شكل جديد وصوت غريب وسقطات كثيرة.. أين ذهبت أصالة التي أعرفها؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/05/23 الساعة 11:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/05/23 الساعة 11:53 بتوقيت غرينتش
أصالة نصري بعد عمليات التجميل الأخيرة/ الشبكات الاجتماعية

صادفني مقطع فيديو يحمل اسم أصالة، نهاية العام 2022، لكنه لم يكن كأي مقطع فيديو آخر لها، كانت امرأة مختلفة، عن تلك السيدة القوية التي أعرفها وأحبها، تغني بنفس الصوت، لكن الأداء والشكل العام مختلفان تماماً.

منذ ذلك الحين صرت أشعر بغرابة شديدة، كلما صادفني مقطع فيديو يحمل اسمها، في الواقع أحاول تجنب الأمر كلياً، لكن فضولي لا يلبث أن يدفعني لمشاهدتها وأنا أحاول أن أفهم، ماذا حدث، وأتحقق، هل هذه هي فعلاً؟ ليست تلك السيدة هي نفسها مطربتي المفضلة، لذا فالسؤال لا يزال قائماً: "أين ذهبت أصالة حقا؟".

غضب شديد في مصر

يرى البعض أن حالة الغضب التي تم توجيهها ضد أصالة في مصر، مبالغ فيها، بدأت القصة بالكامل في ديسمبر 2022، حين كتبت أصالة عبر صفحتها الشخصية منشوراً، كي تشكر السعودية قالت فيه إنها الحاضنة والداعمة لها ولفنها، ولم تذكر اسم مصر، استفز هذا الكثيرين ممن خرجوا يُذكّرونها بفضل مصر وكرمها على المطربة الكبيرة، لتعتذر أصالة في اليوم التالي للمصريين عما وصفته بـ "سوء الفهم".

 لكن، ورغم مرور شهور عديدة، لم يبدُ أن أحداً نسي أو غفر، لذا، وبمجرد أن أعلنت أصالة، مطلع مايو 2023، عن أنها ستقوم بإحياء حفل في المتحف القومي للحضارة بالقاهرة، تم تدشين حملة من المصريين تدعو لمقاطعتها، بل تم انتقاد المتحف، واتهام القائمين عليه بالاستسهال، والاستعانة بمطربة غير مصرية، وبالذات أصالة، لكن القائمين على المتحف خرجوا لينفوا صلتهم بالحفل المزعوم، أو  وجود أي حفل تابع لهم، وأوضحوا أن الحفل سيقام بحديقة تقع بجانب المتحف، وشددوا على عدم الزج باسم المتحف في أي فعالية دعائية.

الحفل الذي قيل إن حضوره كانوا قليلين جداً، وأن الشركة الراعية-المملوكة لابن أصالة- حاولت إهداء التذاكر دون جدوى، شهد مزيداً من التأكيد من جانب أصالة على مكانة مصر ودورها، مشيرة إلى لكنة أبنائها المصرية، وأن أصدقاءها وأقرب الناس لها مصريون، لكن هذا لم يغير من الأمر شيئاً، لذا قامت أصالة بحذف كل ما يتعلق بالحفل الذي قيل عنه "فاشل" من صفحتها الشخصية، في السابع من مايو.

ولكن هل استحقت أصالة كل هذا الغضب؟ في الواقع نعم، فبداية من الدقيقة رقم 10 من لقاء قديم لها بمصر، ببرنامج "ليلتي" تحدثت أصالة عن مكانة مصر لديها، وقالت: "أدافع عن اختياري الغناء باللهجة المصرية دائماً، و الانتقادات توجَّه لي أني لا أقدر أن أكون أصالة إلا حين أغني باللهجة المصرية، وأن 99% من أغانيَّ باللهجة المصرية، وبدايتي الناجحة كانت هنا في مصر.. أعشق هذا البلد، بحكم أن مشاعري كفنانة تفوق مشاعري كإنسانة، أنتمي كثيراً لمصر وللمصريين، أحرص على وجودي نصف السنة في مصر"، حديث لم يستقم من بعده إسناد الفضل والنعمة إلى السعودية، بأي شكل.

سقطات كثيرة 

لطالما تحلّت أصالة باللباقة الشديدة، وحسن اختيار الكلمات، والتصرف بذكاء، حتى أنه كثيراً ما تمت مقارنتها بشيرين عبد الوهاب، كنقيضين، لكن انقلب كل شيء فجأة، لم يتغير شكل أصالة فقط، ولكن أيضاً تغيرت قدراتها على الحديث، بدأ الأمر بتصريحات السعودية وتوالت المواقف المحرجة لها وللآخرين، لكنني توقفت عند وصفها للعرب بـ"القسوة"، في كواليس حفلها الآخر، واصفة غضب المصريين منها بـ "قلة الرحمة".

ذهبت الأمور مع أصالة إلى ما هو أبعد، لم أصدق عيني حين تابعت ذلك الموقف السخيف الذي وضعت فيها المايسترو المصري هاني فرحات أمام الجمهور، قبل 4 سنوات، حيث أوحت له أنها تشكره، ثم وحين بدأ في تحية الجمهور قالت إنها لم تكن تقصده هو، وإنما المايسترو خالد فؤاد، ما وضع الرجل في حرج شديد، ودفع الكثيرين لوصف ما جرى بـ "قلة ذوق".

