الدول خفضت تبرعاتها والوكالة على وشك الإفلاس.. ما مصير اللاجئين الفلسطينيين لو انهارت الأونروا؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/06/08 الساعة 07:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/06/08 الساعة 07:55 بتوقيت غرينتش

أثارت كلمة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، على هامش اجتماع لجنة الجمعية العامة المخصصة لإعلان التبرعات لوكالة "الأونروا"، الذي انعقد بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، الجمعة الماضي، قلقاً ومخاوف تنذر بالخطر نتيجة الأزمة المالية التي تهدد بتوقف خدماتها في شهر سبتمبر المقبل، حيث حذر من أن وكالة الأونروا على وشك الانهيار المالي.

وحسب غوتيريش فإن عدداً من كبار المانحين وأكثرهم موثوقية لوكالة الأونروا أعلنوا أخيراً أنهم قد يخفضون مساهماتهم، وهو أمر مقلق للغاية، حيث تعمل الوكالة الدولية بعجز يقارب 75 مليون دولار، وهو ما من شأنه أن يشكل ضرراً كبيراً على اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس. 

يشكل نقص التمويل عقبة رئيسية في طريق استمرار الخدمات بعد شهر سبتمبر المقبل، الذي سيشهد افتتاح العام الدراسي الجديد، وهو ما من شأنه أن يوقف الدراسة في حال فشلت كل الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة والوكالة لجمع التمويل، لاستمرار تقديم الخدمات. 

هذه المخاوف التي أثارها الأمين العام للأمم المتحدة تتوافق مع تصريحات المفوض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني، الذي أشار إلى أن الأونروا لن يكون لديها تمويل أو نقد، اعتباراً من سبتمبر المقبل، لمواصلة تشغيل مدارسها، كما أن الموارد اللازمة لعمل مراكزها الصحية والخدمات الحيوية الأخرى آخذة في النفاد، حيث تدعم وكالة الأونروا نحو 6 ملايين لاجئ فلسطيني موزّعين في لبنان وسوريا والأردن والضفة الغربية وقطاع غزة.

الأونروا

من جانب آخر، لفت المستشار الإعلامي لوكالة الأونروا، عدنان أبوحسنة، إلى أن من بين أسباب الأزمة توجيه الدعم نحو مناطق أخرى، وأن هناك بعض الدول المهمة أبلغت المؤسسة الأممية باحتمال تخفيض المساعدات لهذا العام، إلى جانب تراجع الدعم العربي المقدم بنسبة 90%، مع الإشارة إلى أن الدول العربية دفعت فقط 3% من ميزانية وكالة الأونروا، حيث قدمت هذه الدول خلال عام 2018 ما قيمته 200 مليون دولار، قبل أن يتراجع المبلغ المدفوع ليصل إلى 20 مليون دولار، منذ شهر يناير عام 2021، ما يعكس حجم التراجع.

كيف سيؤثر وقف الخدمات على حياة اللاجئين الفلسطينيين؟

منذ عشر سنوات تواجه وكالة الأونروا نقصاً في التمويل، وفي كل عام يُرحّل النقص إلى العام الذي يليه، رغم توجيه النداءات والمناشدات في بداية كل عام، لجمع 1.6 مليار دولار من أجل برامجها وعملياتها واستجابتها الطارئة في سوريا ولبنان والضفة الغربية، التي تشمل القدس الشرقية وقطاع غزة والأردن، وتقول المنظمة الدولية إنّ عشر سنوات من نقص التمويل قد أثّرت بشدة على جودة بعض خدمات وكالة الأونروا.

وحسب المستشار الإعلامي لوكالة الأونروا، فإن عدم زيادة موازنة وكالة الأونروا المُقدمة لها منذ عام 2012، إلى جانب ازدياد أعداد اللاجئين الفلسطينيين بوتيرة متسارعة، وزيادة الإقبال على الخدمات المُقدمة، من بين أسباب الأزمة المالية التي تعصف بالوكالة الدولية خلال السنوات الأخيرة.

