كي ننضج وتتضح لنا الرؤية ونفهم الحياة بشكل أدق، فمن الضروري أن تصعقنا الحياة بتجاربها، خاصة حين نتعرض لمواقف يومية مريرة، فهذه سُنة الكون منذ بدايته.
لذلك سنعيش تجارب كثيرة لنتعلم، وغالبية هذه التجارب تكون قاسية جداً، ووحده لطف ربي من يخفف وطأتها علينا، لكن مع كل ذلك علينا أن نرى كل ما يحدث من الجانب المشرق، فما نمر به من امتحانات ربانية لم تصِبنا إلا لتُظهر لنا مدى قوة وصلابة صبرنا وتطلعنا على خبايا كانت داخلنا لم نكن نعلمها، خبايا كانت موجودة بنا لتخرج في وقتها المناسب، امتحانات صعبة تجعل الضحكة لفترة طويلة ناقصة والابتسامة ملونة بالرمادي، وشعور الفرحة بنجاح خطوة من خطواتنا يظل عالقاً في الحلق لا نتمكن من الجهر به والاستمتاع به كالعادة.
ومع كل هذا تدفعنا هذه الامتحانات لنتعرف على مصادر قوتنا وضعفنا التي كنا نجهلها وتجعلنا نوقن بأنه لا شيء بهذه الحياة يمكن أن يجتاحنا دون أن تكون لدينا القدرة على تخطيه بالرغم من صعوبته، وأنه لا شيء على هذه المستديرة يمكنه كسرنا للحد الذي لا نستطيع النهوض بعده، ليكبر داخلنا اليقين بأن الحياة ستظل تمتحننا ما دمنا نتنفس، وستظل توجعنا كي يتسع داخلنا حجم الإيمان بالأقدار.
وحتى تصير لدينا قابلية هائلة لاستقبال كل شيء مهما كان مراً، فلا نوكل أمورنا ولا نعتمد بحياتنا على أحد سواه سبحانه وتعالى، وعلى أحبتنا المقربين جداً الذين لا سند لنا في هذه البقعة من كوكبنا سوى بعضنا البعض، وكلما لعبت بنا الحياة نعود لنتكئ على كتف بعضنا وقت الحاجة، يتضاعف إيماننا بحدسنا الذي يحذرنا وقت اللزوم، ونكتشف أن الكثيرين ينتظرون سقوطنا كي يركبوا على الموجة.
حتى أولئك الذين يتظاهرون بالحب تجاهنا سنجد من بينهم من يقوم بنشر شدتنا بغرض التشفي ونشر لحظات ضعفنا ليُرضي غروره، ويقتنص الفرص ليحكي بسيرتنا لتمرير وقته على المائدة مساءً برفقة أحبائه، وفي المقابل نجده يبتسم لنا نفاقاً كلما لمحنا وكأنه يحمل همومنا، لنتأكد أنه لا شيء يستحق أن نراهن عليه.. لا الأشخاص ولا الأشياء.. كلهم زائلون ينتظرون فقط اللحظة الحاسمة مما يدعونا إلى ألا نثق سوى بالخالق عز وجل، وفتات قليل، قليل جداً من الأشخاص الذين ما زال بهم الخير ويمكن الاعتماد عليهم عند الضرورة، هؤلاء من النماذج التي طحنتها الحياة بامتحاناتها مثلنا تماماً، ومهما حدث سنجدهم بجوارنا، يخففون عنا حجم العواصف التي تحاول اقتلاعنا.
وحتى لا ننهزم يبقى أملنا بلطف الله سبحانه وتعالى هو النجاة الحقيقية التي تنتشلنا كلما أوشكنا على السقوط، فالحمد لله وألف شكر له سبحانه، وشكراً لمن يتحملنا طيلة فتراتنا العصيبة ويصبر على تقلباتنا ومزاجيتنا السيئة، نأمل ألا يصاب أحدكم بالفزع من المكان الذي عاهده بالطمأنينة دائماً.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.