مع قرب الاستحقاقات الرئاسية في تركيا، تدخل البلاد في جو مشحون وترقب كبير لمعرفة هوية المنتصر من هذه المعركة المصيرية للبلاد.
كما يعيش المواطن التركي الترقب والخوف من الغد، ومن مصير الدولة ومعرفة الفائز، فكل مواطن يمنّي النفس بفوز ناخبه ووصوله إلى رئاسة الدولة التركية، إن كان يعني فوز الرئيس رجب طيب أردوغان بولاية جديدة، أو فوز المعارضة التركية أو كما تعرف بتحالف الطاولة السداسية.
حال المواطن التركي كحال اللاجئ السوري، بل إن اللاجئ السوري يعتبر هذه المرحلة، مرحلة وجود أو لا وجود.
فمنذ سنوات تصاعدت الوعود الانتخابية للمرشحين، وكان العامل الرئيسي المشترك لجميع المرشحين والأحزاب المعارضة باستثناء حزب العدالة والتنمية، ترحيل السوريين وإعادتهم إلى بلادهم، بغض النظر عن تبعات الموضوع وما النتائج المترتبة على هذا القرار.
فهم الورقة التي توصف بالرابحة عند المعارضة، والتي لطالما حملت حكومة العدالة والتنمية مسؤولية استقبال اللاجئين وتداعيات هذا الموضوع اقتصادياً من انهيار العملة التركية مقابل الدولار، وارتفاع الأسعار، وغلاء المعيشة، وارتفاع إيجار المنازل، وقد يصل الحال إلى اتهام اللاجئين بالتلوث البيئي أو الزلزال الذي ضرب البلاد مطلع العام الحالي!
لمَ لا وهذه الورقة تعتبر حساسة في الأوساط التركية، ومع تزايد الأعباء الاقتصادية والمعيشية وتداعيات الأزمات في العالم بشكل عام وتركيا بشكل خاص، من وباء كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها الاقتصادية، والزلزال الذي ضرب تركيا، فقد يكون تحميل اللاجئين السوريين هو الخيار الأسهل والأنفع بالنسبة لهم، وخاصة مع مواكبة الإعلام المعارض ذلك بنشر الأكاذيب والروايات عن اللاجئين السوريين.
مع قرب معرفة الرئيس القادم لتركيا، فما هي إلا ساعات تفصلنا عن معرفة هوية المنتصر من هذه الحرب الانتخابية، يعيش اللاجئون وبالأخص السوريين، لكونهم الجالية الأكبر من اللاجئين في تركيا، مشاعر مختلطة بين الخوف والتوتر والقلق على حياة أسّسوها وعائلات جلبوها وأولاد دمجوهم مع المجتمع التركي قدر الإمكان.
مع هذه الموجة من الكراهية تجاه اللاجئين السوريين، والتي بدأت بالتضخم شيئاً فشيئاً، ليس لدى اللاجئ إلا الوقوف بجانب حزبٍ ورئيسٍ أيده ووقف معه في محنته، ووعد بتأمين عودة آمنة لهم بعد توافر البيئة الآمنة والمستقرة لهم.
اللاجئون السوريون وعودة العلاقات التركية السورية
بعد وعود النظام التركي بعودة العلاقات مع النظام السوري، بدأ الأمر فعلياً، فرأينا اجتماع وزراء الدفاع، واجتماع وزراء الخارجية، وتنسيق الأمور لإجراء لقاء ما بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس بشار أسد، فهذا الحراك السياسي أوجد روايتين في أذهان اللاجئين السوريين عن هذا التقارب:
الرواية الأولى: هناك رغبة لدى النظام التركي لعودة اللاجئين السوريين بالفعل.
الرواية الثانية: أنها مراوغة دبلوماسية مشروطة بتحقيق متطلبات عديدة أولها وأهمها قرار الأمم المتحدة تطبيق القرار الدولي 2254.
لكن هناك العديد من الإيجابيات التي لا يمكن إنكارها والتي منها المنازل التي تم تشييدها في الشمال السوري وحديث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن أن عودة السوريين ستكون طواعية دون إجبار.
لكن المعارضة المعروفة بالطاولة السداسية "تحالف الأمة" والتي تتكون من أحزاب "الشعب الجمهوري، والجيد، والسعادة، والمستقبل، وديفا، والحزب الديمقراطي"، وهو أكبر تحالف معارض في تركيا، وعدت بترحيل السوريين في غضون عامين، وذلك على لسان المرشح كمال كليجدار أوغلو في الـ14 مايو/أيار 2023، لم يكن زعيم المعارضة الوحيد المتوعد السوريين بالترحيل، فرئيس حزب الظفر أوميت أوزداغ، هو أول من طالب ووعد بترحيل السوريين في كل مناسبة تتاح له، حاله كحال ميرال أكشنار، رئيسة حزب "الجيد" المعارض.
لذلك نتأكد من أن المعارضة التركية، هدفها بشكل أساسي في حال وصولها للسلطة والفوز بالانتخابات القادمة هي ترحيل السوريين بشكل طوعي أو غير طوعي، بخطة أو بدون خطة، بموافقة أممية أو بدون موافقة أممية، بالإضافة إلى إعادة العلاقات بشكل كامل مع النظام السوري.
فما بين الأحزاب المعارضة الرافضة لوجود السوريين وما بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتحالفه الذي استقبل اللاجئين السوريين، يبقى اللاجئون في حالة من القلق من مستقبل يحمل في طياته الكثير من الخوف من الغد المجهول، لكن لديهم أيضاً أمل في أن تكون الأيام القادمة حاملة في جعبتها الأخبار الجيدة والنتائج التي تعود عليهم بالفائدة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.