تشهد الضفة الغربية والقدس تصاعداً في الأحداث الأخيرة، وقد يكون هذا التوتر بداية لاندلاع انتفاضة ثالثة قد تؤدي إلى تفجير الأوضاع في الأراضي المحتلة وتعطيل أي جهود لتحقيق عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. يُعَدّ هذا التصعيد جزءاً من سياسة رسمية لإسرائيل تهدف إلى خلق حالة من الفوضى في ساحة الصراع.
تتمثل خطورة هذا التصعيد كونه ضمن استراتيجية تدريجية غير معلنة للضم التي تتبعها إسرائيل تجاه الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، مما يضعف الموقف الفلسطيني ويزيد من تباعد الفلسطينيين عن بعضهم البعض.
الجدير بالملاحظة أن ما تشهده الأراضي الفلسطينية تعدى مرحلة الاستيطان وانتقل إلى مرحلة جديدة من ضم أجزاء كبيرة من أراضي الضفة الغربية إلى جانب شق طرق خاصة بقطعان المستوطنين ضمن سياسة فاشية تهدف إلى تقطيع أواصر المدن الفلسطينية وحشر الفلسطينيين في "كانتونات" مغلقة في المدن والبلدات والقرى ومن أجل إحكام السيطرة على الفلسطينيين.
تحت اسم"بيت وحديقة" تأتي العملية العسكرية للاحتلال في جنين، ضمن إطار استكمال عملية الضم التي أعلنتها الحكومة الإسرائيلية ضمنياً من خلال عزمها على بناء 4560 وحدة سكنية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، وإدراجها في جدول أعمال المجلس الأعلى للتخطيط.
وهذه العملية واسعة النطاق قد صدّق عليها رئيس الوزراء ووزير الدفاع منذ حوالي أسبوع ونصف بالتنسيق مع جهاز الأمن العام "الشاباك" والجيش.
وللتأكيد على النية المبيتة، قامت حكومة الاحتلال الإسرائيلي باتخاذ قرار يمنح رئيس حزب الصهيونية الدينية والوزير أيضًا في وزارة جيش الاحتلال، بتسلئيل سموتريتش، صلاحيات واسعة لتيسير وتسريع عملية الاستيطان.
يهدف الاحتلال الإسرائيلي من هذه العملية والتصعيد الحالي لتركيع الشعب الفلسطيني والقضاء على المقاومة الفلسطينية الباسلة التي نشهد فصولها كل يوم ضد هذا الاحتلال وسياساته العنصرية والدموية.
لذلك، تسعى حكومة الاحتلال لبناء المستوطنات بالدم وعن طريق إفشال جميع الجهود الإقليمية والدولية الرامية لوقف جميع الأعمال الأحادية، التي تصر على الاستمرار بها.
إن استمرار توحش الاحتلال ربما يدفع بهذا التصعيد ليكون لحظة فارقة، توحد الجهود الفلسطينية وتدفع بالعمل بشكل فوري وجاد على إنهاء الانقسام الفلسطيني.
إذ يتوجب اليوم أكثر من أي يوم مضى بجانب المقاومة التوجه إلى كل المؤسسات والهيئات الدولية لمحاصرة الاحتلال، وتأطير الحالة الجماهيرية بتشكيل القيادة الوطنية الموحدة لتقود نضالات الشعب الفلسطيني، لتصل إلى مرحلة العصيان الوطني وبناء استراتيجية وطنية بديلة لاتفاقية أوسلو.
استراتيجية سياسية قائمة على مقاومة الاحتلال في الميدان بكل الأشكال وعلى الساحة الدولية، بهدف رفع مكانة الدولة الفلسطينية من عضوية مراقبة إلى عضوية كاملة.
لعلها تنجح في إقامة دعوة إلى عقد مؤتمر دولي لتطبيق قرارات الشرعية الدولية التي تهدف إلى رحيل الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من قيام دولته الفلسطينية بكامل السيادة على حدود الرابع من يونيو/حزيران عام 1967. وتحقيق حق العودة للديار التي هجروا منها بتطبيق قرار 194، وتحقيق حق تقرير المصير.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.