وإن وُلدنا مهزومين.. لا سبيل لنا غير المقاومة

عربي بوست
تم النشر: 2023/10/11 الساعة 08:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/10/11 الساعة 08:49 بتوقيت غرينتش
المقاومة الفلسطينية

في وقت كان النّاس فيه يتلذذون بلحظات نوم عميقة، وفي صباح يوم السبت السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، استيقظ المستوطنون الإسرائيليون  على أصوات وفزع لم يعتادوا عليه،  أصوات لم تعرف مصادرها إلا لاحقاً، إنها أصوات رشقات متتاليّة ومدويّة من الصواريخ الفلسطينيّة التي انهارت كالسيل العارم فوق الأراضي المحتلة بشكل مفاجئ وبدون مقدمات.

المصدر كان غزّة الجريحة التي سكتت كثيراً وتكلمت بصوت الانتقام والمرارة بعد أن خذلها العالم.. "طوفان الأقصى" جاء بالتزامن مع ذكرى حرب أكتوبر التي أرّخت لتاريخ المقاومة العربيّة، وربما أراد أصحاب المقاومة أن يحتفلوا بذكراها على طريقتهم الخاصّة لتنبيه الغافلين وبثّ الرّعب والألم في نفوس من لا يعرفون سوى لغة البنادق والرشاشات والصواريخ.

لم تنتهِ الحرب بعد، بل تشتد كل يوم لتذهب بعيداً بأمل في تحرير الأرض المغتصبة، إذ تسلل عدد من المقاومين البواسل أرضاً بالتزامن مع اعتقاد حكومة الاحتلال ورعاياها بالأمان بفضل تكنولوجيتها الأمنية وأجهزتها الاستخباراتية التي لطالما روجت لكفاءتها، لكن اللافت أن السّماء كانت تخبئ تحتها مقاومة من نوع آخر حينما أخذت طائرات شراعية تهبط على الأراضي التي تشتاق لأهلها، في مشهد درامي يحبس الأنفاس، مشهد يجسد البّسالة والقوّة وإرادة الحريّة والحنين لأرض الأجداد، مشهد لم ينته لتظهر حرب الشوارع، ونرى المستوطنون يفرون تاركين الأرض التي علمت بقدوم أبنائها، فكان اللقاء أكثر حماسة وتعبيراً.

لحظة اقتحام المقاومة لمستوطنات غلاف غزة خلال معركة طوفان الأقصى /رويترز

رشقات المقاومة تحت عمليّة الطوفان تجاوزت 5000 رشقة في زمن لم يتجاوز النصف ساعة، وهو عدد هائل أدخل الهلع والشك في صفوف المحتل الإسرئيلي رسمياً وعلى الصعيد الشعبي. في وقت تمكنت فيه قوات المقاومة من التقبّض على مجموعة من الأسرى اليهود في عمليّة نوعيّة تبرز حالة التمكن  لدى أفرادها.

رسمياً، كان رد الفعل استدعاء جنود الاحتياط للخدمة، في مشهد يدل على  كميّة الرّعب  الذي قذفته العمليات الفلسطينيّة في أنفس الرسميين الإسرائيليين، ليظهر نتنياهو مضظرباً ويهدد بتحويل غزة إلى مكان "أشبه بجهنم" نتيجة دمار شامل بفعل القصف، عقاباً على دعم أهلها لحركة "حماس".

إن العالم لم يترك شيئاً لغزة، لم يترك أي شيء غير المقاومة من أجل الحياة، ما تفعله المقاومة الفلسطينية هو خيارها الوحيد، يتغير الواقع بالمقاومة، أي بالعمل المتراكم لعقود، سواء كان عسكرياً أو رصيداً سياسياً شعبياً. إن المقاومة الفلسطينية تشمل وتعبر اليوم عن كل المحرومين والمهمشين والمستغلين في هذا الجزء من العالم، مؤكدين استمرار الكفاح حتى وإن وُلدوا مهزومين. نحن لا نبشر بحقائق، لكن نبصر الواقع، وندرك أن الخضوع لن يغير القدر.

إن الطبيعة البشرية والحضارة الإنسانية بكامل إنتاجاتها المادية والفكرية تسعى إلى الحرية، إذ ترفض الخضوع للواقع، للطبيعة، لقوانين الغاب، لتؤكد على أن "المقاومة" فعل فطري، وموقف طبيعي للإنسان في هذه الحياة.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عزيز فيرم
كاتب جزائري
تحميل المزيد