لكن أحد أحدث التصرفات الغريبة وغير المنطقية، كان ظهور المطربة التي كانت تنصح الناس بعدم التدخين في كواليس برنامج آراب أيدول وهي تدخن بالفعل، لكن هذا لم يكن كل شيء، فالمطربة الشهيرة لم تتوقف عن إثارة الجدل من بعد تغير شكلها، خاصة حين قامت بتقبيل زوجها أمام الكاميرات في برنامج آراب أيدول. 

هل صارت جميلة حقاً؟

مع كل ظهور لأصالة صرت بحاجة للتحقق إن كان هي فعلاً أو لا، فهي تارة تشبه بسمة بوسيل، وبلقيس فتحي، وتارة تشبه نانسي عجرم، وآخرين، لكن الأكيد أنها لم تعد تشبه نفسها أبداً، لم يعد ثمة شكل ثابت، تكفلت عمليات التجميل من ناحية، وطفرات المكياج من ناحية أخرى بالمهمة، وظللت أنا في كل مرة أراها أشعر بالهلع من فكرة تبدو لي مرعبة جداً: "هل يمكن أن يتغير المرء إلى هذه الدرجة؟!".

أصالة

بمقاييس الجمال البلاستيكي، التي يشبه فيها الجميع الجميع، صارت أصالة "جميلة"، وبمقاييس التفرد، والقوة، والثقة في النفس، اختفت أصالة من الوجود، صحيح أن الشكل الجديد أجمل بالمقاييس العامة، لكن الشكل القديم هو مقياس بحد ذاته.

رسالة مرعبة!

لعل الأمر الأكثر قسوة فيما جرى كلياً، هو تلك الرسالة المرعبة التي قدمتها أصالة لجمهورها العريض بشأن معايير الجمال، رسالة مفادها أن ثمة مقاييس يجب أن يسعى لها المرء ولا ضير في أن ينفق الفنان كثيراً من المال كي يقاوم تقدم العمر، كأن الأمر عيب أو مسألة مستهجنة، توقفت كثيراً أمام تصريحها أن شكلها هو استثمارها، وأن ثمة علاقة بين الشكل والمكانة والعمل، وأن هذا هو دافعها لأن تظل بعمر الـ25 حتى ترحل، أعتقد لو أن الأمر كذلك لما سمع أحد عن السيدة أم كلثوم، السيدة ذات المظهر الوقور والنظارة السوداء، والفساتين المحتشمة، والملامح الجادة جداً، التي لا تتوافق مع المعايير السائدة الحالية، لكنها تتوافق مع جمال "الست" وحدها. youtube.com/watch?v=3ZOzVBwfabo

نجحت الرسالة الحزينة التي أطلقتها أصالة، ضاربة بكل المحاولات والحملات السابقة لأن يحب الناس أنفسهم، وأن يكونوا هم، وليس سواهم، فتحول مظهرها إلى "لوك جمالي مثير" تحاول الصحف والمواقع تقديم الوصفات بشأن كيفية الوصول إليه.

الفنانة الشهيرة صارت تحب نفسها أكثر  بعدما تغيّر شكلها، ولا عزاء لأفكار من قبيل "حبي نفسك حبي حياتك اقبلي قدرك"، فقد انهار كل شيء أمام تصريحات أصالة!

مشكلة في الأداء

تقول أصالة إنها غيّرت شكلها لأجل عملها، ولكنني أتساءل الآن، ماذا عن عملها حقاً؟، ثمة مشكلة لا ماتزال قائمة في فم أصالة، لم تنجح العمليات 100%، وقد أثر هذا بطريقة أو بأخرى على مخارج الألفاظ، وقدرة أصالة على الغناء بذات الاقتدار السابق، صحيح أن الصوت لا يزال هو، لكن مخارج الحروف، بها مشكلة ما، التنفس، واحتمال الجهد، عقب كل هذا المجهود، ربما مشكلة بالفيللر، ربما الإرهاق، أو البنج، كأن العالم يركض خلفها، لم يعد "أداء" أصالة بذات القوة، صارت مطربة جميلة، لكنها فقدت "اقتدارها" و"قوتها".

أصالة التي أحبها حقاً 

فرحت كثيراً حين رأيت تلك الصور لأصالة، وقد بدت أقرب لشكلها القديم، في مطار الكويت، حتى أن البعض خمّن أنها تخلت عن الإجراءات الجمالية الأخيرة، او أن كل شيء قارب على العودة لأصله، لا أعلم على وجه التحديد إن كان هناك شيء مماثل يمكن أن يحدث أو لا، لكنني، وكثيرين مثلي بالتأكيد، سيسعدهم أن تعتز المطربة القوية، اللبقة، الذكية، بأهم ما يميزها، "نفسها"، وأن تقتنع حقاً بأنها ليست بحاجة لحقن أو ملء أو تغيير، أو خيوط جراحية، أو تعديل لتصير أجمل، فهي جميلة بذاتها.

أصالة
أصالة في مطار الكويت

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

رحاب لؤي
كاتبة صحفية متخصصة في الفن
كاتبة صحفية، عملتُ في العديد من الصُحف والمواقع الإلكترونية، أحب الرسم والقراءة والأداء الصوتي
تحميل المزيد