أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات تقديم موعد الانتخابات الرئاسية في مصر وعقدها في شهر ديسمبر 2023، على الرغم من أن موعدها الطبيعي كان في شهر مارس 2024. ولعل هذا التقديم له أسباب تراها السلطة دافعاً قوياً لتقديم موعد الانتخابات، ويرى البعض أن هذا الفعل الذي قامت به السلطة هو محاولة للانتهاء من الانتخابات قبل قرارات اقتصادية صعبة سوف يتخذها السيسي في مطلع العام القادم، قد تثير غضب المصريين المشتعل أصلاً، ومن أبرز تلك القرارات خفض مرتقب لقيمة العملة المصرية بطلب من صندوق النقد الدولي، والذي سيؤدي إلى موجة جديدة من غلاء الأسعار، وتزايد حالة الغضب في الشارع المصري من تلك السياسات.
وبالتزامن مع إعلان الهيئة الوطنية تقديم موعد الانتخابات، تناقلت معظم الصحف العالمية الحدث بشكل كبير، إلا أن بعضاً من تلك الصحف ووكالات الأنباء العالمية نشرت الخبر وأكدت على فوز السيسي في تلك الانتخابات، وهو ما يعرفه الجميع في مصر، صغيراً وكبيراً، باستثناء بعض المعارضين المصريين الذين يظنون أن الجنرال الذي جاء على دماء المصريين، فقتل المئات واعتقل الآلاف، سوف ينظم انتخابات شفافة يسمح فيها بالتعددية وتهدد وجوده في السلطة، وهي من وجهة نظري رؤية سياسية محدودة، فالسيسي الذي صرح مسبقاً باستعداده لعقد انتخابات سنوية في مصر بشرط أن تتحمّل تكلفتها الدول الغربية.. يعلم جيداً أنه سيفوز في كل الانتخابات على اللاشيء!
الحركة المدنية الديمقراطية هي الأخرى، وبعض من معارضة الداخل ممن يظنون أن النظام سيسمح بانتخابات حقيقية فشلت في التوصل للتوافق على مرشح، وأجّلت اتخاذ قرارها حتى إعلان قائمة المرشحين النهائية التي ستخوض الانتخابات، بالرغم من إعلان 3 من أبرز قادتها الترشح، وهم: السياسي أحمد طنطاوي، وفريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي، وجميلة إسماعيل رئيسة حزب الدستور، فالحركة المدنية تمر بأزمة بسبب تنافس 3 من قادتها، فهي لا تستطيع إعلان دعمها لأحمد طنطاوي بسبب سقفه العالي، والذي تخشى دفع ثمن دعمه غالياً بعد فوز السيسي، ولا تستطيع أيضاً دعم فريد زهران، المستدعَى من الأجهزة الأمنية للمشاركة فى الانتخابات، ومن الصعب أيضاً أن تدعم الحركة المدنية رئيسة حزب الدستور، جميلة إسماعيل ذات الحظوظ الأقل، لذا يكون المخرَج الأنسب من هذه الأزمة التي تعيشها الحركة المدنية هي الضمانات الانتخابية وتأجيل إعلان دعمها لمرشح حتى حصول الحركة على تلك الضمانات من النظام، وفي النهاية يمكن أن تعلن أن النظام لم يستجب لمطالبها، وبالتالي ستحجب دعمها عن أي مرشح، تاركة الحرية لأحزابها ومنتسبيها دعم أي مرشح يختارونه.
على الجانب الآخر، يقع البعض من معارضي الخارج في خطأ كبير وهو التشكيك في السياسي أحمد طنطاوي، وأنه يؤدي دور الكومبارس في مسرحية الانتخابات. وفي رأيي هذا يخدم النظام أكثر مما يضره حتى لو اختلفنا مع أحمد طنطاوي في الرأي أو وسيلة تطبيقه، فالنظام يحاول بكل الطرق التضييق على طنطاوي وحملته الانتخابية ومنع أنصاره ومؤيديه من إصدار توكيلات شعبية لترشحه للرئاسة، فضلاً عن اعتقال النظام في وقت سابق لعدد كبير من أسرته ومؤيديه.
يرى البعض، وأنا منهم، أن دعوات المقاطعة لانتخابات الرئاسة هي الأصوب، لأنها لن تختلف كثيراً عن سابقتها؛ لأن النظام يقوم بإفراغ الساحة من كل المرشحين الذين يرى فيهم خطراً على وجوده، وهو ما فعله سابقاً مع الفريق سامي عنان والعقيد أحمد قنصوه والفريق أحمد شفيق، وهو ما يفعله الآن مع أحمد طنطاوي الذي لن يسمح له أصلاً بالوصول إلى القائمة النهائية للمرشحين، وفي النهاية فإن أكثر ما يخشاه السيسي هو عدم ذهاب المصريين إلى لجان الانتخاب، لذلك دعوا الجنرال يفوز وحده على اللاشيء!
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.