الاحتلال يغتال البراءة.. من يحاسب إسرائيل على جرائمها في حق أطفال فلسطين؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/08/10 الساعة 14:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/08/10 الساعة 14:56 بتوقيت غرينتش
أطفال فلسطين - shutterstock

منذ احتلال فلسطين، بدأ مسلسل لا يتوقف من المعاناة يحاصر الفلسطينيين جراء سياسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي استهدفت الشعب الفلسطيني بكل مقدراته ومكوناته وتفاصيله اليومية، من خلال جملة من الممارسات التعسفية من قتل، وجرح، واعتقال، وتشريد وإبعاد، وإقامة جبرية، ومصادرة أراضٍ واستيطان، وجدران، وحواجز، وبوابات، واقتحامات، وحظر تجول، وحصار؛ والقائمة تطول. 

 وبالطبع لم يكن الطفل الفلسطيني بمعزل عن هذا العنف الممنهج التي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي كأمر روتيني؛ بل كان في مقدمة ضحاياها؛ رغم الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق والقوانين الدولية التي تنص على حقوق الأطفال. لقد شكلت عمليات استهداف الأطفال الفلسطينيين وقتلهم سياسة ثابتة اتبعتها القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، واعتُمدت على أعلى المستويات؛ ما يفسر ارتفاع عدد الشهداء الأطفال.

وقد تُوفي هذا الاسبوع طفل فلسطيني، يوم الاثنين الماضي 7 أغسطس/آب، متأثراً بإصابته برصاص مستوطن إسرائيلي، قبل أسبوع، في رام الله بالضفة الغربية، وفق ما أعلنت مصادر فلسطينية.

ومنذ بداية العام الجاري، كثّف النظام الإسرائيلي هجماته على البلدات والمدن الفلسطينية في جميع أنحاء الأراضي المحتلة. ونتيجة لهذه الهجمات المستمرة، قُتل عشرات الفلسطينيين واحتُجز كثيرون آخرون بشكل غير قانوني، إذ بينت "الحركة العالمية" في هذا الإطار، أنها وثّقت استشهاد 23 طفلاً بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي، في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وكان من ضمنهم الطفل أشرف مراد السعدي (15 عاماً) من مخيم جنين، الذي استشهد جراء قصف المركبة التي كان يستقلها مع شابين آخرين، من قبل طائرة إسرائيلية مُسيّرة، مساء 21 من شهر يونيو/حزيران.

بينما في العام الماضي 2022، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 224 فلسطينياً، كان من بينهم 44 طفلاً في الضفة الغربية، و17 في قطاع غزة خلال العدوان.

ورغم أن القانون الدولي ينص على عدم استخدام القوة المميتة المتعمدة إلا في الظروف التي يوجد فيها تهديد مباشر للحياة أو إصابة خطيرة. فإن التحقيقات والأدلة التي جمعتها الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال تشير بانتظام القوات الإسرائيلية في استخدام القوة المميتة ضد الأطفال الفلسطينيين في ظروف قد ترقى إلى القتل خارج نطاق القضاء أو القتل العمد.

ومع ذلك، ووسط كل هذا الجرم لا يوفّر المجتمع الدولي أية حماية للأطفال الفلسطينيين، ولا يحاسب النظام على جرائمه. 

فما زالت تشنّ القوات الإسرائيلية غارات على مختلف مدن الضفة الغربية بشكل شبه يومي، بحجة اعتقال من تسميهم فلسطينيين "مطلوبين". وعادة ما تؤدي المداهمات إلى مواجهات عنيفة مع السكان. 

وتعتقل سلطات الاحتلال في سجونها 165 طفلاً، بينهم أطفال قُصر دون 14 عاماً، بحسب بيانات وزارة شؤون الأسرى والمحررين في غزة. ولا داعي لذكر أساليب التعذيب والمحاكم المجحفة التي تفتقر لمعايير العدالة التي تنتهجها سلطات الاحتلال داخل السجون. ومثال على ذلك، حالة المعتقل المقدسي أحمد مناصرة الذي اعتقله الاحتلال بعمر أقل من 13 عاماً، ولا يزال يقبع في السجن منذ عام 2015، وتجدد له محاكم الاحتلال العزل الانفرادي مرة بعد مرة.

فوزي الجنيدي أحد أطفال فلسطين أثناء اعتقاله من قبل قوات الاحتلال
فوزي الجنيدي أحد أطفال فلسطين أثناء اعتقاله من قبل قوات الاحتلال – الأناضول

ويجب الإشارة إلى أنه منذ احتلال الضفة والقطاع عام 1967، خاض أكثر من 50 ألف طفل فلسطيني من الجنسين، تجربة الاعتقال في السجون الإسرائيلية.

إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يتبع سياسة ممنهجة في استهداف أطفال فلسطين، تحظى بدعم الإدارة الإسرائيلية، ويعكس ذلك ارتفاع عدد الشهداء من الأطفال.

بالإضافة لذلك، تنتهج حكومة إسرائيل سياسة التمييز العنصري ضد الأطفال الفلسطينيين؛ فهي تتعامل مع الأطفال الإسرائيليين من خلال نظام قضائي خاص بالأحداث، تتوفر فيه ضمانات المحاكمة العادلة. وفي الوقت ذاته، تعتبر الطفل الإسرائيلي هو كل شخص لم يتجاوز سن 18 عاماً، في حين تتعامل مع الطفل الفلسطيني بأنه كل شخص لم يتجاوز سن 16 عاماً.

وإزاء هذه الجرائم، تلتزم معظم دول العالم الصمت دون اتخاذ أية آلية لإدانة إسرائيل، ما يمنح جنود الاحتلال حصانة من المساءلة القانونية، وضوءاً أخضر لاستهداف متعمد للأطفال الفلسطينيين.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عبد المنعم فياض
كاتب وباحث سياسي فلسطيني من القدس
كاتب وباحث سياسي فلسطيني من القدس
تحميل المزيد