تجاوز الإرهاب الصهيوني كل الحدود والخطوط الحمراء؛ انطلاقاً من الاعتداء على المقدسات الإسلامية وقتل المزيد من الفلسطينيين في إطار السياسة المُنظمة والمُمنهجة التي تتبعها "إسرائيل"، وفي سياق عدوانها المستمر على الأراضي الفلسطينية، ولأن سياستها تتمثل في القتل والتدمير، كما أن طبيعة هذا الاحتلال الغدر والمباغتة.
إن المقاومة لم تتفاجأ كثيراً فيما أقدم عليه الاحتلال من استهداف لقادتها في حركة الجهاد الإسلامي وارتكابه جريمة جديدة في قطاع غزة، طالت النساء والأطفال والشيوخ، ارتقى خلالها نحو 14 شهيداً، من بينهم 4 أطفال و4 سيدات، وإصابة ما يزيد على 20 مواطناً بجروح متفاوتة، ما بين خطيرة ومتوسطة، منهم 3 أطفال و7 سيدات.
فقد نفذ الطيران الحربي الصهيوني عملية اغتيال جبانة، استهدفت شققاً سكنية مأهولة في كل من مدينتي "غزة ورفح"؛ اغتال فيها ثُلة من القادة البارزين في سرايا القدس "الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي"، إلى جانب ارتقاء العديد من المدنيين الأبرياء الآمنين في بيوتهم.
يُدلل هذا القصف الصهيوني السافر للبيوت على رؤوس ساكنيها، على العقلية الإجرامية الدموية للاحتلال الإسرائيلي الذي لا يأبه لحياة أبناء شعبنا الفلسطيني، في تصعيد خطير، مُخالفاً بذلك قواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان واتفاقيات جنيف.
كانت الحكومة الإسرائيلية المأزومة التي يقودها بنيامين نتنياهو، المُنشغلة في الأزمات والقضايا الداخلية التي عجزت عن تجاوزها منذ تشكيلها خلال الأشهر الأخيرة الماضية؛ قد توصلت إلى قناعة بأن المخرج الوحيد من تلك الأزمات والسبيل لاستقرارها يأتي عبر السياسة الصهيونية القديمة الحديثة، المُتمثلة في العودة من جديد إلى سياسة اغتيال قادة المقاومة الفلسطينية بُغية كسب الرأي العام الإسرائيلي واصطفافه إلى جانبها، وكذلك الفصل بين ساحات المواجهة في الضفة وغزة، وبث بذور الفرقة بين قوى المقاومة هنا وهناك من خلال استهداف فصيل بعينه.
كان وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، صرح مُسبقاً بمطالبته قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تنفيذ اغتيالات وتصفيات لقادة المقاومة؛ رداً على حالة التوتر الأمني وازدياد العمليات المُسلحة في الضفة الغربية والداخل المُحتل.
كما أعلن الاحتلال الإسرائيلي عن إطلاق عملية عسكرية مشتركة للجيش وجهاز الشاباك، أطلق عليها "السهم الواقي" في قطاع غزة، مُعلناً أنه اغتال ثلة من قادة المقاومة، هم: خليل صلاح البهتيني قائد منطقة شمال قطاع غزة في الجهاد الإسلامي، وطارق إبراهيم عز الدين، الذي وصفه بأنه قيادي بارز في الحركة، والمسؤول عن توجيه عمليات في الضفة انطلاقاً من القطاع، وجهاد شاكر الغنام، أمين سر المجلس العسكري في سرايا القدس.
يبدو واضحاً أن الاحتلال الإسرائيلي عاد من جديد لسياسة الاغتيال، ومن هنا يجب على قادة المقاومة الفلسطينية أخذ كافة التدابير اللازمة للمحافظة على أرواحهم، وألا يكونوا فريسة سهلة للاحتلال، ونحن على يقين تام بأن الاحتلال سيدفع ثمن ارتكابه مثل هذه الجريمة وغيرها من الجرائم السابقة، ولن تُمرَّر سياسة الاغتيالات، التي طالت المدنيين أيضاً دون ردود مؤلمة. وأن مثل هذه الجرائم لن تجلب للمحتلين إلا مزيداً من القتل والانتقام لدماء الشهداء الفلسطينيين، وبذلك يكون الاحتلال قد فشل في تحقيق أهدافه المتمثلة في ردع غزة.
كما أن المجتمع الدولي عليه اتخاذ موقف واضح وقوي يتجاوز حدود الشجب والإدانة تجاه ما يحدث للفلسطينيين من قِبل آلة الإرهاب الصهيونية. إلى جانب ذلك على أبناء شعبنا الفلسطيني الصبر والصمود في وجه الغطرسة الصهيونية المتمثلة في القتل والاعتقال وهدم البيوت فوق رؤوس ساكنيها، وكذلك على المقاومة الفلسطينية أن تحاسب العدو وتجعله يدفع أثماناً مؤلمة على جرائمه البشعة، وردعه عن ارتكاب مثل هذه الحماقات بحق أبناء شعبنا الفلسطيني.
باعتقادي أن تأخر رد المقـاومة الفلسطينية على هذه الجريمة، يكمن في ترتيب الأولويات، وتحديد الأهداف التي تنوي المقاومة ضربها واستهدافها، إلى جانب ذلك العمل على تأمين القيادة الفلسطينية، وتوحيد الجبهات. والمتابع للحدث يجد صمت المقاومة قد أربك الحسابات الصهيونية، ولذلك فإن قيادة الاحتلال جميعها في حالة من الذهول والترقب، وتُعد هذه الحالة من الانتظار أصعب بكثير على العدو من الحرب التقليدية، حيث استطاعت المقاومة خلق شلل كامل للكيان في جميع مناحي الحياة لديه.
أيضاً أعتقد أن المعادلات هذه المرة ستكون قوية ومختلفة عن سابقاتها، لأن طبيعة الرد ستكون مغايرة تماماً عما كانت عليه في السابق.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.