قد تتخلف عن سداد ديونها.. ماذا يعني وصول عجز الموازنة الأمريكية لأكثر من تريليون دولار؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/05/30 الساعة 09:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/05/30 الساعة 09:26 بتوقيت غرينتش
ما هو سقف الدين الأمريكي وماذا سيحدث للاقتصاد الأمريكي والعالمي إذا لم يرفع؟ shutterstock

توصّلت حكومة الولايات المتحدة والجمهوريون في الكونغرس إلى اتفاق لتجنب التخلف عن سداد الديون. الصفقة التي تم الإعلان عنها، في 27 مايو 2023، ستزيد سقف الديون بمقدار 480 مليار دولار ليصل 31.4 تريليون دولار، وتتضمن الصفقة أيضاً عدداً من التخفيضات في الإنفاق، والتي من المتوقع أن توفر للحكومة 1.2 تريليون دولار على مدى العقد المقبل.
يأتي الاتفاق بعد أشهر من المفاوضات بين الجانبين، وكان الجمهوريون يطالبون بخفض الإنفاق مقابل رفع سقف الدين الأمريكي، في حين كان الديمقراطيون مترددين في إجراء أي تخفيضات، ومع ذلك وافق الجانبان في النهاية على حل وسط من أجل تجنب التخلف عن السداد.
مع ذلك فإن الصفقة ليست مثالية، ومن المرجح أن تلحق تخفيضات الإنفاق الضرر ببعض الأمريكيين، وقد لا تكون كافية لخفض العجز بشكل كبير، على أي حال ستساعد الصفقة في ضمان استمرار الحكومة الأمريكية في العمل.

ما هي معركة سقف الديون الأمريكية؟

سقف الديون هو حد مفروض ذاتياً على كمية الأموال التي يسمح للحكومة الفيدرالية باقتراضها، حيث تم إنشاء سقف الديون في عام 1917 كوسيلة لمنع الحكومة من إنفاق الكثير من الأموال، ومع ذلك أصبح سقف الديون سلاحاً سياسياً في السنوات الأخيرة.

في عام 2011 هدَّد الجمهوريون بالتخلف عن سداد الديون ما لم يوافق الرئيس أوباما على مطالبهم، والتي تضمنت تخفيضات في البرامج الاجتماعية وإعفاءات ضريبية للأثرياء، ورفض أوباما الانصياع لهذه المطالب، وجاءت الحكومة خلال ساعات من التخلف عن سداد ديونها، وتم التوصل إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة، لكن أزمة سقف الديون سلَّطت الضوء على مخاطر سياسة حافة الهاوية هذه. 

في عام 2023 أصبح سقف الدين الأمريكي مرة أخرى مصدراً رئيسياً للتوتر السياسي، ورفض الجمهوريون رفع سقف الديون ما لم يوافق الديمقراطيون على مطالبهم، والتي تشمل تخفيضات في البرامج الاجتماعية وإعفاءات ضريبية للأثرياء.

يشكل الجمود بين الرئيس بايدن والجمهوريين في الكونغرس بشأن قضية التخلف عن سداد ديون الولايات المتحدة تهديداً خطيراً للاقتصاد الأمريكي والاقتصاد العالمي، وإذا اضطرت الحكومة إلى التخلف عن سداد ديونها فسيكون لذلك تأثير مدمر على الأسواق المالية والاقتصاد العالمي.

الرئيس الأمريكي جو بايدن – رويترز

لماذا بدأت أزمة الديون الأمريكية؟

لقد بدأت مشكلة سقف الديون لأن حكومة الولايات المتحدة كانت تعاني من عجز ضخم في الميزانية لسنوات عديدة، العجز هو الفرق بين إنفاق الحكومة وإيراداتها، وتمكنت الحكومة من تمويل عجزها عن طريق اقتراض الأموال، لكن سقف الديون منع الحكومة من اقتراض المزيد من الأموال.

 كانت حكومة الولايات المتحدة تعاني من عجز في الميزانية لسنوات عديدة بسبب ارتفاع تكلفة الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، هذه البرامج مهمة، لكنها باهظة الثمن أيضاً كما تنفق الحكومة المزيد من الأموال على الجيش وعلى التخفيضات الضريبية.

ما هي حالات التوقف؟

الحكومة الأمريكية حالياً لا تستطيع دفع فواتيرها، حيث قالت وزارة الخزانة إن أموال الحكومة ستنفد في الأول من يونيو 2023، إذا لم يتم رفع سقف الدين الأمريكي وبحلول ذلك الوقت، ستضطر الحكومة إلى التخلف عن سداد ديونها، لكن الصفقة الأخيرة برفع سقف الدين الأمريكي قد تؤجل هذا الطرح لكنها لن تلغيه.

