رغم أنها محظورة دولياً وحلفاء أوكرانيا متخوفون منها.. لماذا تصرّ واشنطن على تسليم القنابل العنقودية لكييف؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/07/14 الساعة 12:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/07/14 الساعة 12:32 بتوقيت غرينتش
القنابل العنقودية / Wikimedia Commons

القنابل العنقودية هي أسلحة تطلق العديد من القنابل الصغيرة على مساحة واسعة مسببة ضرراً لأي شخص داخل دائرة نصف قطرها الانفجار، بغض النظر عما إذا كانوا مقاتلين أو غير مقاتلين.كما أن معدل فشلها مرتفع، مما يعني أن العديد من القنابل الصغيرة لا تنفجر عند الارتطام وتبقى كذخائر غير منفجرة يمكن أن تقتل أو تشوّه الأشخاص الذين يواجهونها لاحقاً، غالباً بعد سنوات أو عقود من النزاع.

فهي تسبب مشاكل إنسانية واقتصادية طويلة الأمد من خلال تلويث الأرض وإعاقة التنمية والزراعة وإعادة الإعمار والوصول إلى الخدمات الأساسية. وإنها تؤثر بشكل غير متناسب على الأطفال، الذين من المرجح أن يلتقطوا القنيبلات بدافع الفضول، أو يخطئوا في أنها ألعاب. وإنها تنتهك القانون الدولي الإنساني ومبادئ التمييز والتناسب والحيطة في سير الأعمال العدائية. 

ومع ذلك، على الرغم من هذه المخاوف والانتقادات الخطيرة، لا تزال بعض الدول تستخدم القنابل العنقودية في النزاعات المسلحة مثل روسيا وأوكرانيا في حربهما المستمرة. حيث أكد فاليري شيرشين، المتحدث باسم منطقة تافريا العسكرية بجنوب أوكرانيا تصريحات لقائده بأن الذخائر وصلت بعد أسبوع من إعلان الولايات المتحدة عزمها إرسالها كجزء من حزمة مساعدات عسكرية جديدة تصل قيمتها إلى 800 مليون دولار، والتي تشمل أيضاً مركبات مدرعة وأسلحة مضادة للدروع.

وتقول الولايات المتحدة إن القنابل العنقودية أكثر أماناً من تلك التي تستخدمها روسيا بالفعل في الصراع، وإنها ضرورية لردع الغزو الروسي وحماية المدنيين الأوكرانيين. كما تقول الولايات المتحدة إن القنابل العنقودية لها فائدة عسكرية مشروعة، وإن مخزوناتها متوافقة مع معايير تقنية معينة، تقلل من معدل فشل القنيبلات. 


هنا سوف نأخذ الأسباب المؤيدة والمعارضة لقرار الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا بالقنابل العنقودية، ونحلل تأثيرها على الصراع، وعلى المدنيين والمجتمع الدولي.


دعم  أوكرانيا ضد روسيا

وفقاً للتقارير، فإن قرار الولايات المتحدة بتزويد كييف بالقنابل العنقودية هو من أجل ردع المزيد من العدوان الروسي. إذ سيُظهر قرار الولايات المتحدة أيضاً التزامها بسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، فضلاً عن الدفاع عن دورها القيادي في أوروبا وخارجها.

كما سيعالج القرار الأمريكي نقص الذخيرة في أوكرانيا لأنظمة المدفعية والصواريخ ويعزز قدراتها العسكرية وقوتها النارية لأن القنابل العنقودية أكثر فعالية من القذائف التقليدية في مهاجمة أهداف كبيرة ومتفرقة مثل تجمعات الجنود والمركبات الروسية،خاصة في المناطق الحضرية. وتريد أوكرانيا إنهاء التفوق العددي لروسيا في المدفعية،حيث تمتلك روسيا أكثر من 2000 قطعة مدفعية وقاذفة صواريخ منتشرة بالقرب من الحدود مقارنة بـ 1000 قطعة في أوكرانيا. 


التسبب في المزيد من الخسائر والأضرار في صفوف المدنيين

بينما تأتي الاعتراضات ضد قرار الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا بالقنابل العنقودية بأنها ستسبب المزيد من الضحايا المدنيين والأضرار أثناء الهجمات وبعدها. حيث أن القنابل العنقودية هي أسلحة عشوائية بطبيعتها يمكن أن تضرب أي مكان وأي شخص ما يجعلها خطرة على المدنيين الذين يعيشون في مناطق النزاع أو بالقرب منها.


