استغلت المعارضة التركية تحالف حزب العدالة والتنمية التركي مع حزب الدعوة الحرة (هدى بار) الكردي الإسلامي، لكيل الاتهامات للحزب الكردي باعتباره امتداداً لحزب الله التركي المتهم بأعمال عنف في التسعينيات.
وتتسابق التحالفات التركية للحصول على الأصوات الكردية، والتي تعطى غالباً لحزب الشعوب الديمقراطي الانفصالي، يليها حزب العدالة والتنمية.
واستطاع حزب الدعوة الحرة، الذي تأسس عام 2012، الحصول على 3 مقاعد في البرلمان ترشحوا على قوائم العدالة والتنمية، وهو ما أثار غضب بعض القوميين الأتراك.
حزب الله التركي
تأسس حزب الله التركي في الثمانينيات جنوب شرق تركيا، متأثراً بأفكار الثورة الإيرانية عام 1979 لكن بعقيدة سلفية سنية.
تأسست الحركة على يد شاب كردي يدعى حسين ولي أوغلو، والذي ولد في يناير/كانون الثاني 1952، وتخرج في كلية العلوم السياسية بأنقرة، والذي قتل في اشتباك مسلح مع الشرطة التركية في يناير/كانون الثاني 2001 باسطنبول.
واستطاعت الحركة التغلغل في المناطق الكردية المهمشة، من خلال مساعدة الفقراء والتعاليم الدينية، بالتزامن مع الحرب الضروس بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني، التي راح ضحيتها الآلاف.
حزب الله التركي والتوجه للعمل المسلح
في ظل انقسام الأكراد بين الانفصاليين الماركسيين من حزب العمال الكردستاني، والإسلاميين المحافظين، نشأ صراع قوي بين الحركتين، والذي أسفر عن مقتل أكثر من ألف شخص.
بدأ توجه حزب الله التركي للعنف بعد اعتداء حزب العمال على امرأتين ونزع حجابهما؛ ما أدى لحدوث خلاف بين قادة الحزب حول ضرورة استخدام السلاح، وانقسامه لمجموعتين: جماعة العلم التي انتهجت العنف، وجماعة المنزل التي رفضت العنف.
قاد الحزب عمليات مسلحة ضد حزب العمال الكردستاني بين الأعوام "1990-1995" ما أدى لصراع مسلح دامٍ في المدن التركية أسفر عن مقتل المئات، كما اتهم الحزب بارتكاب مذابح مماثلة للتي ارتكبها حزب العمال، إلا أن الأول استطاع أن يؤسس شعبية واسعة داخل المجتمع الكردي في فترة قصيرة.
اتهم حزب العمال الكردستاني الحكومة التركية بدعم حزب الله لمواجهتهم، ومع انقضاء الخمس سنوات، توقف القتال بين الجانبين بوساطة مرشد الحركة الإسلامية في كردستان العراق الشيخ عثمان عبد العزيز وزعيم حزب الله الثوري الكردي في العراق أدهم البارزاني.
لكن الحزب استمر في العنف ما أدى لاستهدافهم جماعة المنزل، التي رفضت الدخول للقتال المسلح، وهو ما جعل الأجهزة الأمنية التركية تدخل في صراع مسلح ضدهم، انتهى بمقتل زعيم الحركة حسين ولي أوغلو في اسطنبول عام 2001، واعتقال الآلاف من أنصار الحزب.
"العودة للحياة السياسية
مع انتخاب "عيسى التسوي" لقيادة الجماعة عام 2002، أعلن وقف العنف وحل التنظيم العسكري للحركة، كما قامت جماعة المنزل بتأسيس جمعية جديدة باسم "التضامن" لرعاية أسر أكثر من 4 آلاف عنصر من المعتقلين والمطاردين.
مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم عام 2002، بدأت عمليات الإفراج التدريجي عن أنصار الحركة من السجون التركية، وبعد أكثر من 10 سنوات من انتهاء التنظيم، عاد من جديد للدخول للسياسة من خلال حزب الدعوة الحرة "هدى بار – HÜDA-PAR".
استطاعت الجمعية الجديدة "التضامن"، تجميع العشرات من الجمعيات والأوقاف تحت اسم "منتدى محبي رسول الله" ليتم تأسيس حزب الدعوة الحرة "هدى بار" عام 2013.
كما اندلعت مواجهات دامية بين حزب العمال الكردستاني وحزب هدى بار التركي على خلفية الأحداث في سوريا، وهاجم عشرات من حزب العمال منازل أنصار حزب "الهدى بار"، مرددين هتافات مناهضة للإسلام.
في 2014، شارك الحزب في الانتخابات البلدية، وحصل على 7.8% من الأصوات في محافظة باطمان، و4.32% بديار بكر، بينما اكتفى حزب الهدي بار في الانتخابات التالية بدعم حزب العدالة والتنمية، ويؤكد مؤسسو الحزب رفضهم للعنف، وعدم صلتهم مع "حزب الله" التركي.
في 2015 قتل "أيتاك باران"، رئيس جمعية "يني إحيا دير" الإغاثية، المنتمي لحزب "هدى بار" بالرصاص أثناء مغادرته مكتبه في مدينة ديار بكر، والذي اتهم حزب العمال الكردستاني بتدبير الهجوم، وجاء الحادث بالتزامن مع أحداث عنف في المدن الكردية بين أعضاء حزب العمال، وأنصار حزب هدى بار، أدت إلى قتلى وجرحى في الجانبين.
في الانتخابات التركية البرلمانية عام 2023، حصل حزب اليسار الأخضر "الشعوب الديمقراطي"، الواجهة السياسية لحزب العمال الكردستاني، على 8.8% من الأصوات بواقع 61 عضواً في البرلمان، بخسارة 2.9% عن انتخابات 2018، التي حصل فيها الحزب على نسبة 11.7% بعدد مقاعد 61 فرداً، وهو ما حلله مراقبون بحصول حزب الهدى بار على جزء كبير من هذه الأصوات بعد تحالفه مع حزب العدالة والتنمية الحاكم ودخوله البرلمان على قوائمه وحصل على 4 مقاعد في البرلمان.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.