في ظل دفع دولي لحلحلة الأزمة الليبية، وجهود من البعثة الأممية للدعم في ليبيا، من خلال اللجنة المشتركة 6+6، والتي وُضعت من مجلس النواب ومجلس الدولة، وبالرغم من توافقات اللجنة، التي تم الإعلان عنها من أبوزنيقة المغربية، لكن تعقيدات مصالح الأطراف الموجودة على الساحة، وحسابات منصب الرئيس هي النقطة الجوهرية ومركز الصراع السياسي الحاصل الآن.
حلقة جديدة من مسلسل العبث السياسي، ومحاولة الهروب إلى الأمام من كل الأجسام السياسية، سواء من النواب أو الدولة، وبعد 9 سنوات لتصدر مجلس النواب للمشهد السياسي بقيادة رئيسه عقيلة صالح، هذا المشهد الذي أدت نتائجه لتأزيم ومعاناة في الوضع المعيشي للمواطن الليبي، وانقسام البلاد "حرفياً"، وفي الوقت ذاته يتسابق أعضاء المجلس وبشكل مستمر على تحصيل كل الامتيازات والمنافع الشخصية، التي لم ينتخبهم الشعب لأجلها، "لا خلاف"!
وفي تحدٍّ واضح لعقل ووعي المواطن، واستخفاف واستهتار بقدراته مازال عقيلة والمؤيدون له يرددون بأن (سن القوانين والتشريعات اختصاص أصيل لمجلس النواب)!
وبعد سلسلة الإخفاقات والأزمات، مروراً بآلاف الضحايا، عبر حروب شهدتها البلاد، وآخرها حرب حفتر على طرابلس 2019، الذي كان يسمى فيما سبق (المؤتمر الوطني العام)، أرجعوه ليكون شريكاً حقيقياً في أهم التشريعات والقوانين التي تمس الدولة، بما فيها قوانين الانتخابات، واختيار المناصب السيادية للدولة.
وهاهم اليوم مع مجلس الدولة يفصلون القوانين الانتخابية بحسب مزاجهم، وفي نفس الوقت طبخات تُعقد بين أبناء المشير حفتر وحكومة الوحدة الوطنية، واجتماعات بين قادة الميليشيات في الغرب والشرق، لمحاولة تقاسم المناصب والحصص في أي حكومة محتملة، أو ربما تعديل وزاري يضمن مصلحة الجميع.
مجلس الدولة بقيادة خالد المشري، والذي بفضل "عقيلة" ومن على شاكلته اليوم أكملوا 11 عاماً في السلطة، ويطمحون للمزيد، وإن تطلّب الأمر تنازلات تقتضيها المرحلة في اجتماعات لجنة 6+6، تطيل بقاءهم في السلطة أطول وقت ممكن.
أيضاً من ناحية أخرى، وبالرغم من الترحيبات الدولية باتفاق اللجنة على المخرجات، ومباركة البعثة الأممية تبقى الحقيقة التي تُقرأ بين السطور في قوانين الانتخابات، سواء النيابية أو الرئاسية، أنها قوانين مفخخة وغير قابلة للتطبيق من حيث المدد الممنوحة والإجراءات .
تبقى مسألة الاتفاق على تكوين حكومة وحدة مصغرة، تشرف على الانتخابات، والإصرار عليها من الطرفين، هي النقطة أو القنبلة التي ستنسف مشروع 6+6 وستقضي عليه قبل أن يُولد، ولكن المبعوث الأممي (عبد الله باتيلي) والبعثة تعلم جيداً هذا الأمر، من خلال مؤشرات وتصريحات سابقة، وستضطر إلى الذهاب إلى سيناريو (الخطة ب)، وسيتم تجاوز المجلسين، حتى وإن تم إعطاؤهم فرصة أخيرة من خلال اجتماعات اللجنة المشتركة، فهي فرصة في "الوقت الضائع"، الأمر الذي أكده ريتشارد نورلاند في تغريدة مبطنة وتصريحات سابقة للسفير والمبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.