كتب التاريخ في العادة كتب ضخمة ومجلدات كبيرة، أسماء مؤلفيها لها وزنها وثقلها، تتحدث عن أحداث ومواقف جرت في فترات زمنية أو حقب ماضية، تتنوع بين كتب تتضمن تاريخ البشرية، أو تاريخ الدول، أو تاريخ الأديان، أو تاريخ العلوم الإنسانية، وتندرج تحت هذه الأقسام الأربعة موضوعات فرعية مختلفة.
عندما تقرر البدء بقراءة أحد كتب التاريخ خذ نفَساً عميقاً، وليكن معك دفتر ملاحظاتك، فمن المؤكد أنك ستحتاج إلى قلم لتكتب بعض النقاط الخاصة لتستطيع التركيز واستيعاب زخم المعلومات، على سبيل المثال؛ أثناء قراءتك لمقدمة كتاب ابن خلدون "العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر"، بالإضافة إلى دفتر ملاحظاتك وقلمك تحتاج أيضاً إلى المعجم لشرح وتفسير بعض الكلمات والمصطلحات الواردة فيه، قراءتها تأخذ وقتاً طويلاً وتستمر لمدة شهر وأكثر.
تساعدك أيضاً الكتب التي تشرح المراجع التاريخية والمقالات التوضيحية، ومن هنا فإن كتب التاريخ تتفاوت في صعوبتها وسلاسة المعلومات الواردة فيها، قد يؤثر زمن كتابتها وزخم الأحداث وأسلوب سرد المؤلف، فبعضهم يكتب بطريقة جامدة جداً، وكأنك تقرأ مقرراً دراسياً بالكاد تستطيع متابعة قراءته، حيث يدرج المؤلف ضمن الأحداث دراسات نقدية وتعليقاً عقب كل حدث يفوق الكلام فيه الحدث الأساسي الوارد في الكتاب، وينصب نفسه حكماً يعاقب هذا وينصف ذاك، كما يكرر معلومات وردت في كتب أخرى له، فتضيع أثناء قراءتك بين الحدث والتعقيب عليه.
منهم أيضاً من يسرد بأسلوب قصة تستمتع أثناء قراءته، ومنهم من يكتب الحدث كما هو والروايات الواردة حوله، ومنهم من يكتب الحدث من وجهة نظره الخاصة، فتصبح قارئاً للتاريخ ضمن ما يراه هو، ليس ببعيد أن تقرأ كتاباً آخر فتفاجأ باختلاف المعلومات واختلاف الحدث برمته.
تختلف قراءة كتب التاريخ من شخص لآخر، بحسب ذائقته الثقافية ومخزون معلوماته وتجاربه التي تشكل له وجهة نظره، ولكن الأصل في المؤلف والقارئ هو الحياد؛ لأن الغرض من قراءة التاريخ هو أخذ العبرة والابتعاد عن تكرار الأخطاء.
من الكتب التاريخية الممتعة "قصة التتار" للدكتور راغب السرجاني؛ حيث يتحدث فيه عن التتار منذ بداية ظهورهم حتى معركة عين جالوت، وما يساعدك في قراءته وجود فيديوهات للمؤلف عن الكتاب، يتحدث فيها بأسلوب شيق لا تملّ فيه.
أما كتاب قصة الحضارة لويل ديورانت وأريل ديورانت فكتب بأسلوب فلسفي لا يسعك التوقف بين صفحاته، وهو ذخيرة علمية بذل المؤلف فيها جهداً عظيماً كما تبذل أنت كقارئ من جهدك ووقتك لقراءته.
وهناك العديد من الكتب التاريخية المهمة، مثل كتاب "البداية والنهاية" لابن كثير، و"الكامل" لابن الأثير و"حضارة العرب" لجوستاف لوبون.
كيف ستقرأ كتب التاريخ؟
بداية اسأل نفسك من أي وجهة ستقرأ؟
أجمل الوجهات هي وجهة المحايد، الذي يقرأ لأخذ معلومة ممتعة، إذا كنت مبتدئاً في قراءة كتب التاريخ، فاقرأ بداية مقالات تتحدث عن كيف نقرأ التاريخ، كما يوجد كتب تتحدث عن ذلك، ويوجد أيضاً فيديوهات تشرح وتوضح كيفية قراءة التاريخ للمتخصصين ولغير المتخصصين، بعد ذلك لخّص أهم النقاط التي تفيدك وتعينك، ثم حدد لنفسك يومياً وقتاً للقراءة، اسأل مشرف المكتبة التي ترتادها فسيدلك من أين تبدأ، انضم لمجموعة تقرأ الكتاب نفسه الذي بدأت به، وستجد نفسك تشجّعت أكثر للقراءة، أوجد لنفسك رفيقاً تقرأ له يناقشك ويحاورك لتقيم نفسك كم استفدت من قراءتك، ابدأ بكتب يكون مؤلفوها من العصر الحديث، ثم تدرّج لتصل تلقائياً إلى الكتب القديمة حتى تساعد نفسك في التعود على المصطلحات، وأخيراً قراءة ممتعة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.