في ظل انقسام غربي ودعوات للتدخل العسكري.. هل يصمد “الانقلاب” بالنيجر؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/08/08 الساعة 11:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/08/08 الساعة 11:18 بتوقيت غرينتش
عشرات الآلاف في النيجر احتشدوا داخل أكبر ملاعب كرة القدم في البلاد تأكيدا لدعمهم للانقلاب العسكري حيث راحوا يصفقون لأعضاء المجلس الوطني لحماية الوطن الذين قدموا استعراضاً داخل الملعب/الأناضول

انتهت مساء الأحد المهلة التي حددتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا لقادة الانقلاب في النيجر، لإعادة الرئيس المنتخب محمد بازوم إلى السلطة، وسط حالة من الترقب يعيشها هذا البلد الغرب إفريقي، ومعه العديد من العواصم الإفريقية التي تحبس أنفاسها لمعرفة ما ستؤول إليه الأوضاع.

وفي آخر التطورات بعد انتهاء مهلة مجموعة "إيكواس" التي دعت لعودة الانقلابيين لثكناتهم، التقى رئيس نيجيريا الرئيس الدوري لـ"إيكواس" بولا تينوبو، حكام الدول المحاذية للنيجر للتباحث معهم حول تطورات الأوضاع، وقد أبدت دول أعضاء في المجموعة- بينها نيجيريا والسنغال وساحل العاج- استعدادها لإرسال قوات إلى النيجر، لكن اثنتين من الدول الأعضاء- هما مالي وبوركينافاسو اللتان يقودهما عسكريون- أعلنتا رفضهما خيار القوة.

وقرّر قادة الإيكواس عقد قمة في عاصمة نيجيريا أبوجا، الخميس المقبل، لنقاش مسألة التدخل العسكري وتطورات الوضع في النيجر.

في المقابل قرّرت مالي وبوركينافاسو أن تُوفِدا وفداً مشتركاً إلى نيامي عاصمة النيجر، برئاسة وزير الدولة المالي وزير الإدارة الترابية والناطق باسم الحكومة عبد الله مايغا، بهدف إظهار تضامن البلدين مع الشعب النيجري.

كما حذَّر المجلس العسكري الحاكم في نيامي من عواقب ما وصفها بأي مغامرة عسكرية أو تدخل من منظمة إيكواس في شؤون بلاده، وتحدث الناطق العسكري لما يسمى المجلس الوطني لحماية الوطن، عن إعداد التدخل العسكري بالنيجر في دولتين إفريقيتين لم يذكرهما، فيما قال إن "دولة أجنبية عظمى" تستعد لشنّ عدوان على البلد، ولم يتضح ما إذا كان الناطق العسكري يلمح إلى فرنسا التي تنشر نحو 1500 جندي بقاعدة في نيامي، وقد أعلن إغلاق المجال الجوي للبلاد حتى إشعار آخر.

أعضاء من المجلس العسكري في النيجر – رويترز

ومساء الأحد احتشد عشرات الآلاف في ملعب "سيني كونتشي" بالعاصمة نيامي، لإبداء دعمهم للعسكر الحاكم، حيث لوحوا بأعلام النيجر وروسيا، وهتفوا ضد فرنسا.

زعماء الانقلاب، الجنرال آمادو عبد الرحمن ومحمد تومبا وعثمان أبارشي، خاطب المحتشدين قائلاً: "لن نتراجع عن قراراتنا، وسنحقق مطالب الشعب".

انقسام غربي بين الدبلوماسية والتدخل العسكري

بينما في المقابل يبدو أن هناك انقساماً غربياً بشأن الوضع في النيجر، إذ دعت إيطاليا، المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا إيكواس إلى تمديد مهلتها لقادة انقلاب النيجر.

وقال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، إنه يتعين تمديد المهلة التي منحت للنيجر لإعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم إلى منصبه، مشدداً على أن "الطريقة الوحيدة هي الدبلوماسية".

وقد قررت الحكومة الإيطالية تقليص عدد قواتها في النيجر "لتوفير مكان في قاعدتها العسكرية هناك لمدنيين قد يحتاجون إلى الحماية في ظل هشاشة الوضع".

