تطورت كرة القدم حول العالم بشكل متزايد وكبير، وتشتد المنافسة في مختلف البلدان على تحقيق التطور والصعود إلى مصافّ الدرجة الأولى من بين الأفضل.
تمر سنوات من هيمنة الدوري الإنجليزي والإسباني على الساحة الكروية في العالم، ومع تصنيف الفيفا الجديد الذي وضع الدوري الإنجليزي في الترتيب الأول عالمياً، يليه الإسباني والألماني والإيطالي والبرازيلي والفرنسي، بينما حل الدوري الأمريكي في المركز الـ16 عالمياً، وبذلك يكون الدوري الأمريكي متأخراً بمراحل عديدة على أندية الصف الأول.
ولكون اللاعب الأرجنتيني ميسي له دور كبير في الاهتمام بكرة القدم في إسبانيا وخاصة مع المنافسة لسنوات عديدة مع البرتغالي كريستيانو رونالدو، نجح فريق إنتر ميامي الأمريكي في استقدام اللاعب الأرجنتيني ليونيل ميسي وبصفقة انتقال مجانية، في صفقة وصفت بالمفاجأة.
وتعد هذه خطوة جريئة وتاريخية في مسيرته، خاصة بعدما كان قاب قوسين أو أدنى من العودة إلى ناديه السابق برشلونة، لولا أنه لم يتلقّ عرضاً رسمياً من إدارة النادي، ومع المعضلات العديدة التي تواجه الفريق الكتالوني في إمكانية نجاح الصفقة، بالإضافة إلى أنه ومع تجربته التي كانت دون التوقعات مع النادي الباريسي، والتي تسببت في تحمل ضغوطات كبيرة زاد ثقلها عندما فاز الأخير بكأس العالم مع منتخب بلاده وضد منتخب الديوك الفرنسية، ما زاد من خراب العلاقة مع الجماهير بشكل كبير، وعلى الرغم من أن أرقامه جيدة على مستوى الصناعة والأهداف، لكن وبالنظر إلى المستوى الطبيعي للاعب فقد صال وجال وكسر الأرقام، وكانت التوقعات عليه كبيرة جداً لدرجة أنهم حملوا اللاعب جميع الإخفاقات الحاصلة في النادي الباريسي.
خفايا ومعلومات عن راتب ميسي
وعلى الرغم من أن انتقال ميسي إلى النادي الأمريكي كان بشكل مجاني، لكن بالتأكيد هنالك العديد من الجوانب الاقتصادية الأخرى التي ألزمت النادي بتسخيرها للاعب الأرجنتيني لضمان الموافقة على الانضمام للنادي.
فحسب مقابلة أجراها خورخي ماس مالك نادي إنتر ميامي، مع صحيفة إل باييس الإسبانية، فإن نجم كرة القدم الأرجنتيني ليونيل ميسي سيكسب ما بين 50 مليون دولار و60 مليون دولار سنوياً.
ما سيجعل ميسي اللاعب الأعلى أجراً في الدوري الأمريكي لكرة القدم، وفقاً لموقع transfermarkt، فيما يعتبر السويسري شيردان شكيري، حالياً هو صاحب أعلى دخل في الدوري، براتب سنوي قدره 8153000 دولار.
في حين سيكون دخل ميسي المحتمل على أرض الملعب يتجاوز دخل منافسه منذ فترة طويلة كريستيانو رونالدو، الذي يتقاضى 75 مليون دولار بعد انضمامه إلى نادي النصر السعودي.
وأوضح خوخي ماس أنّ ميسي ستكون له عوائد من شركة أبل، وسوف يحصل على حصة في ملكية إنتر ميامي بعد اعتزاله، بجانب نسبة من أرباح أديداس.
ومع كل هذه المغريات لا ننسى أن الأرجنتيني، رفض عرضاً فلكياً من الدوري السعودي، وتحديداً الهلال، مقابل راتب سنوي يتراوح بين 400 إلى 500 مليون يورو.
