وفقاً لمواقع محلية باكستانية، اجتمعت القيادة العليا للحزبين السياسيين الرئيسيين في باكستان، الرابطة الإسلامية الباكستانية (PML-N) وحزب الشعب الباكستاني (PPP) أصحاب التاريخ الطويل المليء بالحب والكراهية، مؤخراً، وعقدا جلسات طويلة حول سياسات واسعة النطاق، بما في ذلك التحديات التي من المحتمل أن يواجهها الجانبان في الانتخابات العامة المقبلة، والتي ستجرى في شهر أكتوبر/تشرين الأول هذا العام، لكن النتيجة لا تزال غير حاسمة بشأن عقدها في موعدها أو تمديدها على الأقل حتى مارس من العام المقبل.
ووفقاً لتلك المصادر: "لقد ناقشوا التكوين المؤقت المستقبلي بما في ذلك رئيس الوزراء المؤقت الذي يمكن أن يكون إما من القطاع المالي أو قاضياً متقاعداً في المحكمة العليا (SC)"، وأنهم قد توصلوا تقريباً إلى توافق في الآراء حول حل المجالس -الوطنية والإقليمية في أغسطس/آب- وفقاً للجدول الزمني.
في نفس السياق، أقر مجلس الأمة الباكستاني في الـ26 من يونيو/حزيران 2023 قانوناً يحد من الفترة التي يحرم فيها نائب من أهليته للترشح، وهو ما يمهد الطريق لعودة رئيس الوزراء الأسبق المقيم في المنفى، نواز شريف، إلى الحياة السياسية.
وقد أقيل شريف، الذي تولى رئاسة الوزراء 3 مرات، من منصبه عام 2017 بسبب مزاعم فساد، وكان يقضي عقوبة بالسجن 7 سنوات قبل أن تمنحه محكمة لاهور العليا كفالة لأجل غير مسمى لأسباب طبية، وبعد ذلك انتقل إلى بريطانيا لتلقي العلاج.
ويبدو أن حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية، العضو في الحكومة الائتلافية الحالية، التي يرأسها شقيقه شهباز شريف، هو من مرر هذا القانون؛ لأجل إعادة نواز شريف قبل الانتخابات التشريعية، المقرر إجراؤها في أكتوبر المقبل. لكن يعتقد الحزب أنه سيكون من الصعب عليه العودة وإدارة الحملة الحزبية.
في ظل هذه الظروف، من غير المرجح عودته المحتملة قبل منتصف سبتمبر؛ لأنه بسبب العطلات الصيفية للمحكمة من غير المرجح أن يتم قبول دعواه قبل منتصف أغسطس. ثانياً، يتردد الحزب أيضاً في تقديم أي طلب في مثل هذه الظروف أمام المحكمة العليا، طالما كان رئيس القضاة الحالي عمر عطا بانديال موجوداً هناك، سيتقاعد في 17 سبتمبر 2023.
من ناحية أخرى، يؤيد حزب الشعب الباكستاني والرئيس السابق آصف علي زرداري إجراء انتخابات مبكرة، أي في غضون 90 يوماً بعد حل المجالس، حيث لا يواجه هو وحزبه تحديات مثل حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية.
من الناحية القانونية، هناك أيضاً خلافات في الرأي حول إمكانية تأجيل الانتخابات لمدة ستة أشهر أو سنة أو لا.. فالبلاد ليست في وضع استثنائي، مثل الحرب أو كارثة وطنية كبرى؛ لذلك، لن يكون من السهل جداً دفع الانتخابات إلى موعد أبعد من ذلك.
وهذا بالتأكيد ليس وضعاً مريحاً لكل من حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية ورئيس الوزراء السابق نواز شريف؛ لكن يبدو أيضاً أن قيادة حزب الشعب الباكستاني مستعدة للعمل عليها مع حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية، في حال إمكانية إزالة جميع العقبات القانونية والسماح لشريف بالعودة والتنافس في استطلاعات الرأي.
فقد ناقش الجانبان أيضاً سيناريو ما بعد الانتخابات في حالة فوز الحزبين وحلفائهما بالأغلبية وتوصلوا إلى تفاهم حول حكومة ائتلافية كبيرة، وقد ناقشوا بشكل غير رسمي المرشحين المحتملين لمنصب رئيس الوزراء.
وقالت نفس المصادر إن قيادة حزب الشعب الباكستاني سألت نواز شريف عما إذا كان سيرشح نفسه لرئاسة الوزراء للمرة الرابعة – بشرط الحصول على تصريح من المحكمة. كما سئل زرداري نفس السؤال، ويبدو أن كلاهما يريد "مرشحهما" في المرتبة الأولى. ولم يناقش في هذه المرحلة اسم رئيس حزب الشعب الباكستاني بيلاوال بوتو زرداري أو مريم نواز.
قيادة حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية على ثقة من إزالة اسم نواز شريف وأنه سيخوض الانتخابات العامة المقبلة، بينما المعركة القانونية لم تنته بعد. والجدير بالذكر أنه لم يستطع خوض انتخابات 2018 آنذاك، فأصبح حينها خصمه السياسي اللدود عمران خان رئيساً للوزراء. لذا اليوم يرغب شريف في العودة إلى السلطة؛ ليثبت أن الإطاحة به في عام 2017 كانت خاطئة.
وهنا نتنقل لنقطة مهمة في سباق الانتخابات، وهي مستقبل ومصير الزعيم الباكستاني الأكثر شعبية عمران خان، رئيس حركة إنصاف (PTI)؛ لا أحد يمكنه الجزم بطبيعة الحال، لكن من المهم هنا ذكر أن القبض على خان لم يكن في سياق محاكمته بتهم تتعلق بالكسب غير المشروع أو الفساد، بل على خلفية اتهامه مسؤولاً عسكرياً كبيراً بمحاولة اغتياله، واتهامه قائد الجيش السابق بالتسبب في الإطاحة به من منصبه رئيساً للوزراء العام الماضي.
في نفس السياق، تمر حركة أنصاف وانصارها بواحدة من أصعب فتراتها لا سيما بعد أن اشتبك أنصار خان مع الشرطة وأغلقوا طرقاً رئيسية في عدة مدن، واقتحموا مباني عسكرية في لاهور وروالبندي، لذا من المحتمل أن يواجه بعض العاملين والنشطاء الحزبيين إلى جانب القيادة المحلية للمحاكمة في المحاكم العسكرية، وهذا ما يجعل الإجابة على سؤال: هل يمكن أن يشارك خان في الانتخابات العامة المقبلة أم لا؟ صعبة، إذ لم يتقرر بعد ما إذا كان رئيس الحزب سيُتهم في هذه القضية ويعرض أمام المحاكم العسكرية أم لا.
كل من نزار شريف وزرداري رئيس حزب الشعب الباكستاني على نفس الدرجة فيما يتعلق بتنافسهما السياسي المشترك ضد عمران خان وحركة الإنصاف PTI، إذ يريدان بالتأكيد رؤية خان "غير مؤهل" لخوض الانتخابات.
فقد طوى الجانبان تاريخاً من التنافس وانعدام الثقة، خلال الأشهر الـ14 الماضية منذ أن أطاحا بشكل مشترك بمنافسهما المشترك عمران خان في أبريل/نيسان 2022 من خلال تصويت بحجب الثقة؛ لذلك تبدو الانتخابات القادمة هي الاختبار النهائي لشعبية أي زعيم وحزب.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.