بعد فشل الوساطة المصرية.. إلى أين تتجه الحرب في قطاع غزة؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/05/12 الساعة 11:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/05/12 الساعة 12:01 بتوقيت غرينتش
صواريخ المقاومة الفلسطينية - الأناضول

بعد أن نجحت قوات الاحتلال بسلسلة من الاغتيالات، ظناً منها أنه حققت إنجازاً كبيراً، وأن بإمكانها فرض تهدئة دون شروط، وبدء الإعلام الإسرائيلي يتحدث عن التهدئة، وكما هو معتاد تدخل الوسيط المصري دون أن يراعي المشهد الفلسطيني، وكان همه أن يبرز دوره وقدرته على إخضاع المقاومة بالاستجابة لضغوطاته.

لكن هذه المرة لم تأتِ السفن بما يشتهي الوسيط ولا نتنياهو الذي نجح مؤقتاً في ترميم حكومته، وإسكات صوت المعارضة، لكنه لم ينجُ؛ لأن المقاومة رفضت الهدنة، وطوّرت من أهدافها، وهو ما كان يخشاه نتنياهو لأنه بذلك يكون قد فشل في الردع وأيضاً فقد ورقة الضغط التي يملكها، فأصبح تحت ضغط وقلق تطور المعركة ودفع أثمان غير متوقعة.

المعارضة الإسرائيلية تطالب بوقف المعركة قبل أن تنقلب النتائج، لكنها بالفعل قد انقلبت، فالتهدئة أصبحت غير مطروحة في هذا المشهد؛ لأن المقاومة ستتمترس خلف مطالبها وشروطها، ما يعقد الموقف ويطيل أيام الحرب.

معركة المقاومة الفلسطينية قد تمتد إلى أيام 

في رأيي أن الجولة الحالية بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي قد تمتد إلى تاريخ مسيرة الأعلام؛ لأن الصدام لا بد منه أمام موافقة نتنياهو أن تسير المسيرة في طريقها التقليدي في الحي الإسلامي ومنطقة باب العامود، وهذا يعني الاصطدام بالأحياء المسلمة لإرضاء اليمين.

هذا ما يفسر جولة الاغتيالات التي قام بها جيش الاحتلال بطلب من نتنياهو بغضّ النظر عن النتائج؛ حيث إن دولة الاحتلال الإسرائيلي كانت تظن أنها ستنفرد بحركة الجهاد الإسلامي وأنها ستكمل مهمة القضاء عليها، ومن ثم الانفراد بحماس وابتزازها، لأن حركة حماس تملك ما تخسره بعكس حركة الجهاد الإسلامي؛ لذلك سوف تفرض على حماس المساومات والمقايضة والمقاربات أمام تدمير الإمكانات والإنجازات، مقابل تخفيف الحصار وزيادة نسبة العمال في الداخل، وأيضاً السكوت على تمرير مسيرة الأعلام.

ما سوف تخسره حماس في حال القيام بجولة عسكرية على غرار سيف القدس قد يكون ثمنه يفوق أهمية مسيرة الأعلام وطريق سيرها، لكن الخطة فشلت أمام وحدة المقاومة وإدارة المعركة من داخل غرفة العمليات بخطة تكتيكية مدروسة.

رشقات صاروخية من قطاع غزة تحاول القبة الحديدية اعتراضها – الأناضول

المقاومة الفلسطينية معادلة الهزيمة والانتصار

في هذه المعركة تدرك حركة حماس أن خسارة حركة الجهاد الإسلامي تشكل هزيمة للمقاومة كلها، لذلك لم تسمح بما سبق في معركة بزوغ الفجر؛ حيث استفرد الاحتلال الاسرائيلي بحركة الجهاد الإسلامي، لكن الجهاد اليوم تعلمت درساً كبيراً من تلك المعركة بالعمل تحت سقف غرفة العمليات المشتركة؛ لأنها الطريق الوحيد لهزيمة الاحتلال.

أمام قصر نظر قادة الاحتلال لم يستطع إنهاء المعركة، فقد أصبح في منتصف المعركة، ولم يحقق النصر؛ لذلك لن يوقفها خصوصاً بعد ضرب المقاومة عمق الاحتلال بنوعية من الصواريخ لم يكن يتوقعها.

الخلاصة

إن كل ما يتمناه الاحتلال في معظم الجولات السابقة والحالية مع المقاومة الفلسطينية لم يتحقق، وهذا ما حدث مع نتنياهو وحكومته التي أصبحت سياساتها تمهد إلى انهيار الكيان الصهيوني، لذلك أثبتت المقاومة الفلسطينية لحكومة نتنياهو أنها لن تخرج من أزمتها الداخلية على حساب الدم الفلسطيني. 

أثبتت المقاومة أنها تطورت في استراتيجيتها وقدراتها وخبراتها العسكرية والتصنيعية والتقنية؛ حيث أصبحت إدارة السايبر من  أولوياتها.

لقد أحبطت المقاومة الفلسطينية خطة الاحتلال الإسرائيلي على الصعيد الإقليمي وأبطأت سيرها على صعيد التطبيع مع دول المنطقة، وقامت بواجبها في حماية شعبها، والدفاع عن وجودها، وأسست لملامح معركة طويلة تتجاوز وظيفة السلطة الأمنية ضد الكيان المحتل، وأحدثت انقلاباً ناعماً على السلطة الفلسطينية بدعم التشكيلات العسكرية المقاومة في الضفة الغربية. 

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد خليل مصلح
كاتب و محلل سياسي
ماجستير دراسات إقليمية وشؤون اسرائيلية و باحث دكتوراه علوم سياسية معهد البحوث العربية
تحميل المزيد