مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في مصر، المقررة في 12 ديسمبر/كانون الأوَّل 2023، تتعالى الأصوات والسجالات في الشارع المصري حول جدوى هذه الانتخابات، وهل هي انتخابات حقيقية؟ أم مجرد مسرحية هزلية؟
يستند المتشائمون من المشاركة في تلك الانتخابات، إلى ما جرى في الانتخابات السابقة عامي 2014، و2018، والتي دخلها السيسي بشكل شبه منفرد، بعدما أجبر كل المرشحين المحتملين على الخروج من السباق الرئاسي، والتي وصلت حد اعتقال قائد الجيش الأسبق، سامي عنان، قبل أن يُفرج عنه لاحقاً.
في المقابل يرى البعض أن الوقت الآن فرصة لخوض معركة سياسية مع النظام، يمكن من خلالها تحقيق بعض المكتسبات السياسية، أو حتى إحداث تغيير للنظام من داخله، كتلك الدعوات لبعض العسكريين السابقين بالترشح أمام السيسي.
ما وجه الاختلاف في تلك الانتخابات؟
صحيح أن نظام السيسي الذي جاء بانقلاب عسكري دموي، لن يسمح بترك الكرسي لغيره ببساطة، وهو الشخص الذي اعتمد مبدأ القوة في التعامل مع خصومه السياسيين، وكذلك هو لن يخرج إلا بوجود ظرف قاهر له يجبره على الرحيل.
لكن وجه الاختلاف في هذه الانتخابات يكمن فيما يحيط بذلك الاستحقاق من ظروف، فنظام السيسي يعيش أسوأ أيامه في ظل الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي تعاني منها البلاد، وهو ما أثار حالة من السخط كبيرة داخل المجتمع المصري.
تلك الحالة أجبرت النظام على اتخاذ إجراءات فتحت مساحات شكلية ولو ضئيلة من الحرية لبعض المعارضين المحسوبين على نظام 3 يوليو/تموز، ومنها الحوار الوطني وإن كان حواراً غير حقيقي، لا فائدة منه، بالإضافة للسماح للبعض بانتقاد سياسات النظام الاقتصادي، وإن كانت كلها مساحات غير كبيرة ولا تلبي الطموح والآمال، ولكنها لم تكن موجودة من قبل، في ظل نظام أغلق الحياة السياسية في البلاد، ومنع كل أشكال المعارضة بالحديد والنار.
السماح بتلك المساحات ليس هبة من النظام الحاكم، أو دليلاً على تغير سياساته للأفضل، ولكنها جاءت تحت ضغط الأزمة الاقتصادية والسخط الشعبي، وهي بداية الوهن الذي ينخر في عمر هذا النظام.
مكتسبات
استغل البعض حالة الضغط التي يتعرض لها النظام في خوض نضال لمحاولات الإصلاح السياسي، والذي كان أبرزه ترشح النائب السابق، أحمد طنطاوي للانتخابات الرئاسية، أو دعوة عماد جاد، المتحدث باسم التيار الحر، للفريق محمود حجازي، صهر السيسي بالترشح للرئاسة، أو دعوة محمد أنور السادات، رئيس حزب التنمية والإصلاح، للجيش بضمان نزاهة الانتخابات، وهو ما أثار حالة من الزخم في الشارع المصري مختلفة تماماً عن الانتخابات السابقة.
يمكن أن نقول إن هذه الانتخابات على عوارها هي فرصة لإعادة السياسة من جديد للشارع المصري بعد سنوات من الإغلاق، وإعادة الأمل للشارع المصري الذي عاش أعتى حقب الاستبداد في تاريخه.
صحيح أن هذا الأمل قد يُقضى عليه بتحركات النظام المعتادة في وأد الحرية، لكنها ربما تكون هزيمة بطعم الانتصار، هزيمة بطعم الاستفاقة من سنوات أجدبت الحياة في هذه البلاد، أول جولة ضمن جولات النضال ضد الاستبداد العسكري الحاكم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.