"عليك أن تتحكم بكل شيء، يُشبه الأمر لعبة الشطرنج، أقوم بحساب كل شيء"
طفل بجسد طويل ونحيل أكل عليه الدهر وشرب، نجل حارس مرمى سابق اسمه كارلوس قال ذات مرة إنه أحرق يديه بسبب سقوط حديدة ساخنة عليهما، مُنقذاً سيرجيو الصغير الذي كادت الحديدة تقع على رأسه.
لقد مر وقت طويل. انضم سيرجيو بوسكيتس إلى برشلونة في عام 2005، وشارك مع الفريق الأول للمرة الأولى ضد راسينغ سانتاندير في سبتمبر/أيلول 2008. اعترف مدرب راسينغ أنه لا يعرف الكثير عنه. لم يعرفه أحد تقريباً في ذلك الوقت، باستثناء بيب غوارديولا.
مشاهدة يديه ترسمان التشكيلات والخطط، أصابعه هي اللاعبون، يشرح تكتيكات الفرق ويتحدث عن كرة القدم، يبدو من غير المعقول أنه لن يكون مدرباً. يقول بوسكيتس: "سأحاول أن أكون مُدرباً. أود الحصول على رخصة التدريب وإعداد نفسي لذلك. لديّ أفكار. لكن الجزء الصعب هو إدارة غرفة تغيير الملابس مع 25 لاعباً، كلهم بغرورهم. أنا مهتم بمعرفة ما إذا كان بإمكاني التواصل معهم وإقناعهم بما أريد".
بدأ بوسكيتس موسم 2008/2009 بالدرجة الثالثة وأنهاه بالفوز بكل شيء مع برشلونة. في العام التالي، فاز بكأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا. في العام الذي يليه، حقق دوري أبطال أوروبا مرة أخرى، بأداء أشبه بالكمال؛ والسنة التي تلت ذلك حقق بطولة أمم أوروبا. وفي عام 2015، كانت هناك ثلاثية أخرى مع إنريكي.
يقول بوسكيتس، بالعودة إلى حيث بدأ كل شيء، كان اللعب في دوري الدرجة الثالثة الإسباني، هو قمة المتعة الكروية بالنسبة له: "كان الأمر كما لو كنت تلعب مع الأصدقاء، دون ضغط، لا توجد هناك أضواء، مع مدرب كان الأفضل في العالم ولكن في ذلك الوقت لم يكن أحد يعرف ذلك".
من وقتها يرى بوسكيتس أن بيب غوارديولا أفضل مدرب تدرب معه، ليس لأنه الأفضل في العالم حالياً، بل لأنه كان ومازال يجعل كل فريق يدربه أفضل، ويلعب بالطريقة التي يُريدها. ويتطور أيضاً، ويخترع أشياء جديدة، فكم من لاعبين غيّر مراكزهم للأبد، على سبيل المثال، جون ستونز لاعب الوسط لماذا لا يصبح ظهيراً؟ وهكذا. إنه يفكر دائماً: ما الذي يمكن تحسينه؟
وهذا ما تعلمه منه بوسكيتس؛ التفكير دائماً، حتى إنه قال: "كان الأمر كما لو أنني حصلت على درجة الماجستير مع بيب في ذلك العام"، يدين بوسكيتس لغوارديولا، ولكل ما قدمه له خلال الحصص التدريبية.
وبالنسبة لبوسكيتس؛ الثلاثية مع بيب غوارديولا كانت الأفضل، جماعية أكثر. بينما كانت ثلاثية لويس إنريكي تتعلق أكثر باللاعبين الثلاثة (ميسي، ونيمار، وسواريز) في المقدمة الذين صنعوا كل الفارق؛ أما عن البقية كانوا هناك للتعويض. ينتقل راكيتيتش إلى طرف الملعب أو إنييستا يقوم بذلك، حتى يتمكن ليو من القدوم لاستقبال الكرة من العمق، باستخدام المساحة التي صنعوها له.
كان لديهم أيضاً نيمار الذي يتميز بالمواجهات الفردية ويُعطيهم أفضلية خلال الهجمات المرتدة. ويقول: "أتذكر بايرن خارج أرضنا: لقد كانوا يهاجمون طوال الوقت ولديهم فرصتان سانحتان للتسجيل، لكن لعبنا مرتدة جيدة ثم سجلنا".
عندما سُئل: من هو أكثر من يشبهه؟ ذكر رودريغو هيرنانديز ومارتن زوبيميندي، لكنه اعترف أيضاً: "لن يكون الأمر سهلاً. سيفعلون أشياء أخرى [غالباً يقصد جديدة]. إنهم يجعلونك تشعر بأنك كبير بالسن".
بوسكيتس كان يعلم دوره بإتقان في وسط الملعب؛ حيث يجب عليه التحكم بكل شيء، إذ يشبه الأمر لعبة الشطرنج. فتنظر، هل يلعب خصومك بمهاجمين أو واحد فقط؟ هل هناك من تم توظيفه كمُهاجم ثانٍ؟ عليك أيضاً أن تعرف أين توجد المساحات وكيف تخلقها. إذا كان الظهير يُهاجمك، فمن الذي سيقوم بذلك؟ عليك أن تقرأ الوضعية وتعرف من سيكون هناك. بوكيست كان يحسب كل شيء: أماكن زملائه في الفريق، وأين هم الخصوم، وما يُمكن أن يحدث خلال اللعبة!
يقول بوسكيتس: "يتم تعلم هذه الأمور ودراستها: تقوم بها مرات عديدة، وبمجرد أن تصبح مُتمكناً منها، يُصبح الأمر بديهياً عند التطبيق خلال المباريات. ولكن لتبدأ، عليك أن تعرف مكان كل شيء، وماذا يُمكن أن يحدث. يجب أن تكون متيقظاً لكل شيء؛ هذا هو دورك. من هناك تستطيع توجيه زملائك أيضاً. في الواقع، يُخبرني الكثير من المدربين أنه بعد فترة معينة من المباراة يجب أن أتوجه إلى مقاعد البدلاء حتى يتمكنوا من إخباري بالتغييرات والأفكار البديلة حتى أتمكن من تطبيقها. في كرة القدم، أنت تفكر دائماً. التعب عقلي أكثر مما هو جسدي".
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.