التأثير على جماهيرية الدوري الأمريكي
تشير التوقعات إلى أن انتقال ميسي إلى الدوري الأمريكي سيكون دفعة قوية للدوري، وسيزيد من نجوميته وشعبيته، فهو لاعب يحظى بجماهيرية جارفة ومتابعة واسعة حول العالم، ووجوده في الدوري الأمريكي ربما سيجذب انتباه الجماهير من جميع أنحاء العالم لمتابعة المباريات وأخبار الدوري. وبالتالي، سيزيد من قيمة بث المباريات والرعاية، وسيؤدي إلى جذب مزيد من الاستثمارات والشركات الراعية.
كما سيضيف طابعاً جديداً من التنافسية والجودة للدوري، الذي يحظى باهتمام قليل نوعاً ما، فهو لاعب بمهارات استثنائية وقدرات فردية لا مثيل لها، وسيكون منافساً قوياً لبقية اللاعبين في الدوري ومثالاً لهم، وهذا التنافس سيحفّز باقي الفرق واللاعبين على تحسين أدائهم وتقديم مستويات أفضل، ما سيؤدي إلى رفع مستوى اللعب وتطور الدوري بشكل عام على جميع المستويات الفنية والرياضية والاقتصادية.
وكما هو معروف فإن كرة القدم في أمريكا لا تحظى بمتابعة كبيرة؛ إذ إنها الرياضة المصنفة ثالثاً من حيث المتابعة والاهتمام في الولايات المتحدة بعد رياضة كرة القدم الأمريكية وكرة السلة.
لكن مع التوقيع مع لاعب يعتبر هو الأفضل بالتاريخ عند شريحة كبيرة من الجماهير أو من بين الأفضل، لا يسمع اسمه إلّا عبر حصد جميع الألقاب الفردية والجماعية مع النوادي التي لعب معها أو المنتخب بتدرجاته، فبالتالي يرى العديد من الصحفيين والخبراء الرياضيين أن التوقيع مع صاحب الكرات السبع الذهبية هو بمثابة إطلاق دوري جديد بخطة واستراتيجية تسهم في رفع المستوى العام لدوري المحترفين هناك ليصعد إلى مصاف الدوريات الكبرى؛ ما سينعكس على المنتخب الأول، وهذا يشبه ما تقوم به السعودية وسعيها الجدي لجلب لاعبي الصف الأول.
جذب المزيد من اللاعبين الكبار
لذا ربما قد يكون انتقال ميسي إلى الدوري الأمريكي مجرد بداية لجلب المزيد من النجوم العالميين إلى الدوري، على غرار ما حدث مع البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي بمجرد انتقاله إلى نادي النصر، تحولت أنظار العديد من نجوم الصف الأول إلى الأندية السعودية، مثل كريم بنزيمة، ونغولو كانتي، ومارسيلو بروزوفيتش، وروبرتو فيرمينو، والعديد من النجوم الآخرين.
وعادةً ما يسعى الدوري الأمريكي لجذب نجوم كبار من مختلف الدوريات العالمية لزيادة الجاذبية والتنافسية، وربما ينجح البرغوث الأمريكي في دعم ذلك بشكل كبير عن طريق سرقة الأضواء، مثلما فعلها خلال كأس العالم الأخيرة بأداء فردي رائع ربما الأفضل في تاريخ كأس العالم.
ولم يكن ميسي الأول بين اللاعبين الكبار ممن انتقل إلى الدوري الأمريكي، فهنالك العديد من الأسماء التي كانت لها تجربة في الدوري الأمريكي لكرة القدم، مثل ديفيد بيكهام، وزلاتان إبراهيموفيتش، وواين روني، وأندريا بيرلو، وديفيد فيا، وريكاردو كاكا، وتيري هنري، وغيرهم من اللاعبين الكبار الذين ساعد مجيئهم في استقدام لاعبين أكثر بالتدريج لبلاد العم سام.
زيادة الحضور الجماهيري وزيادة الأرباح
مع انضمام ميسي للدوري الأمريكي سرعان ما بدأت تذاكر المباراة الأولى المتوقعة لظهور الأرجنتين ضد نادي كروز آزول المكسيكي من النفاد، وهو أمر ليس بمستغرب، ولكن الأمر الغريب أنه وصل سعر بعض التذاكر المبيعة إلى أرقام قياسية لم تسجل من قبل، فقد نقلت صحيفة CNN، أن هنالك تذاكر بيعت بمبلغ 110 آلاف دولار، فيما يبلغ سعر التذكرة عادةً ووسطياً 487 دولاراً، لكن ومع تأكيد انتقال ميسي قبل أيام تضاعف سعر التذاكر بشكل كبير منذ أوائل يونيو الماضي بنسبة 900%.
