ يصفهم بأنهم"حيوانات بشرية، وسنتعامل معهم على هذا الأساس"، ورغم ذلك تعلن حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا عن دعمها الكامل لإسرائيل وجيشها الضوء الأخضر ليرتكب الجرائم كما يشاء، فالرقابة الغربية والمبادئ الديمقراطية والإنسانية التي احتلت العراق دفاعاً عنها، كلها تساند وتبارك تل أبيب. 

عامل طبي ينقل طفلاً إلى سيارة إسعاف لتلقي العلاج بعد أن دمرت الغارات الجوية الإسرائيلية المباني في مدينة غزة - كالة الأناضول
عامل طبي ينقل طفلاً إلى سيارة إسعاف لتلقي العلاج بعد أن دمرت الغارات الجوية الإسرائيلية المباني في مدينة غزة – كالة الأناضول

هذا الانحياز الغربي المفرط تجاه الاحتلال الإسرائيلي ليس جديداً، ولكن الجديد الذي استوقفني في هذا الدعم هو تناقضه الفاضح مع الشعارات والمطالبات التي يسوقها من حريات وحقوق إنسان لطالما تغنى بها الغرب ودمر بلاداً من أجلها.

فاليوم، عندما ينادي وزير الدفاع الإسرائيلي بـ "لا طعام، لا كهرباء، لا وقود، لا ماء لسكان غزة"، لا يتسلل القلق إلى قلوب البشر والحقوقيين والمنظمات الإنسانية في العالم الغربي، فذلك الوزير يتحدث عن سكان غزة، الذين لا تشملهم إنسانية العالم، فهم ليسوا أوروبيين.

غزة، ذلك الحيز الجغرافي الذي لا يتعدى 41 كيلومتراً طولاً و 15 كم عرضاً، يعيش فيها أكثر 2 مليون شخص، إنها البقع الأكثر كثافة سكانية في العالم. ومنذ 18 عاماً، تحاصر إسرائيل غزة براً وبحراً وجواً فأصبحت سجناً كبيراً فعلياً وليس فقط مجازياً، تنشر إسرائيل جنودها الذي لا ينتمون لذلك التراب وترجع أصولهم لدول غربية عدة على نقاط دخولها وخروجها، ليتحكموا بأهل البلد الأصليين، حتى في للحالات الإنسانية الملحة.

إن القانون الدولي، يُذكَر دائماً بأهمية احترام الإنسان وحقوقه، ولطالما حثّ الغرب الدول على الامتثال له. ولكن عندما يتعلق الأمر بإسرائيل وقتلها للفلسطينين، تصبح القوانين الدولية والمبادئ الإنسانية بدون أي قيمة.

إسرائيل، التي تحتل أراضي الفلسطينين منذ أكثر نصف قرن، لا تخضع لأي قوانين دولية ولا حتى عقوبات أمريكية وأوروبية، بل على العكس تحظى بدعم دولي كبير من أسياد الديمقراطية.

إن ما تكابده غزة من ألم نتيجة النفاق العالمي، لذلك ما تفعله المقاومة لم يكن إلا دفاعاً عن حقوق وحرية الفلسطينين بمعناها الحقيقي، بعيداً عن بلطجة الهيمنة الدولية والإنسانية الغربية التي تسحق غزة.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

زيد إبراهيم
كاتب وباحث فلسطيني
تحميل المزيد