التعليم النظامي هو التعليم الخاضع للنظام الحكومي إنشاء أو إشرافاً أو كلاهما في بلد معين، والمتمثل في التعليم المدرسي والمهني والجامعي.
ورغم سيطرة الحكومات على معظم مكونات هذه المنظومة من المُعلم والمواد الدراسية والمنشآت التعليمية وخلافه، فإنها تسمح لاعتبارات معينة بإنشاء مدارس ومعاهد، بل وجامعات خاصة، بشروط تضمن تبعية هذه المؤسسات للدولة، مع تحرُّرها من بعض قيود الخضوع للمنظومة الحكومية.
وفي الغرب يوجد 3 أشكال لهذا النوع من التعليم، لكل منها مميزاته وعيوبه. وهذه الأشكال هي:
التعليم العام (Public school)
وهو التعليم الخاضع بشكل كامل للحكومة في كل تفاصيله، سواء كان تعليمياً أو ثقافياً أو حتى سياسياً، لكنه بعيد كل البعد عن أي أيديولوجية دينية، فهو تعليم علماني صرف. ويتميز هذا النوع من التعليم بضخامة الإمكانيات والوسائل التعليمية، وبحرفية المعالجات التربوية، وكونه مجانياً حتى نهاية الصف الثاني عشر (ثانوية عامة).
أما عيوبه فهي كونه علمانياً صرفاً، لا وجود لأي توجيه ديني فيه، ولذلك فهو متماهٍ مع كل القوانين والاتجاهات المتعلقة بحرية العلاقات الجنسية، الطبيعي منها والشاذ، وكذلك ما يتعلق بالتحول الجنسي، إضافة إلى النظريات التي تنفي وجود الخالق، وغير ذلك من أفكار قد تؤثر على فكر الطلاب اضطراباً. ويمثل التنوع الأيديولجي والثقافي بين طلابه ربما عيباً مميزاً، وميزة معيبة المسافة فيها بين النفع والضرر صفر.
التعليم الخاص (Private school)
ربما يكون سبب خصوصيته دينياً في المقام الأول، إذ يشمل المدارس الإسلامية والكاثوليكية والبوذية وغيرها، وهو تعليم يخضع للحكومة فيما يتعلق بالمناهج والأطر والقوانين الخاصة بالعملية التعليمية، غير أن له بعض الخصوصية التي تتعلق باختيار هيئة التدريس أو الطلبة، وكذلك إضافة بعض المواد الدراسية الدينية.
ويتميز هذا النوع المؤسسي من التعليم بوحدة البيئة الحاضنة، حيث ينتمي كل الطلاب إلى منبع ديني واحد، وثقافة شبه متسقة.
لكن ما يعيبه هو نقص الكثير من الإمكانيات المتوفرة في المدارس الحكومية، وخاصةً فيما يتعلق بالمباني التعليمية ومساحتها، ومعامل التدريس والمكتبات، فضلاً عن نقص الكفاءة التدريسية والتربوية، بالإضافة إلى كثرة المشاكل الإدارية فيها، وخاصةً فيما يتعلق بالنزاهة المالية.
ورغم أن هذا النوع من التعليم رغم تسميته بالخاص فإنه لا يتمتع باستقلالية واسعة، إذ إنه لا يملك الخروج أو النقد أو حتى مجرد التوجيه بأي أمر يخالف التوجيهات القانونية الخاصة بالتعليم، حتى ولو كانت مخالفة للدين، بالإضافة لذلك لا يخفى على أحد كم تتطلب المدارس الخاصة مصاريف مادية لا تقدر عليها الكثير من العائلات.
التعليم المنزلي (Homeschooling)
التعليم المنزلي أو ما يُعرف بالدراسة المنزلية هو تعليم الأطفال في المنزل بدلاً من الدراسة في المدارس، وهو يعتمد بالأساس على تعليم يتلقاه الطفل في بيته على يد والديه، دون الحاجة للانتظام في فصول أو حضور المدرسة، ويعد التعليم المنزلي خياراً قانونياً في بعض الدول. وهو أشبه ما يكون بالتعليم الحر ، وهذه أكبر مميزاته.
وتُشير بيانات المعهد الوطني لبحوث التعليم المنزلي "NHERI" بالولايات المتحدة إلى وجود نحو خمسة ملايين طفل في التعليم المنزلي خلال شهر مارس/آذار من عام 2021، وهو ما يُمثِّل نحو 9% من الأطفال في سن المدرسة.
يتميز هذا النوع من التعليم بنقاء المصدر، فلا خوف من علمانية التعليم الحكومي، ولا من أيديولوجية التعليم الديني، بل فقط ما يريد الوالدان تدريسه يدرسونه، وما لا يريدانه ينبذونه، ولا يتعرض الطالب إلى التأثيرات السلبية ولا الأخلاقيات غير السوية الموجودة، التي من الممكن أن يتعرض لها في بعض المدارس.
لكن يعيب هذا التعليم أحياناً ضعف المستوى، وبالتالي ضعف الطالب، إذ يعد أمراً مُجهِداً وشاقاً للأبوين، وربما لا يستطيعان تحمله، حيث يتطلَّب هذا النوع من التعليم من الآباء تعلُّم ما يجب تعليمه للأطفال في عمر معين، والعثور على المواد المناسبة لتعليم الأطفال مهارات معينة.
بالإضافة لذلك، ربما يحرم التعليم المنزلي الأطفال من احتكاك مفيد يساعد في تكوين شخصيته، ما قد يؤدي إلى نقص ظاهر في الخبرات الحياتية.
وقد أشارت "إليزابيث بارثوليت" أستاذة القانون بجامعة هارفارد الأمريكية إلى تلك النقطة في مقال لها عام 2020، إذ ذكرت أن التعليم المنزلي قد يحرم الأطفال من التعرُّض للآراء التي قد تُتيح أمامهم اختيارات مختلفة لمستقبلهم، ما قد يمنعهم مستقبلاً من المساهمة إيجابياً في المجتمع.
يقف الأب المسلم في الغرب بين مفترق طرق لا يعرف كيف يتجه، فهو إن اختار التعليم الجيد المجاني في المدارس الحكومية، يرعبه شبح انحراف ابنه عقائدياً أو أخلاقياً.
وإن ولّى وجهه شطر التعليم الخاص، ألهبته مصاريفه، وإن قدر عليها ربما لن ترضيه النتائج ويصدم بعكس توقعاته التي تمناها في هذا النوع من التعليم.
وإن اختار التعليم المنزلي أضناه القيام بما لم يخلق له من هم التدريس والتلقين، وأرهبه خلل ابنه نفسياً ونقصانه شخصياً، وإن كان يرغب في نبوغه.
إنها سلسلة متعانقة الحلقات من القلق والخوف، يعيشها معظم الآباء والأمهات في الغرب، بسبب تلك المعضلة.
لذلك في رأيي، قد يكون التعليم المنزلي هو آمَنُ هذه الأنواع لو أُحسن تطبيقه، بحيث يتم تعويض نقص الاحتكاك بخلق بيئات اجتماعية صحية يمارس فيها الطلاب بناء شخصياتهم، ثم النوع الثاني إن تمت تقويته باختيار الكفاءات الإدارية والتعليمية، للخروج به من كونه مشروعاً استثمارياً إلى كونه مشروعاً توعوياً وثقافياً.
بينما يأتي في ذيل القائمة ذلك التعليم العلماني، الذي وإن كان أمتعها للطالب وأكثرها رحابة ومساحة على الأرض، إلا أنه ربما يظل أضرها على الدين والخلق.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.