بعد ساعات ستبدأ تركيا بداية جديدة، إن فاز حزب العدالة والتنمية أو فازت المعارضة، في كلا الحالتين بداية جديدة تنتظر تركيا بعد انتخابات مصيرية، شغلت الإعلام التركي والعربي والعالمي أيضاً، بسبب أهمية نتائجها وانعكاسها على العديد من الملفات الإقليمية والدولية.
نستطيع أن نسمي هذه المرحلة بمرحلة "التقاط الهفوات والأخطاء"، فكلا الطرفين، إن كان تحالف الجمهور أو تحالف الأمة المعارض، يحاول الآن اصطياد الأخطاء للآخر ونشرها في وسائل الإعلام، ولم نتوقف عند هذا الحد، بل عاد الطرفان إلى الأرشيف الإعلامي لبعضهما، لعلهما يلتقطان تصريحات نارية سابقة لإعادتها للمشهد الإعلامي في تركيا الآن بغية استغلالها، فجميع القوى السياسية التركية ترمي أوراقها الأخيرة.
فنرى زعيم تحالف الأمة، أو ما يسمى بالطاولة السداسية "كمال كليجدار أوغلو"، وهو يخاطب الشعب التركي من المطبخ وأمامه كأس شاي وخلفه المغسلة، لكي يرسل رسائل للمواطن التركي أنه يعيش مثلهم، وحاله من حالهم، ولم يقف الأمر إلى هذه الدرجة، بل أصبح "كليجدار أوغلو" يستضيف رؤساء الأحزاب المعارضة أيضاً في المطبخ مثل "علي بابا جان" رئيس حزب الديمقراطية والتقدم.
للمطبخ خصوصية في الثقافة التركية، حيث إن استقبال الضيوف وجلوسهم مع الأشخاص في المطبخ دليل على القرب والتآخي والتواضع، ولهذا يصر زعيم المعارضة "كليجدار أوغلو" على تكريس صورته وهو في المطبخ في ذهن المواطن التركي قبل الانتخابات، لكي يشعر المواطن التركي أن "كليجدار أوغلو" شخص قريب منه ويعلم مشاكله الحياتية، وخاصة إذا تكلم أيضاً عن الأمور المعيشية، حيث وعد "كمال كليجدار أوغلو" في أحد الفيديوهات وهو ممسك بالبصل في يده، بتخفيض سعره في حال وصول المعارضة للسلطة.
قبل شهور قام زعيم الطاولة السداسية "كمال كليجدار أوغلو" بزيارة رئيس حزب البلد "محرم إنجه" لإقناعه بالانسحاب من المضمار الانتخابي لكي تتوحد صفوف المعارضة ضد الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، ولكن محرم إنجه رفض هذه الدعوة، وأصر على السير في المشاركة في الانتخابات كمرشح رئاسي عن حزب البلد.
لكن بعد ضغوط كبيرة وتهديدات بنشر فيديوهات جنسية له من بعض الأطراف، أعلن إنجه عن انسحابه كمرشح رئاسي، وهذا الانسحاب سيدفع الانتخابات في تقديري لأن تنتهي من الجولة الأولى.
الانتخابات التركية "تكون أو لا تكون"
إن معركة الانتخابات التركية والتي تشهد تنافساً شرساً أصبحت بوضع تكون أو لا تكون، وخاصة للمرشحيْن "رجب طيب أردوغان، وكمال كليجدار أوغلو"؛ لأنها قد تمثل النهاية لمسيرتهما السياسية، بسبب كبر سنهما، أي إن هذه الانتخابات هي الفرصة الأخيرة والتي لن تتكرر بالنسبة لهما مستقبلاً.
لهذا السبب الطرفان من الآن لا يقبلان الخسارة، ومؤمنين بالفوز الساحق، وبهذا التفكير والسلوك العاطفي للطرفين من الممكن أن يتوتر المشهد حين صدور نتائج الانتخابات، لهذا أعتقد أنه يجب التعامل بعقلانية وواقعية أكثر، فلكي يفوز أحد الطرفين يجب للآخر أن يخسر، لهذا يجب احترام إرادة الشعب التركي في حق تقرير مصيره وقبول نتائج الانتخابات.
المعارضة التركية
إن المعارضة تروّج لأنها داعمة للحرية والعدالة، فكيف تروج لهذا الشيء وهي التي رشحت "كمال كليجدار أوغلو" رغماً عن كل شباب حزب الشعب الجمهوري أقوى أحزاب تحالف الطاولة السداسية، الذين كانوا يرون في "أكرم إمام أوغلو أو منصور يافاش" مرشحاً رئاسياً مناسباً لمنافسة الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان".
المعارضة تقول إنها ضد حكم الرجل الواحد، ومع هذا حاولوا أن يقنعوا محرم إنجه بالانسحاب لكي يبقى "كمال كليجدار أوغلو" هو الرجل الوحيد الذي يمثل المعارضة.
لكن في تقديري إن الشعب التركي يراقب هذه التناقضات للمعارضة التركية وسيختار الرجل المناسب في المكان والزمان المناسبين لإدارة الحكم في تركيا.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.