لقد أعرب السيد تور وينسلاند، منسق الأمم المتحدة الخاص بعملية السلام في الشرق الأوسط عن قلقه العميق إزاء أعمال العنف والتحريض الأخيرة، ولا سيما المواجهات العنيفة داخل المسجد الأقصى في القدس، وحث الجانبين ودول المنطقة والمجتمع الدولي على إعادة الانخراط والعمل من أجل السلام ورؤية الحل القائم على وجود دولتين، وشدد على أنه "لا بد من وضع حد للإجراءات الأحادية والاستفزازات والتحريض، التي تمكن من العنف ومنع التقدم نحو حل هذا الصراع وإنهاء الاحتلال".
كما أعلن تور وينسلاند عن مقتل 17 فلسطينياً، وإصابة 200 على يد القوات الإسرائيلية خلال المظاهرات والاشتباكات وعمليات البحث والاعتقال والهجمات المزعومة ضد الإسرائيليين وغيرها من الحوادث. وإصابة 39 فلسطينياً آخر على أيدي مستوطنين إسرائيليين أو مدنيين آخرين في هجمات إطلاق نار وإلقاء حجارة وحوادث أخرى، واستشهد 4 مدنيين إسرائيليين، وأصيب 31 آخرون برصاص فلسطينيين، في عمليات إطلاق نار ودهس واشتباكات وإلقاء حجارة وزجاجات حارقة وغيرها من الحوادث، كما قُتل مواطن أجنبي وأصيب سبعة آخرون.
وأضاف أنه ظلت مستويات العنف المرتبط بالمستوطنين في الضفة الغربية مرتفعة، في حين ظلت عمليات الهدم والاستيلاء على الممتلكات المملوكة للفلسطينيين تشكل مصدر قلق بالغ.
الانتهاكات ضد الفلسطينيين
يُعتبر عام 2022 الأكثر دموية وعنفاً في فلسطين، حيث شهد هذا العام انتهاكات كثيرة لحقوق الشعب الفلسطيني، ومنها حقوق الطفل باستشهاد عدد كبير من الأطفال، كما تعرضت المرأة إلى انتهاكات عديدة، كان أبرزها استشهاد الصحفية شيرين أبوعاقلة. وارتفع عدد الشهداء والمصابين والمعتقلين في فلسطين ارتفاعاً كبيراً لم تشهده فلسطين منذ عام 2005.
لقد وصل عدد الشهداء الفلسطينيين في عام 2022 إلى 230 شهيداً، بينهم 171 في الضفة الغربية، و53 من غزة، و6 من فلسطينيي 48، و9335 إصابة و6500 حالة اعتقال، و833 مبنى فلسطينياً هدمها الاحتلال في الضفة الغربية، بما فيها مناطق شرقي القدس. و793 هجوماً للمستوطنين، و13130 شجرة زيتون تم إتلافها أو اقتطاعها.
كما قامت إسرائيل بالتصديق على 116 مخططاً استيطانيا، استهدف 9700 دونم من الأراضي الفلسطينية بأكثر من 13 ألف وحدة استيطانية، منذ بداية 2022 حتى نهاية أكتوبر.
صمت الأمم المتحدة
في ظل هذه الانتهاكات، تظل الأمم المتحدة صامتة، وتغض النظر عمّن يتسبب في العنف (الاحتلال الإسرائيلي)، ولم تتخذ أي إجراء واقعي وخطوات فعلية لحل المشكلة، ولم توجه أي لوم على مضاعفة معاناة الفلسطينيين.
رغم إقرار الأمم المتحدة بانتهاكات الاحتلال بموجب اتفاقية جنيف الرابعة مثل القتل العمد والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية والتدمير الواسع للمتلكات، وأن هذه الأفعال تؤدي إلى المسؤولية الجنائية الفردية. واستخدام الدروع البشرية أيضاً يشكل جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإنه لم يتحقق شيء على أرض الواقع، وتظل فلسطين تعاني إلى الآن، بل يزداد حجم المعاناة.
ما تفعله الأمم المتحدة هو فقط تشخيص للمرض دون علاجه، فتكتفي برصد الانتهاكات والمعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، مثل جرائم القتل وتدميرالمنازل والمصانع والمدارس والمستشفيات ومراكز الشرطة وغيرها من المباني العامة، مشيرة إلى أن هذه الانتهاكات جاءت نتيجة لسياسة متعمدة ومنهجية، دون أن تقدم حلولاً ونتائج فاعلة وواقعية لحل المشكلة.
لقد دعا السيد وينسلاند الأطراف والمجتمع الدولي إلى تعزيز المؤسسات الفلسطينية، وتحسين الحكم، وتعزيز الصحة المالية للسلطة الفلسطينية، وسط تدهور الوضع على الأرض، حيث تواجه السلطة الفلسطينية تحديات مالية ومؤسسية كبيرة، مشيراً إلى أن كيانات الأمم المتحدة التي تقدم الدعم للشعب الفلسطيني تواجه نقصاً كبيراً في التمويل، ما يؤثر على تقديم الخدمات الأساسية.
لكتي أرى بالإضافة إلى نقص التمويل، يعد السبب الرئيسي في الأزمات التي يعاني منها الفلسطينيون تقييد فلسطين بسياسات الاحتلال والحصار الإسرائيلي، لاسيما في ظل حكومة بن غفير، التي تقوم بمصادرة أموال السلطة الفلسطينية.
الأمم المتحدة وحلول حل الدولتين
في ختام ملاحظة السيد وينسلاند، منسق الأمم المتحدة الخاص بعملية السلام في الشرق الأوسط، حث الفلسطينيين والإسرائيليين ودول المنطقة والمجتمع الدولي على إظهار القيادة وإعادة الانخراط والعمل معاً من أجل تحقيق السلام، وأشار إلى أن الهدف هو إنهاء الاحتلال وحل النزاع وفق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، والاتفاقيات السابقة لتحقيق حل الدولتين.
فبالنسبة إلى تصريح "حل الدولتين"، الذي تحدث عنه منسق الأمم المتحدة في الشرق الأوسط، يستحيل تطبيقه في ظل حصار غزة، والانتهاكات التي يمارسها الاحتلال مثل الاستيطان وفرض العقوبات، وخرق قواعد القانون الدولي، وبنود اتفاقية أوسلو.
لذلك على الأمم المتحدة ألا تكتفي برصد الانتهاكات والتنديد بها، وأن تقدم حلولاً على أرض الواقع، وينبغي أن تمارس ضغطاً على الاحتلال لرفع الحصار المفروض على غزة، تطبيقاً لأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان وقرار مجلس الأمن 1860، 2009، حيث إن هناك ضرورة لتطوير البنى التحتية وزيادة الاستثمارات في الهياكل الأساسية، وزيادة الدعم المقدم من الدول المانحة من أجل انتعاش الاقتصاد وتخفيض معدلات البطالة.
لذلك في الحل الواقعي أن يتم فتح تحقيق جنائي سريع ونزيه في جميع عمليات القتل والإصابات والاعتقالات، التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، ومعاقبتها على الجرائم التي مارستها ضد الشعب الفلسطيني، لأن الإفلات من العقاب يؤدي إلى استمرار الجرائم ومزيد من العنف، حيث كفلت المواثيق الدولية حقوق المرأة والطفل في وقت السلم والنزاعات المسلحة، ومخالفة هذه القوانين يعاقب عليها القانون الدولي.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.