فيلما Evil Dead Rise وThe Pope’s Exorcist.. كيف يحاولان إعادة بعث سينما الرعب الكلاسيكية العائلية؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/05/05 الساعة 11:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/05/05 الساعة 11:22 بتوقيت غرينتش
فيلم The Pope's Exorcist / الشبكات الاجتماعية

يمكنني القول إن فترة الثمانينيات من القرن الماضي، كانت الحقبة الكلاسيكية والذهبية لصناعة أفلام الرعب، ففي تلك الحقبة ظهرت وتنامت أفلام رعب غيّرت وجه الرعب السينمائي إلى الأبد، مثل فيلم The Exorcist وPoltergeist وEvil Dead  وA Nightmare on Elm Street وFriday the 13th وغيرها الكثير.

وجميع هذه العناوين بدأت سلاسل أفلام ضخمة، استمرت عقوداً وحتى هذه اللحظة، وخارج سلاسلها الخاصة، صنعت تأثيراً ضخماً، فأصبحت كمرجع وتجربة يسعى صناع سينما الرعب إلى تكرارها واستنساخها في معالجات سينمائية مختلفة.

وتمتاز تلك الحقبة كذلك بأنها الحقبة التي حاول مخرجون مشهورون ككاربنتر وكروننبيرج دفع صناعة السينما إلى حدودها، سواء على المستوى التقني أو الفنى، وكذلك حاولوا بكل ما استطاعوا تجسيد كوابيس حية على الشاشة الكبيرة، وهذا ما أدى في النهاية إلى جعل حقبة الثمانينيات حقبة الرعب المثالية، قبل أن يسيطر التكرار والابتذال على معظم الصناعة لوقت طويل.

والآن هذا العام، تقدّم لنا السينما الهوليوودية محاولتين جديدتين لإعادة بعث حقبة الثمانينيات، وهما فيلم Evil Dead Rise  وفيلم The Pope's Exorcist إذا ما الذي نعرفه عن هذين الفيلمين الجديدين، وكيف يمثلان محاولة لإعادة بعث حقبة الثمانينيات الذهبية لأفلام الرعب؟

فيلم Evil Dead Rise

يمثل فيلم Evil Dead Rise الجزء الخامس من السلسلة الشهيرة Evil Dead، ومع ذلك يخرج عن المعتاد في أجزائه السابقة، فمعظم الأجزاء السابقة تمتاز بأحداث داخل كوخ وسط الغابة، ولكن في هذا الجزء قرر صنّاعه أن يكون في شقة داخل مجمع سكني وسط لوس أنجلوس، كذلك تمتاز الأجزاء السابقة يكون شخصياتها مجرد مجموعة من المراهقين، ويختلف هذا الجزء في كون شخصياته أفراد عائلة واحدة.

فيلم Evil Dead Rise

ويسرد الفيلم قصة بيث وإيلي الأختين اللتين فرقتهما الحياة، ويجتمع شملهما مجدداً حين تقرر بيث زيارة بيلي في شقتها، إجتماع الأختين بعد زمن طويل يدفعه قدر من مشاعر الحنين الدافئة، ولكنها لا تصمد أمام الكابوس القادم، حين تكتشف الفتاتان كتاباً غريباً في المجمع السكني، ويتبع الفيلم محاولتهما للنجاة أمام أبشع كابوس ممكن داخل عائلتهما.

لماذا هذا الفيلم مختلف تماماً عن سابقيه؟

يكمن اختلاف الفيلم في كونه يعيد اكتشاف ذاته، فيخرج من الطابع المعتاد للسلسلة، ويعيد زيارة فكرته الأساسية، ولكن في إطار حداثي متقاطع مع الجيل الحالي من المشاهدين.

فعلى عكس أجزائه السابقة، والتي تتكرر أحداثها في أكواخ وسط غابات بعيدة عن الحضر، نجد أنفسنا هذه المرة وسط مدينة مكتظة بالسكان، وهذا يمنح المشاهد شعوراً مزيفاً بالأمان، وسرعان ما يتفوق المخرج على هذا التحدي بإعطاء لمحة من حقيقة الغربة وسط المدينة، والتي تترك الفرد منا وحيداً أمام صعوبات حياته اليومية، فكيف به أمام كابوس يتجسد أمامه في قصة هذا الفيلم.

إن هذه الغربة، التي يمتاز هذا الفيلم بتوصيفها، هي الغربة التي يعيشها الإنسان المعاصر كل يوم، وهي مصدر الرعب الحقيقي الذي يستغله أعداء الإنسان النفسيون كل لحظة.

كما يقدم الفيلم أيضاً نظرة جيدة حول مفهوم العائلة، وكيف يمكن للإنسان المعاصر أن يعاني من الغربة و العزلة حتى وسط أفراد عائلته أنفسهم، وتتجسد هذه الغربة في الفيلم عبر الشيطان الذي يحاول التفريق بين الأختين كي يتمكن منهما، فكأن صناع الفيلم، قد جسدوا غربة الإنسان المعاصر في هيئة شيطانية، وما يسرده الفيلم من صراع للنجاة من هذا الشيطان، هو صراع الإنسان المعاصر اليومي ضد غربته.

كيف يحاول الفيلم إعادة بعث حقبة الثمانينيات؟

بدأت سلسلة أفلام Evil Dead مع أول فيلم لها، والذي صدر عام 1981 وحقق نجاحاً ساحقاً بدأ نوع جديد تماماً من أفلام الرعب، ولم يتوقف نجاحه على هذا الفيلم فقط، بل امتد كذلك لـ3 أفلام أخرى، مما يجعل Evil Dead Rise  الجزء الخامس من السلسلة.

