استخدم الاحتلال الإسرائيلي الخداع والتضليل ليحقق المفاجأة والصدمة عبر استهدافاته المركزة لقادة سرايا القدس خلال وجودهم في بيوتهم السكنية فجراً، معتقداً بأنه سيحقق بذلك صورة النصر ويرضي المستوطنين، ويستعيد حالة الردع التي تهشمت بفعل تصاعد العمل المقاوم وفق استراتيجية المقاومة الجديدة التي بنيت على تفعيل مختلف الساحات، بهدف تشتيت واستنزاف الاحتلال في أكبر مساحة جغرافية من فلسطين المحتلة.
هنا يجب أن نشير لحقائق مهمة، وهي أن المقاومة الفلسطينية تمتلك قدرة عالية وسريعة على تجاوز تأثير الصدمة، فالعقيدة القتالية للمقاومة في الأساس بُنيت على أن الشهادة اصطفاء، وفضل يرزقه الله من يشاء من عباده؛ وأن هذا الطريق يحمل فيه الراية فارس جديد كلما ارتقى شهيد.
أما الحقيقة الثانية، فهي أن الاحتلال لا يستطيع المس بالقدرات القتالية للمقاومة الفلسطينية؛ لأنها ببساطة طورت تكتيكاتها القتالية بما يضمن حرمان العدو من الوصول لهذه الإمكانات، وهذه الحقيقة ُتعد أحد أهم مظاهر فشل الاحتلال أمام المقاومة، رغم ما بذله في هذا الجانب عسكرياً وأمنياً.
الحقيقة الثالثة، هي أن الاحتلال الإسرائيلي يعلم أن الرد على عدوانه أمر حتمي لا بد منه، وهو سيسعى بكل قدراته الاستخبارية ليحاول التنبؤ بمكانه وحجمه وشكله، بهدف تقليل تأثير الرد على مصالحه الحيوية وعلى الجنود والمستوطنين، وستجتهد المقاومة الفلسطينية في جعل ذلك فرصة لتهشيم الردع وهزيمة الاحتلال واستعادة صورة النصر وإعادة التأكيد على قواعد الاشتباك.
لذلك، باعتقادي، نحن أمام ساعات وأيام فاصلة، ستؤكد فيها المقاومة وغرفة عملياتها على أنها تستطيع مجابهة عدوان الاحتلال عبر استثمار كل الساحات، وفق الاستراتيجية الجديدة "وحدة الساحات" عن طريق نقل المعركة لعمق المدن المحتلة، والاستهداف النوعي للاحتلال لإعادة تثبيت قواعد الاشتباك التي اخترقها الاحتلال غدراً في غزة، والرد على عدوانه وتغوله على دم قادة شعبنا والآمنين المدنيين في بيوتهم.
لذا، فإن إطالة أمد المعركة وعدم الانسياق لردات الفعل وتوسيع ساحتها وانخراط أكبر قدر من شعبنا الفلسطيني فيها في غزة والضفة والقدس والداخل هو أمر واجب، وسيكون أسوأ السيناريوهات التي ينتظرها العدو المحتل، خاصة إذا تصاحبت مع أعمال فدائية فردية ومنظمة تحرم المستوطنين السكينة والأمن.
شعبنا ومقاومته لم يتوقف يوماً عن القتال وتوديع الشهداء زرافات ووحداناً، وهو يعلم حق العلم أنه يواجه عدواً خسيساً وجباناً لا يتورّع في استخدام أحدث الأسلحة؛ ليفجر فيها البنايات السكنية الآمنة، ويقتل العائلات الآمنة بكل وحشية، لذلك برغم المصاب الجلل والجرح العميق سيحتسب الشهداء، ويصبر لأن قدره أن يدفع ثمن الحرية وضريبة الصبر والثبات على أرضه.
أما وقد فرضت المعركة، فيجب أن تكون فرصة لإعادة التأكيد على أننا موحدون في كل الأرض المحتلة خلف المقاومة الفلسطينية وغرفة عملياتها، وأن الدماء النازفة في غزة ستشعل لهيب الثأر في كل مدينة وقرية ومخيم وشارع، وعلى أمتنا العربية والإسلامية وكل حر في هذا العالم أن يتجند ليساند أبطالنا المقاومين في هذه المعركة المقدسة انتصاراً للضحايا، وتأكيداً على الحق الفلسطيني في التحرر من الاحتلال.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.