مذنبٌ هو الأستاذ في المغرب!

عربي بوست
تم النشر: 2023/10/06 الساعة 09:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/10/06 الساعة 09:14 بتوقيت غرينتش
صورة أرشيفية لتظاهرات الأساتذة بالمغرب / رويترز

في اليوم العالمي للمدرس والذي يوافق الخامس من أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، تعكس الدول المتحضرة قيمة المدرس، رافعةً له كل معالم التكريم والتقدير، ومستحضرةً دوره الحيوي والفعال في إرساء لَبنات المجتمع الأساسية، فإذا كانت المَدرسة أساس المجتمع، فإن الأستاذ هو أساس الأساس، وهو قاعدة المنظومة التعليمية في أي بلدٍ كيفما كان، فلا تعليم من دون مدرسٍ، كما لا تنمية من دون تعليم، فيلزم عن ذلك ألا نهضة ولا تنمية من دون مدرسٍ.

أما في المغرب فيتناسب اليوم العالمي للمدرس مع مشاهد بئيسةٍ تحيط بالمنظومة التعليمية، احتجاجات لا تكاد تنتهي، وإضرابات وطنية تشل المَدرسة المغربية، وتدخلها في دوامةٍ من التخبط المتكرر كل سنةٍ دون أي إصلاح شامل وجذري لمشاكل التعليم في المغرب، إلى متى يستمر هذا الوضع؟ ألم تعد الحكومة الجديدة فئة المدرسين خصوصاً بحل مشكلاتهم التي تستمر إلى قرابة العقد من الزمن؟ أليس التعليم أولويةً تنمويةً تقتضيها الغيرة على الوطن والرفع من شأنه بين الأمم والشعوب المتقدمة؟

إحدى تظاهرات الأساتذة المتعاقدين في المغرب

خرج النظام الأساسي الجديد مخيباً آمال فئةٍ عريضةٍ لطالما انتظرته بحرقةٍ شديدةٍ، يحمل بِلغته غموضاً والتباساً، مستخدماً اصطلاحاتٍ غريبةً عن الخطاب المعهود من الوزارة، لغة الوعود الساخرة التي تكرم الأستاذ بشهادات تقديرية كتبت عليها كلمات الشكر والتهاني! كأن وقود سيارته سيملأ بكلمات الشكر والشواهد التقديرية! أو ربما دعاء المدير له وهو يغادر العمل متعباً سيحسن من وضعية حسابه البنكي الذي ينفد رصيده قبل وصول الأجرة إليه أصلاً! أو لعل التغطية الصحية الشاملة التي يتلقاها عن المرض كافية لمواجهة ما ينتظره من أمراض في نهاية الخدمة!

مذنبٌ هو الأستاذ في المغرب، لأنه طماعٌ يسعى للثراء الفاحش غير المشروع، ولذلك فهو في حاجة إلى تقزيم أجرته أكثر فأكثر، ومذنبٌ أيضاً لأنه يحمل رسالة التربية والتعليم ونشد القيم فهو في حاجةٍ إلى تأديبه في الشوارع العامة بحجة فك الاحتجاجات، وليس عيباً هنا أن تُركلَ الأستاذة على مؤخرتها وأن يصفع الأستاذ على وجهه، فالأمن أولى من وجه الأستاذ وكرامة الأستاذة! مذنبٌ هو الأستاذ لأنه يؤطر ثلاثمئة تلميذٍ سنوياً، لذلك وجب الزيادة في ساعات عمله أكثر فأكثر.

فكفاك ذنباً- أيها الأستاذ- أن تحمل على عاتقك أشرف مهنةٍ بعد مهنة النبوة، لعل التاريخ ينصفك في مجلداته بكلماتٍ من ذهبٍ، ويكتب المصلحين في مزبلاته العريضة.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]


مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محسن رمضاني
باحث في الفكر واللغة
باحث في الفكر واللغة
تحميل المزيد