هل تتحول الحرب بين قطاع غزة وإسرائيل إلى مواجهة إقليمية؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/10/11 الساعة 10:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/10/11 الساعة 10:30 بتوقيت غرينتش

إن الجنون الإسرائيلي تجاه الشروع بحملات إبادة للفلسطينيين في قطاع غزة ليس إلا ضعفاً استخباراتياً تعاني منه المنظومة الأمنية الإسرائيلية تجاه المقاومة الفلسطينية بالقطاع، وهذا الأمر يجعلنا أمام رؤية واضحة لهذا الجيش الذي ينظر لنفسه بأنه إحدى القوى العالمية بمنطقة الشرق الأوسط، فيستخدم في مصطلحاته دائماً "الجيش الذي لا يقهر"، حتى أول أمس أدرك ضعفه أمام ألف مقاتل بأسلحة لا ترتقي لمواجهة جيش يحمل أعتى العتاد وأفضل الأسلحة التكنولوجية المتطورة.

صباح يوم السبت 7 أكتوبر 2023 اخترقت المقاومة الفلسطينية المنظومة الأمنية الإسرائيلية وأوقعتها، بالرغم من التطور التي تتمتع به، والميزانية الكبيرة التي يصرفها الاحتلال علي تلكَ المنظومة، ليس الأمر بالفرحة الفلسطينية التي حدثت خلال ذلك الإنجاز، بل الأهم بالتكتيك الذي تستخدمه المقاومة الفلسطينية تجاه التطوير من قدراتها العسكرية في مواجهة الاحتلال الذي يفرض على قطاع غزة حصاراً خانقاً لأكثر من ١٧ عاماً، وعلى الرغم من شح المواد التي تساعد في تعزيز قدرات التصنيع العسكري للمقاومة والرقابة الإسرائيلية المفروضة على تصدير البضائع للقطاع، فإن هذا لم يكن عائقاً أمام الظهور بإنجاز جديد تُفاجئ به الفلسطينيين وتردع به الاحتلال.

هذا التخطيط ليس وليد سنة او سنتين، إنما هو اختبار على مدار عقد في كل مرة يكون هناك اختبار لقوة الجيش، أي إنه من الممكن أن يكون التصعيد المتفاوت الذي خاضه القطاع ضد الاحتــلال بمثابة التصيد للتطور الذي وصل إليه الاحتلال والمنظومة الدفاعية للجيش، ومن خاض هذا الفعل يعلم نتيجة الأمر.

نعم ستكون هناك خسائر كبيرة، لكن هذه هي الضريبة دائماً، ليس هناك من يدخل حرباً في مواجهة محتل ولا يعلم حجم النتائج، نعم بتقديري فإن الوضع معقد للغاية، والحرب في بدايتها وتحديد نهايتها بالوقت الحالي هو أمر بغاية الصعوبة، حسب نظرتي لمجريات الأحداث بالوقت الراهن، هناك مفاجآت كبيرة سنشاهدها قريباً، خصوصاً أن غزة فقط هي من تخوض الحرب بالوقت الحالي، لكن ما سيحدث قريباً سيجعلنا أمام تدحرج سريع للحرب خلال اليومين القادمين.

إسرائيل الآن تتجه لسياسة الأرض المحروقة تجاه قطاع غزة، والطائرات المكثفة التي تشنها هي لأمرين أولاً: نتنياهو يريد أن يوصل صورة للإسرائيليين بالإنجازات التي يحصدها ويروج على أنها أهداف لحركة حماس،على الرغم من أنها أبراج سكنية يقطنها المدنيون، فهو بذلك يمتص غضب الشارع الإسرائيلي.

ثانياً: تمشيط كامل لقطاع غزة في محاولة للكشف عن البنية التحتية التي تمتع بها المقاومة الفلسطينية وكشف أماكن الأسرى الإسرائيليين الذين يقعون في حوزة المقاومة الفلسطينية، تمهيداً للدخول البري، وبالتالي سيقوم جيش الاحتلال بفصل محافظات قطاع غزة عن بعضها البعض.

الدخول البري لجيش الاحتلال لن يكون بهذه السهولة، هو بالعكس أمر محبذ للمقاومة الفلسطينية، لكن هناك سؤال مهم يضعنا أمام تقدير الموقف لسير الحرب: هل دخول الجيش الإسرائيلي للقطاع سيكون بتغطية جوية من الولايات المتحدة؟ 

خصوصاً أن هناك تصريحاً أمريكياً بدعم إسرائيل عسكرياً عبر توجيه حاملة الطائرات الهجومية جيرالد فورد إلى شرق البحر المتوسط، لدعم إسرائيل في مواجهة فصائل المقاومة الفلسطينية.

والبيان المشترك بين ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا والولايات المتحدة بدعم الجيش الإسرائيلي في عمليته العسكرية تجاه قطاع غزة، وهذا يضعنا أمام تقدير الموقف: 

الحرب الإسرائيلية علي قطاع غزة قد تتدحرج إلى أن تصبح حرباً إقليمية، بعد تصريح تنظيم حزب الله لبناني بعدم وقوفه على الحياد وأنه سيدعم المقاومة الفلسطينية ويوجه ضربات لإسرائيل في حال اتجهت للدخول البري لقطاع غزة، بينما الفصائل المتواجدة بالعراق هددت بضرب القواعد الأمريكية في حال اتجهت لدعم إسرائيل ضد الفلسطينيين.

مسألة التراجع بالنسبة للمقاومة الفلسطينية باتت صعبة بعد التقدم الذي أحرزته في حربها ضد الاحتلال، وعملية أسر الجنود الإسرائيليين بالداخل المحتل الفلسطيني، في حين أن المقاتلين المتواجدين بالداخل مصيرهم بات معروفاً، وهذه حرب ضروس لا يمكن أن توصف بمحدودة الأيام؛ نظراً لتطوراتها المتسارعة، والاقتتال بالداخل المحتل بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال 

يسير كما هو مخطط له، وأعتقد أن المواجهة بالأيام المقبلة ستكون أشد من ذلك، والجبهات في هذه الحرب ستكون متعددة، والأمر بات أكثر تعقيداً، ومسألة دخول الحرب الإقليمية شبه قريبة من خلال استغلال إسرائيل للدعم الأمريكي وتوجيه ضربات لحزب الله اللبناني، الذي هو أيضاً لن يكون صامتاً أمام هذه الضربات.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

خليل أبو عامر
كاتب فلسطيني
تحميل المزيد