قتْل شاب فلسطيني في الضفة الغربية برصاص الإجرام وغدر قوات الاحتلال الإسرائيلي ما هو إلا حلقة من مسلسل انتهاكات قوات الاحتلال الإسرائيلي، واعتداءاتها على الشعب الفلسطيني، من قتل واعتقال واقتحامات مستمرة للمسجد الأقصى وباحاته، بالإضافة إلى اعتداءات المستوطنين الذين دائماً ما يقتحمون الأقصى تحت حماية الاحتلال، ومنع الفلسطينيين من دخوله وتشديد الإجراءات الأمنية.
بالإضافة إلى أن جرائم الاحتلال والمستوطنين هي ترجمة لتعليمات المستوى السياسي والعسكري في دولة الاحتلال، التي تسهّل على الجنود إطلاق الرصاص الحي بهدف القتل العمد.
كما تشهد القدس المحتلة خلال الفترة الأخيرة تنامياً كبيراً في انتهاكات الاحتلال والمستوطنين، في وقت بدأت فيه الأوساط السياسية والعسكرية دق ناقوس الخطر عمّا هو قادم، فمع استمرار انتهاكات قوات الاحتلال الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين تضاعفت أعمال المقاومة بالضفة الغربية ضد الاحتلال ومستوطنيه خلال الفترة الأخيرة.
كما يشهد المسجد الأقصى سلسلة اقتحامات من المستوطنين، بحماية شرطة الاحتلال، في محاولة لفرض السيطرة الكاملة على المسجد، فمنذ بداية الاحتلال في يونيو/حزيران 1967، كان من شأن سياسات إسرائيل القاسية، المتمثلة في مصادرة الأراضي، وبناء مستوطنات غير قانونية، وسلب الممتلكات، بالإضافة إلى التمييز الصارخ، أن تؤدي إلى معاناة هائلة للفلسطينيين، حيث حرمتهم من حقوقهم الأساسية.
إذا نظرنا إلى الأضرار التي يمارسها الكيان الصهيوني، والتي تُخل بجميع جوانب الحياة اليومية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فلا يزال هذا الكيان يؤثر على قدرة الفلسطينيين على السفر من أجل العمل أو الدراسة، أو السفر للخارج، أو زيارة الأقارب، أو الحصول على مورد رزق، أو المشاركة في الاحتجاج، أو الوصول إلى أراضيهم الزراعية، أو حتى الحصول على الكهرباء وإمدادات المياه النقية.
يعني ما سبق أن الفلسطينيين يعانون يومياً من الإذلال والخوف والقمع، ونتيجة لذلك أصبحت حياة السكان الفلسطينيين من الناحية الفعلية رهينةً في يد إسرائيل.
كما اعتمدت إسرائيل مجموعةً مترابطةً من القوانين العسكرية، للقضاء على أية معارضة لسياساتها، بل إن بعض كبار المسؤولين الحكوميين الإسرائيلين وصموا الإسرائيليين الذين ينادون باحترام حقوق الفلسطينيين بأنهم "خونة".
كما إذا تابعنا الإعلام الغربي في تغطيته للشأن الفلسطيني، وتحديداً عقب ازدياد وتيرة المقاومة وتسارع الأحداث، نجد استراتيجية تهدف إلى لوم الضحية الفلسطيني وشيطنة رد فعله، من خلال سياقات انتقائية تبرز رواية الاحتلال وتغيّب رواية الضحية الفلسطيني، فهو يتجاهل العدد الكبير من الخسائر والضحايا الفلسطينيين الذين يستهدفون برصاص "جيش" الاحتلال والمستوطنين.
غالباً ما تتلقّف وسائل الإعلام الإسرائيلية من دون تدقيق، وبتنسيق تام، روايات "جيش" الاحتلال التي تجرّم الضحية الفلسطيني وتشوه نضاله، ولعل الشواهد على ذلك لا تحصى في مواقف كثيرة، اتُّهم وربما قتل فيها فلسطينيون، بذريعة تنفيذ عمليات "إرهابية" متعمَّدة، ثم تبين لاحقاً أنها حوادث عمل أو حوادث طرقات عادية.
يعتمد الإعلام الإسرائيلي كذلك على ازدواجية معايير واضحة في تغطيته الأحداث، فيتناول عمليات المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال، بوصفها أعمالاً "إرهابية" تستهدف "إسرائيل".
يمثل المجتمع الدولي وازدواجية المعايير، والفرق في المواقف بين أوكرانيا وفلسطين، شرخاً يتجاوز مجرد التمييز، ومما لا شك فيه أن مفهوم الإرهاب ومبدأ الاحترام المتساوي للشعوب يحتاجان إلى توضيح.
إن مخاطر اختلال التوازنات، بسبب التطورات الداخلية وبسبب توسع التحالفات الجغرافية، من شأنها أن تقوّض أمن الدول. ويفرض الاهتمام المشروع بالحد من المخاطر والقضاء على التهديدات ضرورة تحديد شروط الأمن المشترك بين الدول المعنية، والاتفاق على ضمانات الحل السلمي في حالة نشوب نزاع، وليس أمام المجتمع الدولي سوى الاحترام المتساوي للشعوب، ووضع حد لجميع الممارسات التمييزية، وتجسد هذه الآمال فكرة إنهاء الاستعمار والتوسع الإمبريالي.
لكن يبقى السؤال الأهم: ماذا لو كان الشاب المقتول إسرائيلياً وليس فلسطينياً، وماذا كان رد فعل المجتمع الدولي؟
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.