تأتي عملة اليورو في المرتبة الثانية عالمياً بعد عملة الدولار الأمريكي، حيث تُعد من العملات القوية في التجارة الدولية، وأيضاً تُعد عملة اليورو ثاني أكثر العملات تداولاً في العالم بعد الدولار الأمريكي، وتأتي عملة الجنيه الاسترليني في المرتبة الرابعة.
وحيث يفترض على البنك المركزي العراقي أن يخطو الخطوة الأولى من خلال التنويع في أصوله المالية، ويزيد حصة عملة اليورو، بالإضافة إلى الجنيه الاسترليني على حساب عملة الدولار الأمريكي، حيث يقدر احتياطي البنك المركزي العراقي من العملات الأجنبية بحوالي 113 مليار دولار.
واحتفاظ البنك المركزي العراقي بجزء من احتياطياته باليورو لن يكون له أي تأثير سلبي على قيمة الدينار العراقي، إنما سيحافظ على قيمته، ومثال على ذلك الدينار الكويتي مقوم مقابل سلة من العملات الأجنبية كالدولار واليورو والجنيه الاسترليني.
حيث كان بإمكان البنك المركزي العراقي أن يضخ عملة اليورو في مزاد نافذة بيع العملة، بعد الإجراءات الصارمة التي فُرضت من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ووزارة الخزانة الأمريكية على البنك المركزي العراقي من خلال بيع عملة الدولار الأمريكي، وذلك بهدف منع تهريب الدولار إلى إيران، ولذلك الهدف من بيع اليورو في نافذة بيع العملة هو الابتعاد عن القيود المفروضة على البنك المركزي العراقي من قبل وزارة الخزانة الأمريكية، وأيضاً تخفيف الطلب على الدولار الأمريكي بهدف تقليص الفجوة بين السعر الرسمي وسعر الصرف في السوق الموازي.
وقد كان من المفترض على البنك المركزي العراقي تأسيس منصة خاصة به، حيث تكون هذه المنصة متخصصة في بيع عملة اليورو والجنيه الاسترليني، وأيضاً بالإمكان بيعها للمواطنين بشكل نقدي، كما أن عملة اليورو هي عملة عالمية بإمكان التاجر العراقي التعامل به بشكل طبيعي وسلس في أي دولة كانت باستثناء إيران، ولذلك من الممكن تغطية بعض الاستيرادات الخارجية عبر اليورو بدلاً من الدولار.
ورغم أني ضد فكرة إعطاء كل مواطن من أجل السفر 3 آلاف دولار أمريكي وتهريب العملة الصعبة إلى خارج البلد، ولكن بنفس الوقت إذا استمر البنك المركزي العراقي على هذه السياسة فأقترح إعطاء المواطنين عملة اليورو أيضاً من أجل السفر إلى خارج البلد من أجل تخفيف الطلب على الدولار الأمريكي.
الأموال المكتنزة
ومن أجل أن نكون واقعيين، للأسف هناك نسبة كبيرة من الشعب العراقي يدخر أمواله بعملة الدولار الأمريكي على حساب الدينار العراقي، ولذلك من المهم جداً زرع ثقافة الادخار أو التجارة باليورو بدلاً من الدولار الأمريكي لدی المواطنین، وذلك من أجل تخفيف الطلب على الدولار من قبل المواطنين الذين يدخرون أموالهم بالدولار الأمريكي، وأيضاً سيهدف ذلك إلى سحب الكتلة الدينارية من الأموال المكتنزة لدى المواطنين، وذلك لأن الحكومة العراقية لديها شحة من الدينار العراقي بسبب الموازنة الانفجارية، وتحديداً في النفقات التشغيلية، ومن المتوقع أن يكون هناك عجز في الفترة القادمة في دفع رواتب الموظفين من قبل الحكومة العراقية، وذلك لأن الكتلة الدينارية لدى البنك المركزي العراقي غير قادرة على تغطية النفقات التشغيلية، مما يجبر البنك المركزي العراقي على طباعة الدينار، وهذا يُعدّ بحد ذاته خطراً كبيراً على قيمة الدينار العراقي وارتفاع نسبة التضخم، وبالتالي ستكون تبعاته خطيرة سلبية على الاقتصاد العراقي.
اليورو عملة استثمارية
وتُعد عملة اليورو عملة استثمارية لأنها بصورة عامة تتحرك باتجاه صعودي على المدى البعيد، وحيث ارتفعت من نهاية عام الماضي من مستويات 0.96 سنت إلى 1.12 دولار أمريكي قبل شهرين، وهذا يعني ارتفاعاً بأكثر من 15٪، وعملة اليورو حالياً بطور تصحيح عميق؛ حيث انخفضت إلى 1.04 وهذا المستوى يقارب عملة الدولار الأمريكي، والآن يترنح على مستويات
1.05 دولار أمريكي، وربما سيستأنف الصعود أو سيكمل التصحيح إلى مستويات قريبة من نقطة التعادل مع الدولار، وهذه تُعد فرصة مناسبة للبنك المركزي العراقي من أجل شراء عملة اليورو بقيمة 10 مليارات يورو على أقل تقدير، وأنا شخصياً قمت بادخار جزء من أموالي بعملة اليورو، ومن المتوقع أن تستهدف عملة اليورو مستويات 1.15 دولار أمريكي وأكثر في خلال الربع الأول من العام القادم.
وفي حال باع البنك المركزي العراقي جزءاً من مزاد نافذة بيع العملة بعملة اليورو شهرباً بقيمة ملياري يورو.
ولنفترض أن البنك المركزي العراقي ضخ عملة اليورو في الأسواق عندما كان بسعر 0.96 سنتاً في نهاية العام الماضي، في الوقت الذي بدأت فيه أزمة الدولار في العراق، لترتب على ذلك تقليص الفجوة بين السعر الرسمي وسعر الصرف في السوق الموازي بشكل كبير جداً، وبنفس الوقت حقق المواطنون الذين اشتروا عملة اليورو في حينها أرباحاً بنسبة تقدر بـ15٪.
وبنفس الوقت استطاع البنك المركزي العراقي الاستثمار في عملة اليورو لو كان قد أبقى جزءاً من احتياطياته من عملة اليورو، لو افترضنا الرقم بـ10 مليارات يورو، لتمكن من بيعها عندما وصل إلى 1.12 دولار وحقق أرباحاً بنسبة تقدر بـ15٪ .
والسؤال هنا: هل البنك المركزي العراقي قادر على تحويل جزء من أصوله من الدولار الأمريكي إلى عملة اليورو، أم سيكون أسيراً لتوجهات وزارة الخزانة الأمريكية وسياسة البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي؟
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.