الكبتاغون مخدر تصدَّر عناوين الصحف في الآونة الأخيرة، حيث أصبح مصدراً رئيسياً للأرباح المالية للنظام السوري وحلفائه، فضلاً عن كونه تهديداً وتحدياً جدياً للمنطقة والعالم. ولكن ما هو الكبتاغون بالضبط، ولماذا هو إدمان وخطير ومربح؟ هنا سوف نستكشف أصول وتأثيرات وانعكاسات هذه المادة غير المشروعة التي أطلق عليها اسم "كوكايين الرجل الفقير".
الكبتاغون هو اسم أكثر شيوعاً لمادة تُعرف باسم فينثيلين، وهو دواء مشترك من الأمفيتامين والثيوفيلين. إنه منبه شديد الإدمان يمكن أن يسبب النشوة وزيادة اليقظة وتقليل التعب وتحسين الأداء البدني والشهية المكبوتة. ويمكن أن يكون له أيضاً آثار سلبية مثل القلق والأرق والبارانويا والهلوسة والعدوانية والذهان ومشاكل القلب والأوعية الدموية.
وتم تصنيع الكبتاغون لأول مرة في عام 1961 كبديل أكثر اعتدالاً للأمفيتامين والميثامفيتامين المستخدم في علاج التغفيق والتعب واضطراب نقص الانتباه.
وتم حظره في معظم البلدان في الثمانينيات بسبب احتمال إساءة استخدامه ونقص الاستخدام الطبي. ومع ذلك، استمر إنتاج الكبتاغون والاتجار به بشكل غير قانوني في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة في سوريا، حيث يُعدّ من أكثر المخدرات الترويحية انتشاراً بين الشباب الأثرياء، ومصدر دخل للجماعات المسلحة.
رابط بين الكبتاغون وحكومة بشار الأسد
اتُّهمت الحكومة السورية بالتورط في تجارة الكبتاغون، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال السماح لحلفائها والشركات التابعة لها بإنتاج المخدرات وتهريبها عبر الحدود.
في مارس 2023، فرضت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على العديد من الأفراد والكيانات المشتبه بتورطهم في تجارة الكبتاغون، بما في ذلك اثنان من أبناء عمومة الرئيس الأسد: سامر كمال الأسد ووسيم بادي الأسد. وورد أن سامر كمال الأسد يمتلك مصنعاً لإنتاج الكبتاغون في منطقة القلمون بالقرب من الحدود السورية اللبنانية. وسيم بادي الأسد متهم بالمساعدة في تهريب كميات الكبتاغون المهربة وغيرها من المخدرات في جميع أنحاء المنطقة بدعم ضمني من النظام السوري.
وكشف تحقيق مشترك أجرته "بي بي سي نيوز عربية"، ومشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP)، عن روابط مباشرة جديدة بين تجارة الكبتاغون وأعضاء قياديين في القوات المسلحة السورية وأسرة الرئيس الأسد.
ووجد التحقيق أدلة على وجود زعيم ميليشيا متحالف مع النظام، راجي فلحوت، كان بحوزته أكياس من حبوب الكبتاغون، وآلة لضغط الحبوب، وبطاقة هوية عسكرية سورية، وهاتف محمول غير مقفل، يحتوي على رسائل مع جهة اتصال لبنانية مرتبطة بحزب الله. كما وجد التحقيق أن بعض حبوب الكبتاغون التي صادرتها السلطات في الأردن كانت تحمل علامات تتطابق مع تلك الموجودة على الحبوب التي تنتجها المصانع التي يملكها رامي مخلوف، وهو ابن عم آخر للرئيس الأسد يخضع لعقوبات أمريكية بسبب الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان.
الآثار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية لتجارة الكبتاغون:
إن تجارة الكبتاغون ليست مشكلة لسوريا فقط، ولكن أيضاً للدول المجاورة لها وخارجها. حيث انتشر المخدر في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ووصل إلى دول الخليج؛ حيث يحظى بشعبية بين الشباب ورواد الحفلات وحتى الحجاج الدينيين. كما وصل إلى أوروبا وأفريقيا وآسيا حيث وجد أسواقاً ومستهلكين جدداً.
وقد غذى المخدر أيضاً العنف والجريمة والفساد والإرهاب وعدم الاستقرار في المنطقة والعالم.
من أيضاً يشارك في تجارة الكبتاغون؟
تجارة الكبتاغون ليست حكراً على النظام السوري وأتباعه. إنها تضم ميليشيات محلية ومهربين ورجال أعمال وسياسيين لديهم صلات بالشبكات السورية أو يعملون بشكل مستقل للاستفادة من التجارة المربحة. كما تشمل بعض الجماعات المسلحة في سوريا، مثل هيئة تحرير الشام، وهي جماعة متطرفة تسيطر على أجزاء من محافظة إدلب، وتفيد التقارير أنها تنتج المخدرات وتبيعها. وهي تشمل أيضاً جهات فاعلة دولية، مثل تجار المخدرات والمنظمات الإجرامية والمستهلكين في بلدان مختلفة، ولا سيما في منطقة الخليج، وكذلك في أوروبا وإفريقيا وآسيا، حيث زادت مضبوطات الكبتاغون في السنوات الأخيرة.
تاريخ الكبتاغون في سوريا
تم إدخال الكبتاغون لأول مرة إلى سوريا في أواخر التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما جلب المهربون من البلقان المخدرات إلى البلاد، حيث كانت تحظى بشعبية بين الشباب الأثرياء ورواد الحفلات.
ورأى بعض رجال الأعمال والمسؤولين السوريين فرصة للاستفادة من المخدرات، وبدأوا في إنشاء مرافق إنتاج خاصة بهم باستخدام السلائف الكيميائية المستوردة من أوروبا والصين والهند. ولم تتخذ الحكومة السورية إجراءات صارمة ضد تجارة الكبتاغون، حيث وفرت مصدر دخل ونفوذاً لبعض حلفائها وداعميها.
في عام 2011، عندما اندلعت الحرب الأهلية السورية، زاد الطلب والعرض على الكبتاغون بشكل كبير، حيث استخدم كلا طرفي الصراع المخدرات لتعزيز قدراتهم القتالية والتعامل مع أهوال الحرب. كما أصبح الكبتاغون مصدر تمويل لجماعات مسلحة مختلفة، مثل الجيش السوري وفصائل الثوار والجماعات المتطرفة، التي تنتج المخدرات وتبيعها لتمويل عملياتها. وخلقت الحرب أيضاً ظروفاً مواتية لتوسيع تجارة الكبتاغون، مثل ضعف الرقابة على الحدود، وغياب القانون، والفساد، والفقر، والنزوح.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.