وجود بيب غوارديولا في الدوري الإنجليزي لا يضيف ميزة للاعبين والجماهير فقط، بل ميزة وفرصة فريدة للمدربين، خصوصاً الواعدين منهم، للتعلم من مدرب خبير مثله.
فبالنسبة لطاقم بيب، فطوال هذه الفترة، يُعتبر برين كيد مساعده المباشر الوحيد من الجنسية الإنجليزية. رجل سبعيني، بدأ مسيرته التدريبية تزامناً مع بداية مسيرة بيب غوارديولا، لا كمدرب، بل كلاعب في ثمانينيات القرن الماضي.
"كيد" غادر منصبه الفني بنادي مانشستر سيتي في عام 2021. لكن قبل ذلك بفترة طويلة، كان مساعداً لسير أليكس فيرغسون في نادي مانشستر يونايتد، وقضى 10 سنوات في النادي بين مساعد مدرب لفرق الناشئين والفريق الأول. كما يبدو مثيراً للسخرية، أنه كان لاعباً لمانشستر سيتي ومانشستر يونايتد كذلك لمدة 10 سنوات.
يُمكن اضافة اسم آرون بريغز، محلل أداء مانشستر سيتي السابق، كشخص إنجليزي احتكَّ مع بيب واكتسب منه بعض الخبرات إلى حد ما. رحل آرون أيضاً عن مانشستر سيتي في عام 2020، لكنه بدأ العمل في مناصب إدارية مع موناكو، والآن هو يعمل مساعد مدرب في فولفسبورغ.
فضلاً عن براين وآرون، يبدو أنه لا يوجد أشخاص آخرون من الجنسية الإنجليزية، عمِلوا في طاقم بيب خلال فترته مع مانشستر سيتي. إنجلترا حتماً استفادت تسويقياً من وجود غوارديولا، وهناك من كان محظوظاً بما فيه الكفاية من المدربين لمواجهته مرتين على الأقل في الموسم، لكن لا يبدو ذلك كافياً.
فشعلة المعرفة تلك، لم يهتدِ بها الإنجليز بما فيه الكفاية. فبرغم أن هناك لاعبين من الإنجليز لعبوا تحت قيادته، وألهم بعضهم كما الذين من قبلهم، فإن فترة معايشة بيب كمساعد وليس كلاعب، تجربة مختلفة كُلياً. ومايكل أرتيتا، مدرب أرسنال، مثال جيد على ذلك، لأنه من حين لآخر، يتحدث عن نصائح بيب غوارديولا وأمور تعلمها منه خلال فترته مع مانشستر سيتي.
نصائح ودروس للوهلة الأولى يُتوقع أنها عن التكتيك فقط، لكن بالحقيقة هي تشمل العلاقات الإنسانية أيضاً، وكل ما يدور حول القيادة وإدارة الفريق. يظهر ذلك بشكل واضح من خلال وثائقي أرسنال وتصريحات اللاعبين عن طرق أرتيتا لتحفيز المجموعة وعلاقاته الإيجابية مع كل الأفراد.
فخلال محاضرة صحفية عظيمة خلال الموسم الماضي، بعد مباراته الخالدة أمام ريال مدريد على ملعب الاتحاد، أكد بيب أنه لا يجب إطلاق الأحكام على الموسم بالاعتماد على "الطرة والنقش"، ويتعمد بيب استخدام هذا المثال، لأن في كرة القدم، هناك تفاصيل في المباراة لا يُمكن التحكم فيها، لأنه مهما بحث المدرب عن السيطرة المُطلقة، فهناك لحظات لا يُمكنه التحكم فيها.
ففي رياضة جماعية ككرة القدم، يحدث كثير من الأحداث العشوائية: إصابة للاعب مؤثر، بطاقة حمراء، تمريرة أو تمركز خاطئ، قرار غير موفق من الحكم، وحدث صغير مُمكنٌ أن يُخرجك من السباق. لذلك، المنافسة المنتظمة على الألقاب تحتاج لفهم أعمق لكرة القدم لفهم عشوائيتها، إذ لا يُمكنك الفوز دائماً، لكن يُمكنك المحاولة، وهذا ما تفعله الفرق الكبيرة التي تُقاتل على الألقاب حتى آخر رمق.
مع الأسف، يتبقى لبيب غوارديولا في إنجلترا سنوات أقل بكثير من تلك التي مرت، ولا يبدو أن هناك طموحاً إنجليزياً سيكون مساعداً له. يتزامن ذلك أيضاً مع قادة الفكر من المدربين الجدد والقادمين من إيطاليا، وإسبانيا، وألمانيا، والبرتغال، ومع مشروع بلجيكي مثير يُطبَخ خلف الكواليس.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.