صراعات رواد مواقع التواصل الاجتماعي لا تنتهي، ولن تنتهي، فقد بدأت بظهور هذه المواقع وستستمر إلى ما لا نهاية، وحتى إذا ما انتهت تلك المواقع في الصراعات المستمرة وهي جزء من الطبيعة البشرية ونظام الكون.
إذا كانت الصراعات طبيعية، فطبيعة الصراعات نفسها التي تشهدها مواقع التواصل الاجتماعي حالياً مخيفة وأبعد ما يكون عن طبيعة البشر الأسوياء.
من يلاحظ الصراعات الحادثة على مواقع التواصل الاجتماعي حالياً وحالة الترهيب والتخويف المرتبطة بالحديث عن مسلسلات رمضان ونجومه، قد يعتقد أننا عدنا إلى عصر الجاهلية وقبل ظهور الإسلام، عندما كانت العصبية والقبلية هي المسيطرة على نمط حياة "الكفار"، فتجدهم ينفعلون، ويثورون ويشعلون الحروب من أجل لا شيء.
كما شاهدنا في بعض الأفلام المصرية التاريخية شخصية الكافر الذي ينفعل ويقول: "أتسبُّ آلهتنا؟!"، أصبحنا الآن نشاهد هذا الشخص بعد التطور وهو يسبُّ الآخرين في تعليقات مواقع التواصل لأنهم تحدثوا بالسلب -من وجهة نظر فنية- عن فنانه المفضل الذي جعل منه قضيته وبات مستعداً لخوض الحروب "الكلامية" لأجله.
كيف وصلنا إلى هذه المرحلة؟ ولماذا أصبح الدفاع عن فنانين بأعينهم قضية لدى البعض؟
الإجابة عن السؤال ليست سهلة، وتحتاج إلى تحليل ظواهر وأحداث عديدة أوصلتنا لما نحن عليه الآن، ولكن يمكن أن أقول -من وجهة نظري- إن غياب القضية الحقيقية هو السبب، ومن لا قضية له سيبحث عن قضية، وإذا لم يجد فسيختلق قضية وهمية ويجعل منها محوراً لحياته.
قبل عشرات السنوات وبعد هزيمة مصر عام 1967 أصبح لدى المصريين قضية، وهي استرداد الأرض والكرامة، وحدث عام 1973 أن خاضت مصر حرباً تبعتها بمفاوضات لاسترداد باقي الأراضي المصرية، ثم لا شيء.. لا قضية، أعتقد أنه لم يعد هناك قضية ملموسة يلتف حولها الأفراد، فخلقوا قضاياهم لأنفسهم، فمنهم من وجَّه طاقته بأكملها لتشجيع مباريات كرة القدم لدرجة التعصب الأعمى، وبدلاً من الانضمام للأحزاب السياسية وما يمثله ذلك من مخاطر، انضموا إلى حزبي الأهلي والزمالك، وشاهدنا على مدار سنوات أحداث العنف في بعض مباريات كرة القدم.
لكن يبدو أن التعصب لم يصل إلى كرة القدم فقط، فمؤخراً وبعد حدوث كوارث إنسانية في الملاعب ولأسباب أمنية أصبح حضور المشجعين لمباريات كرة القدم مقيداً بشروط صعبة جعلت الكثيرين ينصرفون عنها بطاقاتهم التي وكما يبدو وجهوها للفن، فبدلاً من التعصب للنادي الأهلي أو نادي الزمالك أصبحنا نشاهد التعصب لهذا الفنان أو ذاك، وأصبح المشجعون مستعدين للدفاع عن فنانهم المفضل لدرجة توجيه الشتائم لكل من "يتجرأ" وينتقده، حتى ولو كان نقداً فنياً موضوعياً لا يخلو من الاحترام.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.