لم يكن يوماً عادياً على الإطلاق، كان صباحه انتصاراً ومساؤه فرحاً وتكبيراً بنصر الله، أما ليله فكان اليقين في قبول الدعاء والإيمان بحدوث معجزات، والتصديق بأن ما حدث في صباح السبت الماضي، الموافق 7 أكتوبر 2023، لم يكن حلماً، بل واقعاً وحقيقة وتاريخاً يكتب لأول مرة.
نعم، الأمل يتجدد، والزرعة أثمرت، والأطفال أصبحوا رجالاً يتهافتون على الشهادة، هي بالفعل اقتراب تحقيق نبؤة الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة حماس، بزوال إسرائيل عام 2027.
وقد قال أحمد ياسين نصاً في حواره مع الإعلامي أحمد منصور، ببرنامج "شاهد على العصر": "لأني أؤمن بالقرآن الكريم، والقرآن يحدثنا عن أن الأجيال تتغير كل أربعين سنة، في الأربعين الأولى كانت عندنا نكبة، وفي الأربعين الثانية بدأت عندنا انتفاضة، وفي الأربعين الثالثة تكون النهاية إن شاء الله".
يا له من حلم ظهرت نبوءته
ففي صباح يوم السبت، 7 أكتوبر 2023، استيقظ العالم على اندلاع حرب لأول مرة تعلنها فلسطين، متمثلة في الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وبعزيمة وإرادة تعلنها حماس حرباً، براً وبحراً وجواً، وباستخدام صواريخ ومظلات تسلل، من خلالها أفراد من حركة المقاومة، في أقوى عملية مباغتة أطلقوا عليها اسم "طوفان الأقصى".
طوفان الأقصى هو اسم على مسمى، طوفان بمعنى الكلمة، سيُدمر بمشيئة الله، ثم بعزيمة وإرادة رجال ونساء وشباب وحتى أطفال الشعب الفلسطيني الصامد، هذا الكيان المحتل الغاصب للأرض العربية.
هو طوفان من الأمل بات يتوغل في عقول الشباب العربي، الذي كاد أن ييأس ويصاب بالحسرة والمهانة.
هو طوفان من الإرادة الحرة والعزيمة القادرة على صنع المستحيل وتحقيق الممكن ورجوع الحق لأصحابه.
هو طوفان من الأنفس التي تقدم أرواحها فداءً للوطن الغالي، والأرض العربية والمقدسات الدينية.
فلأول مرة في التاريخ، سجّل يا تاريخ وزيّن صفحاتك بحرب تعلنها حماس لأول مرة، تسفر حتى لحظات كتابه هذا المقال عن 1300 قتيل إسرائيلي، منهم نائب قائد اللواء 300، اللفتنانت كولونيل عليم سعد، وغيره من قيادات الشرطة والجيش، هذا غير الإصابات، والتي تجاوزت الآلاف.
هي حرب صريحة، ليست انتفاضةً أو إحياءً لذكرى النكبة أو يوم الأرض بخروج مسيرات منددة، وطائرات بدون طيار، ومئات الصواريخ.
هي حرب بأسلحة وآلاف الصواريخ ومظلات، هي حرب مكتملة الأركان بأسرى وقتلى وجرحى.
هي حرب، ويعلمون جيداً عواقبها، يعلمون ردة الفعل، يعلمون المجازر والغارات التي سيقوم بها المحتل، يعلمون أن هناك شهداء سيقابلون ربهم، لكن عزيمتهم أقوى بكثير، لأن الشهادة جزاؤها عظيم ومضمون، ويا له من جزاء.. أحياء عند ربهم يُرزقون.
دافِعهم كان أقوى من الأنظمة العربية الحاكمة، وبكثير.
فجميعنا تابعنا بيانات الدول العربية، والتي معظمها تدعو لضبط النفس، خشيةَ ردة الفعل، لم نجد دولةً عربيةً تتبرعُ بأسحلة للمقاومة الفلسطينية، تسمح لها بالدفاع عن نفسها لأطول فترة ممكنة، الجميع خائف، الجميع يخشى المعاهدات والاتفاقيات المزعومة، رغم مخالفتهم العهود والقتل بدم بارد لأطفال ونساء عزل بدون وجه حق.
وبالفعل حدث ما حدث، مجازر تلو المجاز في غزة، ابتداءً من يوم 8 أكتوبر 2023، حيث أعلنها نتنياهو "حرباً رسمية"، أطفال ونساء ومشاهد مروعة، وبالمناسبة ليست بالجديدة، فقد سبقها العديد من المجارز، هم معتادون على ذلك، لكن ربما هذه المرة أقوى، فتصريحات بايدن، ووصفه لحماس بالإرهابية، وإعلانه إمداد جيش إسرائيل بكافة الأسلحة التي تحميه، جعلتهم يهدمون البيوت والمناطق السكنية فوق السكان العزّل، جعلهم يحاصرون قطاع غزة حصاراً كاملاً، ومنعوا وصول إمدادات الطعام والوقود، وقطعوا الكهرباء، دون أي اعتبارات لحقوق الإنسان أو المواثيق الدولية.
ثم يأتي من يُنكر على عناصر المقاومة فكرة الرهائن والتضحية بهم، واستخدام المدنيين كورقة ضغط؛ عساها تكون رابحة، وتكفّ جيش الاحتلال الغاشم عن التدمير الذي لا يرحم صغيراً ولا كبيراً.
يأتيك من يصفهم بالإرهابيين، ويساويهم بعناصر الاحتلال حيث التضحية بالمدنيين.
أي مقارنة هذه، وأي مساواة في الفعل؟! أليس لكل فعل رد فعل؟ لو تحدثنا عن أفعال جيش الاحتلال في غزة وشعبه في المسحد الأقصى، ضاربين بالمقدسات الدينية عرض الحائط، أطفال ونساء، وما أكثرها من فيديوهات توثق لجرائم حرب وإبادة جماعية وقتل مع سبق الإصرار والترصد، ليس كرد فعل على حرب 7 أكتوبر، بل في كل شهر فضيل في شهر رمضان من كل عام نجد تنجيساً واضحاً وصريحاً للمسجد الأقصى وقبة الصخرة، ومنع المصلين من الدخول، بين كل فترة وأخرى نشاهد جثث الأطفال وبكاء الأمهات وسحل النساء في الشوارع، وكله موثق ويتفاخرون بأفعالهم هذه!
أي مساواة، وجمعيا شاهدنا مقتل المراسلة الصحفية شرين أبو عاقلة على الهواء مباشرة أثناء ممارسة عملها بكل دم بارد، كانت تنقل وتوثق جرائمهم وهي من المدنيين، وتمارس عملها بتصريح رسمي أيضاً، حيث الغدر بأم عينه.
أم أنكم تكيلون بمكيالين خشيةَ القوى العظمى التي تدعم وتساند وتزيد من جبروت هذا المحتل الغاصب.
ألا تستحون من الطائر غير العاقل، بالتأكيد مر عليكم فيديو الغراب الذي وارى سوءة المحتل الغاصب، وقام بإزاحة علم إسرائيل ورماه أرضاً؛ حيث مكانه الطبيعي!
أيعقل أن يكون هذا الغراب أجَرَأَ منكم أيها الرؤساء العرب!.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.