دولة لا تتحدث التركية، وإنما هي عضو مراقب في منظمة الدول التركية. تأخذ اهتماماً كبيراً من تركيا التي تسعى للانخراط معها في مبادرات استراتيجية تشمل مناطق جغرافية ومجالات عدة. الحديث عن المجر التي تشارك تركيا تحالفاً مُتخطياً للحدود.
ما هي طبيعة العلاقة بين تركيا والمجر؟
ليس هناك تعريف جلّي للعلاقات بينهما، لكنّ التكامل سيد الموقف في أكثر من سياق. هاكان فيدان؛ وزير الخارجية التركي، أظهر سيمة هذا التحالف خلال زيارته الأخير للعاصمة المجرية بودابست في 28 يوليو/ تموز 2023.
خلال زيارة فيدان ظهر أن الروابط التاريخية المتينة تُحرك روح الحاضر، فإن كان الترابط التاريخي إيجابياً ينجذب أصحاب هذه الوشائج المُشتركة إلى تأسيس علاقات حية على نحو إيجابي؛ فعلاقات الإمبراطورية النمساوية المجرية كانت جيدة مع الإمبراطورية العثمانية.
بالإضافة لذلك، يوجد كفيل لتأسيس العلاقات المتينة لوجود تتابع لبعض القيّم المشتركة، فكلا الطرفين تجمعه القيم المحافظة الأخلاقية.
ويجب الإشارة إلى أنه لا تجب الاستهانة بتشارك القيم؛ فالعالم بات في صراع حضاري، وها هو الغرب، إما أن تقبل شروطه وثقافته، أو تُصنَّف متخلفاً وسلطوياً.
ورغم أن تركيا والمجر ضمن تحالفاتٍ وثيقة مع الغرب؛ كلاهما يتمسك بقيم مشتركة، ولصد أية حملة ضدهما يتحالفان وفق مبدأ "في الاتحاد قوة". وقد ظهرت قوة هذا الاتحاد عندما اضطر الناتو للتفاوض معهما لقرابة العام كي تقبلا بعضوية السويد، وأيضاً كان له صدى إيجابي في إبرام اتفاق بين تركيا والاتحاد الأوروبي حول اللاجئين، وأيضاً أثمر اتفاق الإبقاء على تشغيل إمدادات الطاقة من روسيا للاتحاد الأوروبي حية.
ثمة مكاسب مهمة أخرى تجمع بين تركيا والمجر، على رأسها التكامل لتحقيق الاستقلالية في ظل شيوع سيطرة معادلة تعدد الأقطاب على العالم. في هذه المعادلة أكثر من قطب يسعى للتحكم باستقلالية دولٍ أخرى؛ فنجد الدول الكبرى تسعى لتوجيه السياسة الخارجية للدول الأخرى حسب إرادتها.
لذلك، تركيا والمجر ربما بتحالفهما يصبحان خارج هذه المعادلة، فعلى سبيل المثال رغم وجودهما في الناتو في الوقت ذاته يساهمان في ضخ الطاقة الروسية إلى أوروبا.
كلا الطرفين يتحرك تشاركياً وفق ما تُمليه المصلحة الوطنية فقط، إذ يتبادل الطرفان التمثيل الجيوسياسي، فالمجر عضو الاتحاد الأوروبي الذي يلبي طموح تركيا في تحقيق مصالحها داخل الاتحاد الأوروبي؛ مثال لذلك مبادرة المجر لافتتاح تمثيلية لمنظمة الدول التركية في بروكسل، وغيرها من أمورٍ أخرى. أما تركيا فتلبي رغبة المجر في توسيع علاقاتها في القوقاز وآسيا الوسطى والبحر الأسود؛ حيث الاستثمارات ومصادر الطاقة التي ستمر أنابيبها عبر المجر في طريقها نحو أوروبا مستقبلاً.
خلاصة القول: هناك تهديدات مُشتركة تواجه تركيا والمجر من قبيل احتمال توقف تدفق الطاقة، واستهداف المبادئ المحافظة، والأهم استقلالية القرار، وشعوراً بهذه التهديدات تتوجه تركيا والمجر نحو الاشتراك بعلاقاتٍ تهدف لتحقيق مكاسبٍ مشتركة. فبينما الدول الأوروبية الأخرى تواجه تركيا بمعادلة المكاسب النسبية؛ أي ماذا تحصل تركيا كي أحصل أنا أكثر؟ تأتي المجر بعلاقاتٍ متداخلةٍ وثيقةٍ وتشاركية قوية مع أنقرة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.