ومن أهم الفوائد المتوقعة لقدوم البرغوث الأرجنتيني العمل على زيادة الحضور الجماهيري في المباريات، فالجماهير بالتأكيد ستكون متحمسة لرؤية ميسي يلعب على أرض الولايات المتحدة، وسيتوافد عشاق كرة القدم من مختلف أنحاء العالم لمتابعة مبارياته، وبالفعل قد سجلت تلك المباراة للنجم الأرجنتيني مع فريقة الجديد، رقماً قياسيّاً كأكثر مباراة تمت مشاهدتها على شاشة التلفاز، بواقع 12.5 مليون مشاهدة، لتكون بذلك الأعلى في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وللعلم هذا دون احتساب المشجعين الذين شاهدوه عبر أجهزة الحاسوب أو الهواتف المحمولة أو الأجهزة اللوحية الخاصة بهم من خلال روابط غير رسمية.
وفي تقرير خاص نشرته قناة "تي سي سبورتس" الأرجنتينية عبر موقعها الإلكتروني يوم الأحد، أشارت القناة إلى تحقيق رقم قياسي جديد بفضل تأثير ميسي. حيث تم تسجيل هذا العدد الضخم من المشاهدات على الرغم من حضور ما يقرب من 21 ألف مشجع فقط في مدرجات الملعب، ما جعل المباراة تحظى بلقب "أكثر مباراة كرة قدم مشاهدة على الإطلاق في البلاد".
سيؤثر هذا بالتأكيد على الجو العام للمباريات، وقد يزيد من الحضور الجماهيري بشكل كبير، وهو ما سينعكس على شعبية كرة القدم في أمريكا بشكل عام والدوري الأمريكي بشكل خاص.
التأثيرات الاقتصادية لقدوم ميسي
بالطبع هناك جانب استثماري دفع نادي إنتر ميامي للتعاقد مع ميسي ودفع هذه الامتيازات والراتب المرتفع، لزيادة الاستثمارات في الدوري وتطوير النادي اقتصادياً، فهو لاعب يجلب معه فرصاً اقتصادية كبيرة من حيث بيع تذاكر المباريات، وبيع قمصان الفريق، والرعاة والشركات، وما إلى ذلك.
وقد أشارت صحيفة "أتلايار" الإسبانية في تقرير لها تناول أحد الأسباب التي دفعت ليونيل ميسي إلى الانضمام للنادي، إلى أن شركة أبل قررت المراهنة على الدوري الأمريكي لكرة القدم بشراء الحقوق العالمية للمسابقة لمدة 10 سنوات.
بالإضافة لذلك، ستستضيف الولايات المتحدة مع المكسيك وكندا كأس العالم القادمة 2026، وستضم المنافسة 48 فريقاً لأول مرة في التاريخ. وستكون ميامي واحدة من بين 11 موقعاً لاستضافة المباريات في الولايات المتحدة، لذلك سيمثل وجود ميسي دعاية قوية قبل البطولة بسنوات.
لا شك أن انتقال ميسي إلى الدوري الأمريكي يمثل خطوة جديدة ومهمة في تطوير وتحسين الدوري، وهذا بدا واضحاً وخصوصاً بعد الاحتفاء الكبير الذي طاله من جمهور بعد تسجيله هدف الفوز 2-1 لفريقه الجديد في أول مباراة، كما امتد الاحتفاء إلى منصات التواصل، حيث تناقل الملايين مقطع الهدف، وتصدر اسم ميسي المنصات الأمريكية.
رغم ذلك، تحقيق النتائج المرجوة لزيادة جماهيرية وتطوير الدوري الأمريكي ستكون مرهونة بالعديد من الأمور الأخرى والعوامل التي لابد من من توفرها لتحقيق أكبر استفادة ممكنة من وجود لاعب بهذه المكانة في الدوري هناك.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.