لماذا تنفق حكومة الولايات المتحدة الكثير من الأموال؟

فيما يلي بعض الأسباب المحددة التي تجعل الحكومة الأمريكية تنفق أموالاً أكثر مما تحصلها:
برامج الاستحقاق: تحظى برامج الاستحقاق، مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية بشعبية كبيرة، ومن الصعب سياسياً إجراء تخفيضات عليها، هذه البرامج هي مصدر رئيسي للإنفاق لحكومة الولايات المتحدة.

الحروب: شاركت الولايات المتحدة في حروب في العراق وأفغانستان لسنوات عديدة، فلقد كانت هذه الحروب باهظة الثمن، ولم يتم دفع ثمنها من الضرائب.

التخفيضات الضريبية: خفضت الحكومة الأمريكية الضرائب في السنوات الأخيرة،  أدت هذه التخفيضات الضريبية إلى انخفاض الإيرادات الحكومية.

الركود العظيم: أدى الركود العظيم في 2008-2009 إلى انخفاض حاد في الإيرادات الضريبية، فاستجابت الحكومة الأمريكية بزيادة الإنفاق لتحفيز الاقتصاد. 

أمريكا تواجه كابوس ديون غير مسبوق.. ماذا يعني ذلك بالنسبة للاقتصاد الأمريكي والعالم؟ ، تعبيرية

ما هي التداعيات الخطيرة لرفع سقف الدين الأمريكي؟

إذا لم يتم رفع سقف الدين الأمريكي فستضطر الحكومة إلى التخلف عن سداد ديونها، وإن التخلف عن سداد ديون الولايات المتحدة سيكون له تأثير مدمر على الاقتصاد العالمي.
فيما يلي بعض التداعيات المحددة للتخلف عن سداد ديون الولايات المتحدة:

الركود: من المحتمل أن يؤدي التخلف عن السداد إلى حالة من الركود، حيث ستكون الشركات أقل عرضة للاستثمار، وستقل احتمالية إنفاق المستهلكين، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى فقدان الوظائف وانخفاض النشاط الاقتصادي. 

انهيار سوق الأسهم: من المحتمل أن يؤدي التخلف عن السداد إلى انخفاض حاد في أسعار الأسهم، حيث سيفقد المستثمرون الثقة في الاقتصاد الأمريكي.

معدلات فائدة أعلى: من المحتمل أن يؤدي التخلف عن السداد إلى ارتفاع أسعار الفائدة، حيث سيطالب المستثمرون بعلاوة مخاطر أعلى لإقراض الأموال للحكومة الأمريكية، وهذا من شأنه أن يجعل اقتراض الأموال أكثر تكلفة على الشركات، ما يؤدي إلى إبطاء النمو الاقتصادي. 

انخفاض قيمة الدولار: من المحتمل أن يؤدي التخلف عن السداد إلى انخفاض قيمة الدولار، حيث سيفقد المستثمرون الثقة في العملة الأمريكية، وهذا من شأنه أن يجعل استيراد السلع والخدمات أكثر تكلفة للأمريكيين، ما قد يؤدي أيضاً إلى إبطاء النمو الاقتصادي.

التباطؤ الاقتصادي العالمي: من المرجح أن يؤدي التخلف عن سداد ديون الولايات المتحدة إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، حيث ستكون الشركات أقل عرضة للاستثمار، وستقل احتمالية إنفاق المستهلكين، سيكون لهذا تأثير سلبي على الاقتصادات في جميع أنحاء العالم.

ماذا تعني الصفقة للمستقبل؟

الصفقة بين الحكومة الأمريكية والجمهوريين في الكونغرس هي حل مؤقت، وسيتعين رفع سقف الدين الأمريكي مرة أخرى في المستقبل، ومن غير الواضح ما إذا كان الطرفان سيتمكنان من التوصل إلى اتفاق دون معركة أخرى. كما أن الصفقة لا تعالج المشكلة الأساسية لعجز الميزانية الأمريكية، ومن المتوقع أن يصل العجز لأكثر من تريليون دولار في عام 2024، وليس من الواضح كيف ستدفع الحكومة جميع إنفاقها، والصفقة هي خطوة أولى لكنها ليست كافية لحل المشاكل طويلة الأجل التي تواجه حكومة الولايات المتحدة.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ألطاف موتي
باحث اقتصادي باكستاني
عضو اللجنة الدائمة للمسؤولية الاجتماعية للشركات، واتحاد غرف التجارة والصناعة الباكستانية كراتشي، باكستان. باحث سياسي واقتصادي، ومستشار الهيئات التجارية الحكومية وغير الحكومية، ورئيس شبكة التعليم في باكستان.
تحميل المزيد