ماذا لو انضمت السعودية والإمارات إلى البريكس.. ماذا سيحدث للدولار والاقتصاد العالمي؟

عدد القراءات
770
عربي بوست
تم النشر: 2023/05/25 الساعة 13:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/05/25 الساعة 13:39 بتوقيت غرينتش

تزايدت أهمية مجموعة البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا) للاقتصادات الناشئة في السنوات الأخيرة. والناتج المحلي الإجمالي المشترك لبلدان البريكس هو الآن أكبر من الناتج المحلي الإجمالي لمجموعة السبع (كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة)، ومن المرجح أن ينمو نفوذها الاقتصادي والسياسي في السنوات القادمة. 

ويبلغ عدد سكان دول البريكس مجتمعة أكثر من 4 مليارات نسمة، أي أكثر من نصف سكان العالم. ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي لهذه البلدان مجتمعة أكثر من 20 تريليون دولار، وهو ما يمثل حوالي 25٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وهذه البلدان منتجة رئيسية لسلع أساسية مثل النفط والغاز والمعادن وتستثمر بشكل متزايد في اقتصادات بعضها البعض.. لقد عملوا معاً لإصلاح النظام المالي العالمي. 

في الأشهر الأخيرة، ظهرت تقارير تفيد بأن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة قد تفكران في الانضمام إلى مجموعة بريكس. وإذا انضمت هاتان الدولتان، فسيكون ذلك تطوراً كبيراً له آثار بعيدة المدى على توازن القوى العالمي. 

هناك عدد من الأسباب التي قد تجعل السعودية والإمارات العربية المتحدة مهتمتين بالانضمام إلى البريكس:

أولاً، هذان البلدان منتجان رئيسيان للنفط، وسوف يستفيدان من توثيق العلاقات الاقتصادية مع الصين والهند، وكلاهما من المستهلكين الرئيسيين للنفط.

 ثانياً، تريد كل من السعودية والإمارات موازنة القوة الأمريكية في الشرق الأوسط من خلال الانضمام إلى بريكس.

 ثالثاً، يتطلع كلا البلدين إلى تنويع اقتصاداتهما بعيداً عن النفط، وسيريان الانضمام إلى البريكس كوسيلة للوصول إلى أسواق جديدة وفرص استثمارية. 

رابعاً، سيجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للولايات المتحدة في فرض إرادتها من جانب واحد على المسرح العالمي.

كما أن انضمام السعودية والإمارات إلى بريكس سيشكل تحدياً كبيراً لهيمنة الدولار الأمريكي على النظام المالي العالمي. ويعتبر الدولار الأمريكي حالياً العملة الاحتياطية العالمية، مما يعني أنه العملة المفضلة للتجارة والاستثمار الدوليين. وهذا يمنح الولايات المتحدة قدراً كبيراً من القوة الاقتصادية والسياسية. 

وإذا أضافت مجموعة دول البريكس السعودية كعضو، فإنها ستوقف ممارسة إعادة تدوير البترودولار. ومن المعروف أنه إلى جانب الفوائد الأخرى، تبيع السعودية النفط للولايات المتحدة مقابل الدولار، مما يساعد على إبقاء قيمة الدولار مرتفعة. إذا توقفت دول البريكس عن شراء النفط من السعودية بالدولار، فسوف يضعف الدولار ويجعل من الصعب على الولايات المتحدة اقتراض الأموال. وقد يكون لهذا تأثير كبير على الاقتصاد الأمريكي.

وتعد الصين من أكبر حاملي سندات الخزانة الأمريكية. 

وإذا توقفت الصين عن شراء سندات الخزانة الأمريكية، فسيكون من الصعب على الولايات المتحدة اقتراض الأموال. قد يؤدي هذا إلى ارتفاع أسعار الفائدة وتباطؤ الاقتصاد.

إذا انضمت السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى بريكس، فمن المرجح أن تحذو الدول الأخرى المنتجة للنفط حذوها. قد يؤدي هذا إلى انخفاض كبير في الطلب على الدولار، مما سيزيد من إضعاف الدولار. 

وإذا كانت بريكس ستنشئ عملتها الخاصة، فإنها ستقلل من الطلب على الدولار الأمريكي وبالتالي ستضعف مكانة الدولار الأمريكي كعملة احتياطية في العالم. وهذا من شأنه أن يجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للولايات المتحدة في تمويل عجز ميزانيتها، كما سيجعل من الصعب على حكومة الولايات المتحدة فرض عقوبات اقتصادية على دول أخرى. 

إن إنشاء عملة بريكس سيكون تطوراً كبيراً له آثار بعيدة المدى على توازن القوى العالمي. وسوف يضعف هيمنة الدولار الأمريكي ويمنح الاقتصادات الناشئة مثل الصين والهند المزيد من القوة الاقتصادية والسياسية؛ لذلك من المحتمل أن تقاوم الولايات المتحدة أي محاولة من قِبَل مجموعة البريكس لإنشاء عملتها الخاصة.

بشكل عام، فإن الآثار المحتملة لانضمام السعودية والإمارات إلى بريكس متعددة الأوجه. وفي حين أنه يمكن أن يوفر فوائد اقتصادية كبيرة للبلاد، إلا أنه قد يؤدي أيضاً إلى زيادة التوترات مع الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى، ويمكن أن يثير تساؤلات حول القيم والمبادئ التي تقوم عليها المجموعة. 

باختصار، فإن احتمال انضمام هذين البلدين إلى بريكس يسلط الضوء على الشبكة المعقدة من العوامل التي تشكل سوق النفط العالمي والمنافسة المستمرة على النفوذ بين الدول الرئيسية المنتجة للنفط.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ألطاف موتي
باحث اقتصادي باكستاني
عضو اللجنة الدائمة للمسؤولية الاجتماعية للشركات، واتحاد غرف التجارة والصناعة الباكستانية كراتشي، باكستان. باحث سياسي واقتصادي، ومستشار الهيئات التجارية الحكومية وغير الحكومية، ورئيس شبكة التعليم في باكستان.
تحميل المزيد