خلال الموسم الماضي 2021 /2022، حلّق مانشستر سيتي مبكراً بعيداً في صدارة البريميرليغ، قاتلاً الشك حينها في نفوس المتابعين حول إمكانية سقوطه. لكن، كان هناك فريق واحد مُصرّ ألا يترك مانشستر سيتي وحيداً حتى لو كانت المسافة بينهما بعيدة نوعاً ما، لأنه يؤمن بالفرص الثانية، ويؤمن أنه عندما تُتاح أمامك أي فرص، عليك أن تُحسن استغلالها.
منافسة غوارديولا مُرهقة
لتظل مؤمناً أنك ما زلت مرشحاً لنيل اللقب رغم بُعد منافسك عنك، ستكون بحاجة إلى الثبات التكتيكي. وهو أمر يستطيع أن يمنحك إياه يورغن كلوب بأفضل شكل ممكن. لكنّ هناك أمراً في غاية الأهمية أنت بحاجته في هذه المرحلة أيضاً، وهو الثبات الذهني والنفسي، وأن يكون لاعبوك مستعدين للإيمان أن المنافسة لم تنته، وجعلهم يتعاملون مع الضغوطات. هنا، يأتي الدور على بعض رفاق كلوب المجهولين في ليفربول.
يورغن كلوب رجل العلم الأول في كرة القدم
بإمكانك إطلاق لقب "رجل العلم الأول" على يورغن كلوب، فهو مدرب مُبتكر، شغوف بكيفية إيجاد أساليب جديدة لطرق عمله، لأن مع التطور الحاصل في العالم، تتطور كرة القدم أيضاً، وبالتالي على المدرب أن يتطور هو الآخر، كما يقول أريجو ساكي. واختار يورغن كلوب العلم لتطوير أساليبه وأفكاره التدريبية، خصوصاً تلك النفسية والذهنية.
في عام 2019، استعان يورغن كلوب بخدمات راكب الأمواج الألماني سيباستيان ستودنير كي ينصح اللاعبين حول كيفية التعامل مع الضغوطات والثبات الانفعالي والتعامل مع نوبات الهلع التي قد تنتابهم خلال الموسم، وذلك خلال معسكر تدريبي أقيم في مدينة إيفيان الفرنسية، حيث قام بتدريب اللاعبين على تنظيم التنفس باستخدام مياه حمام السباحة. وخلال الصيف الماضي قرر التعاون مع شركة neuro11 الألمانية، وذلك لتطوير أنشطة الدماغ لدى لاعبيه.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فعندما انزعج يورغن كلوب من موجة التنمر والعنصرية المتكررة ضد اللاعبين في إنجلترا، ولاحظ هو وإدارة ليفربول كيف تعامل لاعبوه مع هذا الموضوع، قام نادي ليفربول بتعاون يحدث للمرة الأولى من نوعه في البريميرليغ، وهو الاستفادة من خدمات الطبيبة النفسية الشهيرة "إيشبل ستراكر" مع بداية العام الماضي، حتى تُساعد اللاعبين وخصوصاً الشباب منهم، على التعامل مع الضغوطات والإساءات التي يتعرضون لها على السوشيال ميديا.
إذ قال أحد المصادر داخل ليفربول لصحيفة ديلي ميل: "يهتم ليفربول بشدة بالصحة النفسية للاعبيه ولتحضيرهم ذهنياً للمباريات. وكان من أهم الأسباب الدافعة للتعاون مع الطبيبة إيشبل ستراكر، كانت بعض الإساءات التي تعرض لها لاعبون من الفريق الأول بشكل مروع الموسم الماضي، خصوصاً ساديو ماني وألكسندر أرنولد".
ولم تقتصر مهمة إيشبل فقط على مساعدة اللاعبين الذين يتعرضون لضغوطات وإساءات على السوشيال ميديا، بل قام يورغن كلوب بإعطائها مهمة ثانية، وهي مساعدة اللاعبين الذين يظهرون بأداء ضعيف في الملعب وخلال التدريبات، ومحاولة البحث عن الأسباب والتعاون على حلها.
فواحدة من الأمور المعروفة عن يورغن كلوب، أنه لا يرمي لاعبيه لمواجهة مشاكلهم وحدهم، ولا حتى المشاكل الصغيرة. لذلك، في جزئية البحث عن سبب ضعف إنتاجية اللاعب في الملعب، كان هناك تعاون مُباشر بين الطبيبة إيشبل ستراكر وجهاز ليفربول الفني، خصوصاً المدرب المعنيّ بإعداد لاعبي الفريق الأول ذهنياً ونفسياً للمباريات "لي ريتشاردسون".
ولدى ريتشاردسون مسيرة حافلة، حيث بدأ كلاعب، ثم أصبح مدرباً وإدارياً، قبل أن يحصل على درجة في علم النفس، وهي المهنة التي يُمارسها منذ أكثر من 10 سنوات، قبل أن يُصبح جزءاً من ليفربول.
وقد سبق له العمل مع المدرب سام ألاردايس في كريستال بالاس، وحينها كان الفريق في المركز قبل الأخير، حيث حقق الفريق انتصارين فقط خلال 5 أشهر؛ ما وضع اللاعبين في حالة نفسية سيئة، وكان يزداد الأمر سوءاً عندما كانوا يلعبون في ملعبهم سيلهرست بارك، وذلك لأن الجماهير الغاضبة من سوء النتائج، كانت دائماً ما تتعرض لهم بالشتائم وصافرات الاستهجان.
وهنا جاء دور الطبيب لي ريتشاردسون، إذ بعد تعاقد كريستال بالاس معه كان مُتبقياً للفريق 13 مباراة، استطاع الفوز بـ7 منها، وكان من ضمنها مباريات ضد البطل تشيلسي، أرسنال، وليفربول، بينما خسروا 5 مباريات فقط، وتعادلوا في واحدة ضد ليستر سيتي. قبل أن ينهوا الدوري في المركز الـ14، بفارق 7 نقاط عن مراكز الهبوط.
وعند بداية جائحة كورونا، وفي ظل الحجر الصحي، كان ليفربول في صدارة ترتيب البريميرليغ، وأراد يورغن كلوب حينها ألا يتشتت أذهان لاعبيه، ليتمكنوا من تحقيق اللقب بنهاية الموسم، فلعب لي ريتشاردسون حينها دوراً مهماً للمحافظة على تركيز لاعبي ليفربول.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.