ووفق مصادر وكالة الأونروا، فإن جميع الأموال التي تم جمعها خلال مؤتمر المانحين الأخير في نيويورك ستذهب إلى نداءات وكالة الأونروا التالية: "ميزانية البرنامج 53 مليون دولار، نداء الطوارئ بالأراضي الفلسطينية المحتلة 32.2 مليون دولار، نداء الطوارئ أزمة سوريا 12.9 مليون دولار، النداء العاجل لزلزال سوريا 2.1 مليون دولار، مشاريع 7 ملايين دولار"، في الوقت ذاته فإن وكالة الأونروا تحتاج لتغطية العجز الحاصل في موازنتها الدائمة أو المنتظمة من أجل الاستمرار في تقديم الخدمات وفتح أكثر من 700 مدرسة أمام الطلبة، و140 عيادة صحية تتبع للوكالة الدولية، ويحصل من خلالها مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين على الخدمة، إلا أن أي توقف للخدمات المُقدمة للاجئين الفلسطينيين سيؤثر وينعكس سلباً على مناطق عمل وكالة الأونروا في لبنان وسوريا والأردن والضفة الغربية وقطاع غزة، الذي يمثل فيه اللاجئون ما نسبته 70%، غير أن هذه الأزمة لم تعد جديدة، وباتت متكررة في كل عام، حيث تدخل وكالة الأونروا كل موازنة جديدة بعجز وديون جديدة، فضلاً عن التراجع الكبير في الخدمات المقدمة من قبل وكالة الأونروا للقطاعات الأساسية، مثل الصحة، والتعليم، وبرنامج الإغاثة المتمثل في المساعدات الغذائية، ما سيؤثر وينعكس بالسلب على اللاجئين الفلسطينيين في مناطق العمليات.

تساؤلات ومخاوف من توقف خدمات وكالة الأونروا: هل أزمة وكالة الأونروا مالية؟

لا يخفى على أحدٍ أن الهجمات السياسية المتكررة على وكالة الأونروا، ومخططات دمج وكالة الأونروا، وغير ذلك، تهدف لإضعاف وتقويض عمل وكالة الأونروا، وصولاً إلى تصفيتها بالكامل، وتحويل وظيفتها إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وتجريدها من المضمون السياسي لها، كي تصبح فقط مجرد قضية إغاثية إنسانية، ومحاولة إلقاء العبء بالكامل على الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين.

لذلك فإن ما تتعرض له وكالة الأونروا من هجمات سياسية هدفه نزع الشرعية عن وكالة الأونروا، وعن قضية اللاجئين الفلسطينيين، ومن جانب آخر فإن أي توقف للخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين سينعكس بالسلب على مناطق عمل وكالة الأونروا في لبنان وسوريا والأردن والضفة الغربية وقطاع غزة، لأن إجمالي المبلغ الخاص بعمل وكالة الأونروا، والمتمثل في 1.4 مليار دولار، يعتبر مبلغاً بسيطاً للغاية بالنسبة للمانحين، إذ يقدمون لدول أخرى مبالغ مضاعفة.

من يتحمّل المسؤولية؟

إن دول العالم مطالبة بإيجاد الحلول اللازمة واتخاذ التدابير المطلوبة للخروج من هذه الأزمة المركبة، لأن المتضرر منها هم ملايين اللاجئين الفلسطينيين، وكذلك تقديم الدعم السياسي والمالي لاستمرار عمل وكالة الأونروا حتى إحقاق الحقوق المشروعة لأبناء اللاجئين الفلسطينيين، وعلى رأسها حقهم في العودة إلى ديارهم التي شردوا منها، وأيضاً على الدول الشقيقة والصديقة تقديم المساهمات لسد عجز وكالة الأونروا، باعتبار أن ذلك يُسهم في حماية اللاجئين ومستقبلهم ومستقبل أبنائهم، ويُستثمر في الأمن والسلم الإقليمي والدولي.

وعليه.. يجب التذكير بالمسؤولية التاريخية للأمم المتحدة، وواجبات الدول تجاه إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني التي طال أمدها، والتذكير بمسؤولياتها القانونية والإنسانية تجاه دعم وكالة الأونروا، وعدم التهرب من دفع مساهماتها المالية تحت ذرائع واهية، لأن استمرار أزمة الوكالة وانعكاسها على اللاجئين سيتحمل مسؤوليته المجتمع الدولي بأسره، باعتبار قضية اللاجئين الفلسطينيين من أطول وأقدم المحن، وسببها الأساسي الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ظاهر صالح
كاتب وصحفي فلسطيني
كاتب وصحفي فلسطيني
تحميل المزيد