بينما قال متحدث باسم الاتحاد الأوروبي عبر البريد الإلكتروني: "لا يزال الاتحاد الأوروبي يعتقد أن هناك مجالاً للوساطة حتى يوم الخميس، العاشر من أغسطس، عندما تعقد المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) قمة استثنائية أخرى حول الوضع في النيجر".

في موازاة ذلك، سافرت وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية، فيكتوريا نولاند إلى النيجر، وأجرت محادثات، الإثنين 7 أغسطس 2023، مع كبار مسؤولي المجلس العسكري في البلاد، الذي استولى على السلطة، لكنها لم تحرز أي تقدم في الاجتماعات التي وصفتها بأنها "صعبة".

وفي مقابلة خاصة مع الجزيرة، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن ما يحدث في النيجر عرقلة للنظام الدستوري، وأضاف بلينكن أنه على اتصال وثيق مع رئيس النيجر محمد بازوم وعديد من القادة الأفارقة، لاستعادة النظام الدستوري في البلاد، إذ يرى أن انهاء الانقلاب في النيجر بالسبل الدبلوماسية لا يزال ممكناً.

في المقابل يبدو أن فرنسا تدعم قرارات مجموعة إيكواس، بخصوص أي تدخل عسكري في النيجر، وعلقت مساعدتها لبوركينافاسو بسبب دعمها للانقلابيين في نيامي.

ماكرون فرنسا النيجر
هل يشهد ماكرون نهاية نفوذ فرنسا في غرب إفريقيا؟/ رويترز

كما رفعت الخارجية الفرنسية من سقف تحذيراتها للفرنسيين المتبقين في النيجر، ودعتهم "لاعتماد أقصى درجات الحذر"، كما صنفت كل مناطق البلاد حمراء في تحديثها على موقعها البارحة.

وعلقت الخطوط الجوية الفرنسية رحلاتها إلى النيجر، كما أوقفت رحلاتها الجوية مع العاصمة المالية باماكو والبوركينية واغادوغو "حتى 11 أغسطس" الجاري.

النيجر في سطور

تعتبر النيجر، التي لا تمتلك أي منفذ بحري، البلد الرابع عالمياً في تصدير اليورانيوم، وتقع في غرب القارة الإفريقية، استقلت عن فرنسا عام 1960 وتبلغ مساحتها 489200 كم.

تحد الدولة الحبيسة كل من نيجيريا وبنين وبوركينافاسو ومالي وتشاد والجزائر وليبيا، فيما تعتمد البلاد نظاماً جمهورياً، ويُنتخب الرئيس شعبياً لولاية مدتها 5 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.

يتكون برلمان النيجر من غرفة واحدة هي "الجمعية الوطنية"، ينتخب أعضاؤها لمدة 5 سنوات. ويتكون شعب النيجر من 5 أعراق هي: الهوسا، السونغاي، الفولان، الطوارق، الكانوري، إضافة إلى العرب ومكونات أخرى.

تعبر اللغة الرسمية في البلاد هي اللغة الفرنسية، ويتحدث بها غالبية سكان البلد، بالإضافة إلى لغات أخرى من بينها، الهوسا، السوناغي.

ورغم صغر حجم اقتصاد النيجر (المرتبة 124 عالمياً)، فإنه سجل نسبة نمو عالية بلغت 7% عام 2022، وفق معطيات رسمية. وتزخر البلاد بالعديد من المعادن بجانب اليورانيوم، منها الفحم والذهب، فيما تعد الثروة الحيوانية والزراعية أبرز مشغل في البلد، الذي يعد الأكثر فقراً على مستوى العالم.

يُشكل الذهب الخام 71.4% من صادرات البلاد (2.7 مليار دولار)، يليه البذور الزيتية (344 مليون دولار)، والمواد الكيميائية المشعة مثل اليورانيوم (297 مليون دولار)، والبترول المكرر (235 مليون دولار).

ونظراً لثروات البلاد من اليورانيوم والنفط، ودورها المحوري بالحرب ضد المتشددين في منطقة الساحل الإفريقي، فإنها تحظى بأهمية اقتصادية واستراتيجية للولايات المتحدة وأوروبا والصين وروسيا.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد ولد البكاي
صحفي موريتاني
تحميل المزيد