انتهاك القانون الدولي الإنساني


سبب آخر ضد قرار الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا بالقنابل العنقودية، هو أنها تمثل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني ومبادئ التمييز والتناسب والحيطة في سير الأعمال العدائية. فالقنابل العنقودية محظورة على نطاق واسع من قبل أكثر من 100 دولة، بموجب اتفاقية الذخائر العنقودية، التي تحظر استخدام وإنتاج ونقل وتخزين هذه الأسلحة. إذ تهدف الاتفاقية إلى منع الضرر الإنساني الذي تسببه القنابل العنقودية ومساعدة ضحايا هذه الأسلحة. يشار إلى أنه لم تنضم الولايات المتحدة وأوكرانيا وروسيا إلى الاتفاقية وتواصل إنتاج القنابل العنقودية أو امتلاكها أو استخدامها. 


وتجادل الولايات المتحدة بأن القنابل العنقودية لها فائدة عسكرية مشروعة، وأن مخزوناتها متوافقة مع معايير تقنية معينة تقلل من معدل فشل القنابل. 

رغم ذلك، انتقدت جماعات حقوق الإنسان وغيرها من المدافعين عن حقوق الإنسان قرار الولايات المتحدة بإرسال القنابل العنقودية إلى أوكرانيا، قائلين إنه سيؤدي حتماً إلى معاناة طويلة الأمد للمدنيين ويقوض المعايير الدولية ضد هذه الأسلحة. وقد حثوا الولايات المتحدة على الانضمام إلى الاتفاقية والتوقف عن تزويد أي دولة بالقنابل العنقودية. كما دعوا أوكرانيا وروسيا أيضاً إلى التوقف عن استخدام القنابل العنقودية والانضمام إلى الاتفاقية.


في مقابل استخدام روسيا للقنابل العنقودية


في المقابل تتحجج واشنطن بأن تزويد أوكرانيا بالقنابل العنقودية يأتي رداً على استخدام موسكو لقنابلها العنقودية في أوكرانيا، بمعدل فشل انفجار كبير يصل إلى 40%، مما تسبب في العديد من الإصابات والأضرار في صفوف المدنيين. 

ورغم اعتراف مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان بالخطر المحتمَل لإلحاق الأذى بالمدنيين بسبب الذخائر التي لا تنفجر من القنابل العنقودية، ما زلت الولايات المتحدة تجادل بأن قنابلها العنقودية أكثر أماناً من تلك التي تستخدمها روسيا، حيث لا يتجاوز فشل الأمريكية الـ2.3% حسب قولها، في حين عبّر حلفاء مقربون من الولايات المتحدة، منهم بريطانيا وكندا وألمانيا، عن رفضهم استخدام الذخائر. 

رغم ذلك، تصر واشنطن على أنه من خلال تزويد أوكرانيا بالقنابل العنقودية، فإنها ستردع روسيا عن زيادة تصعيد الصراع أو استخدام المزيد من أسلحة الدمار الشامل، مثل الأسلحة الكيميائية أو النووية.


المزيد من عدم الاستقرار في الساحة الدولية 


من خلال تزويد أوكرانيا بالقنابل العنقودية، ربما تواجه الولايات المتحدة مزيداً من الإدانة الدولية، فضلاً عن المعارضة والنقد المحلي لتصعيد النزاع وتزويد أوكرانيا بأسلحة غير إنسانية. وقد يؤدي قرار الولايات المتحدة أيضاً إلى زيادة عدم اليقين والمسؤولية عن نتيجة الصراع، بالإضافة إلى المساءلة والمسؤولية عن العواقب الإنسانية والبيئية لاستخدام القنابل العنقودية في أوكرانيا.

وقد يثير القرار الأمريكي أيضاً المزيد من الانتقام والتصعيد من روسيا أو حلفائها، الذين قد يقطعون إمدادات الطاقة أو يشنون هجمات إلكترونية أو يدعمون قوات بالوكالة في مناطق أخرى. وقد يؤدي هذا القرار أيضاً إلى مزيد من عدم الاستقرار والعنف في مناطق أخرى، حيث تتنافس الولايات المتحدة وروسيا على النفوذ والأمن في أوروبا وخارجها. وقد يشعل سباق تسلح جديد أو ما يشبه الحرب الباردة الجديدة مع قيام الولايات المتحدة وروسيا بتطوير ونشر المزيد من أسلحة الدمار الشامل.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]



مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ألطاف موتي
باحث اقتصادي باكستاني
عضو اللجنة الدائمة للمسؤولية الاجتماعية للشركات، واتحاد غرف التجارة والصناعة الباكستانية كراتشي، باكستان. باحث سياسي واقتصادي، ومستشار الهيئات التجارية الحكومية وغير الحكومية، ورئيس شبكة التعليم في باكستان.
تحميل المزيد