بعد التوصل إلى اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، تبذل مصر جهوداً لإجراء محادثات مع الفلسطينيين والجانب الإسرائيلي بهدف التوصل إلى اتفاق يمكّنها من فرصة استخدام حقل غاز طبيعي في شرق البحر الأبيض المتوسط، قبالة سواحل قطاع غزة.
فبعد شهور من المفاوضات الثنائية السرية وسنوات من المعارضة الإسرائيلية لاستخراج الغاز الطبيعي من تلك المنطقة، تمكنت مصر من إقناع إسرائيل بالبدء في استخراج الغاز الطبيعي قبالة سواحل قطاع غزة.
قامت الشركة الوطنية بحفر بئرين تحت مسمّى "مارين غزة 1" و "مارين غزة 2″، وتقدّر الكمية المكتشفة من الغاز بنحو 1.4 تريليون قدم مكعبة، ما يكفي لتلبية احتياجات قطاع غزة والضفة الغربية لمدة 15 عاماً، وفقاً لمعدلات الاستهلاك الحالية.
ويمتلك صندوق الاستثمار ومجموعة اتحاد المقاولين حصة تبلغ 27.5% من حقل غاز غزة، بينما تتولى الشركة المشغلة المسؤولية عن النسبة المتبقية. تجري محادثات جادة للتوصل إلى اتفاق إطار ينظم الاستغلال المشترك لهذا الحقل.
الموقف الإسرائيلي
تمكنت مصر أيضاَ من إقناع إسرائيل بالبدء في استخراج الغاز من الحقل الفلسطيني بعد تطويره، وتأثرت هذه القرارات بالضغوط الخارجية المرتبطة بالحاجة الأوروبية الملحة للغاز في ظل الأزمة الحالية التي تشهدها العالم نتيجة الصراع الروسي-الأوكراني.
تتمحور المفاوضات الجارية حالياً حول الآليات وتوزيع الحصص وتوزيع الإيرادات، وربما تشهد المفاوضات تقدماً كبيراً في هذا الصدد.
وتطمح الأطراف الفلسطينية إلى إتمام المفاوضات قبل نهاية العام، والوصول إلى اتفاق يلبي مصالح جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك فلسطين ومصر وإسرائيل.
انقسام السلطة يقف عائقاً أمام تدفق الغاز للشعب الفلسطيني
منذ أسابيع وضعت حماس وفصائل فلسطينية أخرى لافتة كبيرة عند مدخل "ميناء غزة للصيادين" (غرب غزة) كتب عليها باللغتين العربية والإنجليزية "غازنا حقنا!". وظهرت أيضاً ملصقات تابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة، وعلى الطرقات في القطاع تدعو إلى "الاستفادة من غاز غزة".
ويجب الذكر أن السلطة الفلسطينية عام 1999، قامت بتكليف شركة "بريتش غاز" البريطانية بأعمال التنقيب عن الغاز على شواطئ القطاع، في إطار الجهود المشتركة بين إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية.
وتتفق إسرائيل والسلطة في الضفة على عدم استفادة حماس من الغاز وجميع الثروات الطبيعية في غزة، وهذا ما لا تتفق عليه حماس التي تسيطر على قطاع غزة وفي يدها القوة لتعطيل كل شيء.
حيث ترى حماس أن السلطة غير مؤتمنة على هذه العملية، لذا تحرص على أن يكون لها دور فيها، وهو أمر رفضته السلطة بشدة، معوِّلة على قدرة مصر على إقناع حماس بالأمر، على أن تعود بعض عوائد الغاز لدعم وتحسين الأوضاع المعيشية في قطاع غزة.
فوفقاً لتحليل خبراء اقتصاديين، فإن تكلفة تطوير حقل غزة مارين 1 تبلغ 1.1 مليار دولار، وسيسهم في تعزيز خزينة السلطة الفلسطينية بما لا يقل عن 200 مليون دولار سنوياً.
ويرجع هذا الخلاف أو المشكلة الأزلية وهي عدم وجود سلطة موحدة تقوم بإدارة وتوزيع الثروات على الشعب الفلسطيني بشكل عادل.
يسعى كلا الكيانين السياسيين إلى تقديم نفسه كأساس للدولة الفلسطينية المستقبلية، وهذا يشكل مصدراً لعدم الاستقرار في الوقت الحالي سواء على المستوى الداخلي أو الإقليمي.
لذا، تنبهنا المفاوضات الحالية بشأن الغاز على ضرورة التعاطي مع الطروحات السياسية والأمنية الحالية من مبدأ التخفيف من أزمات غزة، بما يكرس تحسين الحياة لسكان القطاع بشكل خاص والشعب الفلسطيني بشكل.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.