لم يستطع جيش الاحتلال الإسرائيلي أن يتخيّل مشاهدة عناصر من المقاومة الفلسطينية تهاجم غلاف قطاع غزة وتقتحم المستوطنات، في عملية نوعية متطورة في أدائها، قياساً إلى الحروب والعمليات السابقة ضده، ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي، والصراع الإسرائيلي-الفلسطيني تفاجئ "كتائب عز الدين القسام" الذراع العسكرية لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس)، كيان الاحتلال الإسرائيلي والعالم بأسره بعملية جريئة أطلق عليها اسم "طوفان الأقصى"، وطريقة الأداء التي استخدمتها "كتائب عز الدين القسام"، في إشارة إلى أن هناك تغيراً في فكر وإدارة المعركة على أرض الواقع، وتوظيف الإمكانات بالشكل الصحيح، خاصة بعد نجاح هجمات المقاومين وقصف المدن والبلدات، وشل الحركة بمطار بن غوريون الدولي.
جاءت العملية البطولية النوعية الجريئة للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة صباح هذا اليوم المجيد، السبت، السابع من أكتوبر 2023، لتمثّل رداً مباشراً على الجرائم الصهيونية بحق المقدسات وبحق المعتقلين وعمليات الاقتحام المتواصلة لمدن الضفة الغربية، ورداً على استمرار الحصار على غزة المحاصر منذ أكثر ستة عشر عاماً.
ليس غريباً على غزة المحاصرة وفصائل المقاومة، وفي مقدمتها "كتائب عز الدين القسام" هذه الانتصارات والنجاحات المُبهرة التي حققتها خلال الملحمة والمفخرة ضد قوات الاحتلال الصهيوني، التي تلقت ضربات قاسية ودروساً لن تنساها، كسرت هيبتها، وهشّمت صورها، ومرّغت أنفها في التراب، فيما بدت المقاومة هي صاحبة اليد العليا والمتفوقة على الكيان الصهيوني، الذي يمتلك منظومة القبة الحديدية والسلاح والتكنولوجيا والاقتصاد ووسائل التدمير، وتعجز عن مواجهتها عدة دول في المنطقة.
هذه العملية النوعية تُثبت مجدداً وبالملموس أنّه لا خيار أمام شعبنا العربي الفلسطيني في مواجهة الكيان الصهيوني إلا خيار المقاومة والصمود، وأنّه لا يمكن بحال من الأحوال تصفية القضية الفلسطينية مهما تآمر المتآمرون واستسلم المستسلمون، وليس هناك من أفق لمؤامرة أوسلو، ولا للتطبيع مع العدو الصهيوني، وأن المقاومة تجاوزت مرحلة ردة الفعل إلى المبادرة والمباغتة في المعركة، ونقل ميدانها الأساسي إلى خارج قطاع غزة المحاصر.
إن هذه المعركة تفرض على شعوبنا العربية كافة وقواها التحررية تعزيز تضامنها الكفاحي الشعبي مع الشعب العربي الفلسطيني، ومع المقاومة المُظفرة في مواجهة الكيان الصهيوني الغاصب، والتصدي لقطعان المستوطنين، ولإنجاز مشروع التحرر الوطني الفلسطيني، واستعادة حقوق الشعب العربي الفلسطيني كاملة.
لقد نفذت "كتائب عز الدين القسام" في غزة العملية بدقة متناهية، وإبداع في الأداء الميداني، وإبداع وتميّز في الميدان الإعلامي، وبالتفاف كل فئات الشعب الفلسطيني خلف خيار المقاومة، والتسليم بأن المقاومة قائدة للشعب، وممثل وحيد شرعي لمصالح الشعب الفلسطيني.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.