رغم انسحاب التيار الصدري من السياسة العراقية، فإن مشاركته في انتخابات مجالس المحافظات القادمة تشكل خطوة حاسمة لمستقبله. ستكون هذه الانتخابات، المقرر إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، حاسمة للمشهد السياسي العراقي. وعلى الرغم من إعلان الزعيم مقتدى الصدر انسحاب تياره من السياسة، فإن الفرص الكامنة في هذه الانتخابات تجعل من الغياب عنها خياراً غير ممكن.
تُعتبر تعديلات قانون الانتخابات واعتماد قانون "سانت ليغو" خطوة مهمة في تاريخ الانتخابات العراقية. وعندما تم تجديد القانون الانتخابي بعد تولي مصطفى الكاظمي رئاسة الوزراء، ألغى البرلمان العراقي قانون "سانت ليغو"، مما أثر إيجاباً على توزيع المقاعد ومنح المرشحين المستقلين فرصة أفضل. ولكن بعد عام من الجمود السياسي، تمت إعادة تطبيق هذا القانون في الانتخابات المقبلة.
تحمل هذه الانتخابات أهمية كبيرة للأحزاب السياسية، حيث من المتوقع أن تشكل كتلاً لتوسيع تمثيلها. وهنا يأتي دور التيار الصدري، الذي يحظى بتأييد كبير من الشعب العراقي. إذا قرر التيار المشاركة في الانتخابات وتشكيل تحالفات استراتيجية، فسيتمكن من تحقيق أهدافه بفعالية أكبر.
القرار بالمشاركة في هذه الانتخابات يتوقف على قوة عزم التيار الصدري على الالتزام بقرار الانسحاب. إذا تمكن من تجاوز هذا الخيار وشارك في الانتخابات، فسيكون له تأثير كبير على المشهد السياسي. سيحاول التيار توسيع قاعدته الجماهيرية وتعزيز تمثيله في مجالس المحافظات.
وبمرور الوقت، ستلي هذه الانتخابات البرلمانية، ومن المهم أن يستمر الحوار والتفاوض السياسي في العراق لضمان الاستقرار بعد الانتخابات. إن نجاح هذه العمليات الانتخابية سيمهد الطريق لمستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً في البلاد.
بالنظر إلى أهمية الانتخابات المقبلة في مجالس المحافظات العراقية وتأثيرها على المشهد السياسي، يجب على التيار الصدري النظر بعناية في قراره المشاركة فيها. إن تشكيل تحالفات استراتيجية مع أحزاب أخرى يمكن أن يكون له تأثير كبير على نتائج الانتخابات وعلى التوجهات السياسية في المستقبل.
قد يتساءل البعض عن الأسباب التي تجعل التيار الصدري يفكر في المشاركة في هذه الانتخابات على الرغم من إعلان انسحابه من السياسة. الجواب يكمن في الحسابات السياسية والاستراتيجية. حيث إن الانتخابات تمثل فرصة للتيار الصدري لتعزيز موقعه وتوسيع تأثيره. إذا نجح في تحقيق نتائج جيدة، فسيتمكن من الدخول إلى مجالس المحافظات والمساهمة في صنع القرارات على الصعيدين المحلي والوطني.
من المهم أيضاً أن نلقي نظرة على التوجهات السياسية الحالية في العراق. بعد عام من الجمود السياسي وعودة "الإطار التنسيقي الشيعي" المتحالف مع إيران إلى السلطة، يصبح من الأهمية بمكان للتيار الصدري أن يلعب دوراً بارزاً في الساحة السياسية لموازنة هذا التوازن. إذا تراجع عن المشاركة، فقد يفوّت على نفسه الفرصة لمعارضة هذا التوازن والعمل على تغييره.
ومن الجدير بالذكر أن التيار الصدري ليس بالحزب الوحيد الذي سيؤثر في نتائج الانتخابات. هناك أيضاً حركات وجماعات أخرى تتنافس على الساحة السياسية، مثل مجموعة حركة تشرين التي نشأت على خلفية احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول 2019. إذا قرر التيار الصدري التعاون مع هذه الجماعات، فقد يتمكن من تحقيق نتائج أفضل في الانتخابات.
ومن المتوقع أن يكون التنافس في هذه الانتخابات مريراً ومحتدماً بين التيار الصدري والإطار التنسيقي الشيعي، والأحزاب الأخرى. فقد تكون التحالفات السياسية هي المفتاح للفوز بالأغلبية في مجالس المحافظات. إن أي توقعات تشير إلى أن التيار الصدري سيتخلى عن هذه الفرصة لصالح خصومه السياسيين غير واقعية.
إضافة إلى ذلك، يجب أن نلفت الانتباه إلى الدور المحوري للمظاهرات والحشود الشعبية في العراق. التيار الصدري يتمتع بقاعدة جماهيرية كبيرة، ومن ثم، يمكن أن يلعب دوراً مهماً في تحفيز جماهيره على المشاركة في الانتخابات والتصويت. من الممكن أن ينظم مزيداً من المظاهرات والاحتجاجات لتعزيز تأثيره السياسي.
في الختام، يجب أن يكون قرار التيار الصدري المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات استراتيجياً ومحسوباً بدقة. إذا تمكن من تحقيق نجاح في هذه الانتخابات، فسيكون له تأثير ملموس على المستقبل السياسي للعراق. وفي نهاية المطاف، يجب على الأحزاب السياسية في العراق أن تتفق على مبادئ ما بعد الانتخابات؛ لضمان استقرار البلاد وتفادي المخاطر التي تهدد البنية السياسية. إن نجاح هذه العمليات الانتخابية يمكن أن يمهد الطريق لمستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً في البلاد.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.