ورغم الاختلافات الجذرية في Evil Dead Rise عن سابقيه، إلا أنه يحتفظ بقلب الأجزاء السابقة، فهو يتصل بها، ويعيد سرد أساطيرها من جديد، كذلك يحتفظ بحس الفكاهة السوداء ذاته والممتد من الجزء الأول وحتى الآن، كما أنه يقدّم جرعات الرعب والدموية المعتادة التي يعد بها جمهوره.

وبالنسبة إلى الفيلم، يشكل الأمر تحدياً كبيراً، أن تحاول تقديم قصة إلى جيل جديد وهي قد قُدمت في الأصل إلى جيل سابق، وهنا تظهر جلية محاولة صناع الفيلم لجعل الفيلم مناسباً للجيل الجديد، ويعكس ثقافتهم المعاصرة واليومية.

كما أن الفيلم هذه المرة يمتاز ببطولة نسائية استثنائية، مما يضع الضوء على إعادة اكتشاف المواهب النسائية الهوليودية، ويعزز اتصال الفيلم بالجيل الأصغر من المشاهدين.

فيلم The Pope's Exorcist

عام 1990 أصدر القس Gabriele Amorth كتاباً بعنوان An Exorcist Tells His Story والذي يسرد فيه قصصه أثناء عمليات طرد الأرواح والشياطين التي ترسله الفاتيكان لإتمامها، ثم في عام 1992 أصدر كتابه الثاني An Exorcist: More Stories، والذي يكمل فيه سرد قصصه المرعبة وسرد الأهوال التي شاهدها بعينيه.

فيلم The Pope's Exorcist

يقتبس الفيلم قصة القس Gabriele Amorth من كتابه، وتتابع أحداثه خلال ثمانينيات القرن الماضي، حيث ينطلق الأب جابريل، طارد الأرواح الأكبر في الفاتيكان في رحلة لمساعدة طفل صغير يقال إنه ممسوس بواسطة شيطان، وحين يحاول القس مساعدة الطفل، يكتشف خيوط مؤامرة كبرى تهدد أساسات الكنيسة الكاثوليكية الأوروبية.

يمتاز الفيلم بأنه يستكشف أسرار عمليات طرد الأرواح، ويعيد تسليط الضوء على إدعاءات المس التي تنتشر في الغرب ويتم اعتبارها نوعاً من الجنون أو الخلل العقلي.

كما أن الفيلم يحاول أن يلتزم بما يستطيع من القصص الحقيقية من كتاب القس جابريل قدر المستطاع قبل أن يضطر كفيلم أن يقدم خيوط حبكة أكبر لإرضاء الجمهور.

كيف يحاول الفيلم إعادة بعث حقبة الثمانينات الكلاسيكية؟

عام 1973 صدر فيلم الرعب التاريخي The Exorcist والذي يُعد أحد أفضل أفلام الرعب في التاريخ وأكثرها تحقيقاً للضجة والخلافات، وليس هذا بسبب الظروف الغريبة المحيطة بصناعة الفيلم فقط، بل بسبب تسليطه الضوء على عملية الطرد الشيطاني بشكل مبهر بالنسبة للجمهور حتى ظنوا أن ما شاهدوه في الفيلم كان حقيقة منذ البداية.

كان نجاح فيلم The Exorcist تاريخياً حتى أصبح نقطة انطلاق لنوع ممتد من أفلام الرعب، وهي أفلام المس الشيطاني، وقد امتد الفيلم حتى حقبة الثمانينيات وصدور فيلم Poltergeist  عام 1982 والذي حقق نجاحاً استثنائياً آخر أعاد بعث هذا النوع من الأفلام.

والآن يحاول فيلم The Pope's Exorcist إعادة بعث هذه الحقبة عن طريق الاستعانة بقصة حقيقية على غرار The Exorcist ليقدم قصته الجديدة ويسلط الضوء من جديد على حالات المس الشيطاني.

وبالنسبة للجمهور من المشاهدين، تشكل هذه الحالات حتى وإن كانت بعيدة عنهم جزءاً من إيمانهم، بالتالي يمسّ الفيلم نقطة غير متأثرة بالزمن بالنسبة للأجيال المتتالية، ففكرة المس الشيطاني في الأفلام السينمائية، تمثل صراعاً واضحاً غير رمادي بين الخير والشر، بين المقدس والمدنس، وينجذب الجمهور دائماً لهذا النوع من الصراعات، ويقدم الفيلم هذا الصراع بشكل ممتاز، ولكن هل ينجح في إعادة خلق حالة سابقيه؟

يمكن أن تجيب عن هذا السؤال حين تشاهد الفيلم بنفسك.

في النهاية، مع مرور الوقت سنرى دائماً محاولات لتكرار نجاحات سابقة، وبالنسبة لي كان هذان الفيلمان مثالين رائعين لهذه المحاولات، وقد نجحا بالفعل في تقديم تجارب مماثلة لتجارب سينما رعب الثمانينيات.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد جمال فرانك
روائي مصري وكاتب متخصص في السينما
روائي مصري وكاتب متخصص في السينما، من مواليد محافظة الدقهلية عام 1996، صدر لي: رواية صلوات العبيد، وكتاب كريبي باستا، وكتاب المسكوت عنه في سينما الرعب.
تحميل المزيد