حالة جدل كبيرة يثيرها الإعلان عن أي عمل فني، فيلم أو مسلسل، ويظهر به المتطرفون دينياً، أمثال تنظيم "داعش" المعروف على مستوى العالم كتنظيم إرهابي متطرف، فما إن يُعرض الإعلان الدعائي للعمل "البرومو" حتى يثور البعض ويتهموا صناع العمل بتشويه الدين الإسلامي والإساءة إليه.
دائماً ما تظهر الاتهامات قبل مشاهدة العمل أو حتى عرضه على الشاشات، هناك دائماً أصابع اتهام موجهة ناحية أي عمل يُظهر المتطرفين دينياً، وهناك دائماً حالة من الإنكار، دائماً ما نسمع من يؤكدون أن مصطلح "التطرف الديني" مصطلح وهمي ابتكره البعض لكي يستطيع محاربة الدين الإسلامي.
دائماً ما يؤكدون أن التطرف الديني موجود فقط في الأعمال الفنية الموجهة لخدمة أغراض معينة وتطبيق أجندات أهل الشر، ودائماً ما تصيبني الدهشة من هؤلاء الذين يريدونا أن نعمي أعيننا عما يدور حولنا ولا نرى أن التطرف الديني موجود في الواقع، ولذلك من المنطقي أن يظهر لنا على الشاشات، وأعتقد أننا بمختلف طبقاتنا وثقافاتنا قابلنا ذلك الشخص المتشدد الذي يحرم مشاهدة مباريات كرة القدم أو الأفلام أو ممارسة أي نشاط ترفيهي.
دائماً ما أجد ذلك السؤال يفرض نفسه عليَّ:
لماذا يرفضون إظهار ظاهرة التطرف الديني على الشاشات؟
وأدور في فلك إجابات فرضية أبحث فيها عن السبب الحقيقي، وأصل –للأسف- إلى أنهم يرفضون إظهار التطرف الديني على الشاشة لأنهم متصالحون مع ذلك التطرف، غير رافضين له.
وبمناقشة البعض، وقراءة تعليقات آخرين على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أتأكد أن كثيرين متصالحون مع التطرف غير رافضين له، فكثيرون يرون أن لا أزمة في أن تحكمنا جماعات متطرفة تحرم كل وسائل الترفيه وتفرض علينا أي قيود، لا أزمة في أن يحكمنا من يرى أن مشاهدة التلفاز حرام شرعاً، حتى لو كنا سنشاهد نشرة الأخبار، فالجهاز نفسه حرام، وربما يسمونه بدعة، ويمنعونه بحجة أن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
قد يكون ذلك الرأي صادماً للبعض، أو لكثيرين، خصوصاً هؤلاء الذين يرون أنفسهم متفتحين لا تكفيريين، ولكني أقول الرأي بناءً على ما أشاهده في الواقع وليس على الشاشات، أقول الرأي وأنا أعرف جيداً أن كل المتطرفين لا يجدون أنفسهم متطرفين، هم يرون أنهم يطبقون الشريعة ويفعلون ما أمر الله به وينهون عما نهى عنه.
أعود وأؤكد أن التطرف الديني موجود في الواقع وليس على الشاشات فقط كما يزعمون، وطالما كان التطرف موجوداً في الواقع فإن من ينزعج من إظهاره على الشاشات يؤيده وينتمي إليه.
قد يعترض بعض المتشددين ويقولون إن المشكلة ليست في التعبير عن ظاهرة التطرف الديني، ولكن في التركيز عليها وتكرار إظهارها على الشاشات، وهنا أسألهم سؤالاً بسيطاً:
هل أزعجهم العدد الكبير للأفلام التي هاجمت تعاطي المخدرات والاتجار بها؟
خطورة التطرف الديني لا تقل عن خطورة المخدرات أو غيرها من الظواهر السلبية التي عبرت عنها شاشات السينما والتلفزيون، ولكننا نجد دائماً الهجوم على الأعمال التي تعبر عن ظاهرة التطرف الديني الموجود في الواقع.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.