خلال الفترة الأخيرة شهدت الضفة الغربية تطوراً جوهرياً في سياق المقاومة المسلحة الفلسطينية، حيث ازدادت كثافة الأنشطة وتنوعها بصورة ملحوظة. على مدى السنوات القليلة الماضية، ظهرت أشكال متعددة للمقاومة، تجاوزت تدريجياً السياسات والاحتياطات الإسرائيلية المتواصلة المُتخذة بهدف كبح المقاومة في الضفة الغربية، والتي شهدت منذ عام 2002 تدميراً شاملاً للبنية التحتية المرتبطة بالمقاومة هناك.
فبالمقارنة بالسنوات السابقة، يتضح أن الوضع في عام 2023 شهد ارتفاعاً ملحوظاً في نشاط المقاومة والاشتباكات المسلحة داخل مدن الضفة الغربية. وتمثل هذه الزيادة تطوراً واضحاً في توجه الأحداث. إذ لحد اليوم، ارتفع عدد الإسرائيليين الذين لقوا حتفهم إلى 34 شخصاً، وكان أغلبهم من الجنود الإسرائيليين والمستوطنين.
آخر حادثة قتل وقعت منذ يومين في ذكرى إحراق المسجد الأقصى، 21 أغسطس/آب، حيث قُتلت مستوطنة إسرائيلية وأصيب آخر بجروح في عملية إطلاق نار على سيارة مستوطنين قرب مستوطنة كريات أربع في الخليل جنوب الضفة الغربية. بينما سبقها وسبقتها حادثة قتل أخرى في بلدة حوارة مساء 19 أغسطس/آب، حيث أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن مستوطنين قتلا بعملية إطلاق نار في بلدة حوارة قرب نابلس.
من الجدير بالذكر أن العدد الإجمالي للإسرائيليين الذين قتلوا في عام 2021 بلغ 4 فقط، ما يبرز التغيرات الواضحة في الوضع وتطور الأحداث خلال الفترة السنتين الأخيرتين. لذلك، ربما توضح تلك العمليات الأخيرة أننا على أعتاب مرحلة جديدة من المقاومة في الضفة الغربية.
وتتزامن مع تصاعد وتيرة التجارب والمناورات للمنظومة الصاروخية، والطائرات بدون طيار في قطاع غزة، حيث قامت المقاومة الفلسطينية في القطاع بإطلاق أكثر من 50 صاروخاً في وقت واحد، بما في ذلك صواريخ من طراز "عيّاش 250" تجاه البحر، وهذه المرة الأولى التي يتم فيها إطلاق هذا النوع من الصواريخ بهذا العدد الكبير في آن واحد.
بينما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي إسقاط طائرة مسيرة أطلقتها المقاومة الفلسطينية في أجواء القطاع، صباح الإثنين الماضي، وذلك بعد ساعات من إعلانه، صباح أمس، اعتراض مسيّرة أخرى.
ويجدر الإشارة إلى أن كل ذلك يأتي بالتزامن مع تزايد اعتداءات دولة الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين في الضفة الغربية بشكل عام، والأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال بشكل خاص، بالإضافة إلى تصاعد الاعتداءات على المسجد الأقصى.
في هذا السياق، ربما يجب طرح سؤال مهم ألا وهو: هل نحن مقبلون على مرحلة جديدة في تنفيذ العمليات تكون أكثر توجيهاً وتنظيماً؟
أعتقد الإجابة نعم، فبالنظر للعمليتين الأخيرتين، سنلاحظ قدرة المنفذين على الانسحاب من مكان العملية، وصعوبة الكشف عن هويتهما رغم اتخاذ قوات الاحتلال إجراءات كبيرة، وإغلاق مناطق كاملة، بالإضافة للجهد الاستخباراتي للأجهزة الاحتلال.
بجانب ذلك، سنرى تنفيذاً متقناً، حيث إن منفذ عملية حوارة قام برصد المستوطنين وانتظر قدومهم إلى مكان فيه ضجيج (مغسلة سيارات) وقام بقتلهم والانسحاب من المكان قبل أن يتم كشف العملية، بينما في عملية الخليل رغم تضارب الأنباء حول كيفية تنفيذ العملية، لكن الأخبار الواردة تفيد بأنه تم تنفيذ العملية من سيارة مسرعة، أطلقت النار ثم وجدت محروقة مع عدم وجود أثر للمنفذين.
لذلك، لن يكون من المستغرب أن نشهد تصاعداً في وتيرة أعمال المقاومة العسكرية في الضفة، كمواجهة واضحة للخطوات التي اتخذتها الحكومة الصهيونية لتوسيع الاستيطان.
من وجهة نظري أن المؤشرات السابقة تعطي قراءة واضحة أننا أمام مرحلة جديدة المقاومة
وروح النضال؛ فبجانب نصرة الفلسطينيين في الضفة الغربية والأراضي المحتلة عن طريق إرسال رسائل سياسية وعسكرية بصواريخ المقاومة في غزة، والتنوع الواضح في العمليات المقاومة في الضفة، ربما يدلل هذا على التنسيق بين الجبهات، وتوجيه للعمليات بما يخدم تحقيق الأهداف الوطنية الكبرى.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.