مع كل مشاعر الألم والغضب التي نشعر بها ونحن نتابع، دون حول ولا قوة، تدنيس قوات الاحتلال للمسجد الأقصى، واعتداءهم على أشقائنا المرابطين العزل من الشعب الفلسطيني، المعتكفين من أجل إقامة الليل، وهو حق شرعي وقانوني لهم، إلا أننا نرى أن هذه الأفعال الظالمة والمنافية للأخلاق هي جزء من مرحلة زوال الكيان المحتل، التي نرى أن مؤشراتها قد تسارعت وتيرتها في السنوات الأخيرة.
تتصف حكومات الاحتلال بالتطرف والعنصرية تجاه الشعب الفلسطيني، والجرائم الموثقة تدينها، لكن الحكومة الحالية بقيادة نتنياهو تختلف عن سابقاتها بسيطرة المتطرفين المغلفين بقناع التدين.
فقد أصدرت حكومة نتنياهو تعليمات باقتحام الأقصى وطرد المرابطين، دون أي اعتبار لأي دولة أو اتفاقية، وستستمر تجاوزاتها وإجرامها حتى تغادر كما غادر قبلها الكثير، ولكن الاختلاف عن الحكومات السابقة أن إجرام هذه الحكومة قد يؤدي إلى أحداث كبرى لا يمكن التنبؤ بما سيحدث ونتائجه.
جريمة الاعتداء على المرابطين والمعتكفين بالمسجد الأقصى وفق المنهج والمخطط الإسرائيلي سيؤدي إلى اشتعال الصراع، ليس مع الفلسطينيين فحسب، بل قد يؤدي إلى تدويل القضية، وهو ما نراه في الصالح الفلسطيني، فهل يُعقل أن يستمر الفلسطيني وحده في الدفاع عن مقدسات المسلمين والبقية متابعين! لا يمتلك أحد حق نزع مسؤولية تحرير فلسطين عن كاهل الدول العربية والإسلامية.
الفلسطينيون والدفاع عن الأقصى
ما زال الفلسطينيون وحدهم فقط من يواجه الاحتلال الإسرائيلي، هي حقيقة أثبتها فعلاً الشعب الفلسطيني في تضحياته اليومية، رغم أنه واجب شرعي ديني يقع على كاهل جميع الشعوب الدول الإسلامية وحكوماتهم، التي لم تعد تقدم أي شيء، بل تمنع حتى المظاهرات في عواصم العديد من هذه الدول، إلا إذا اعتبرنا بيانات الشجب والاستنكار هي أعلى درجات المسؤولية الأخلاقية للدول العربية والإسلامية في دفاعها عن القدس والأقصى.
رغم أن الدول العربية الاسلامية تمتلك الكثير من الأدوات القوية التي تستطيع استعمالها في الصراع مع إسرائيل، ولكن من الواضح أنه هيهات أن تستخدمها إلا من رحم ربي!
الاعتداء على الأقصى ليس حدثاً طارئاً
يجمع الخبراء على أن هذه الاعتداءات ليست حدثاً طارئاً، بل هي جزء من مخطط يسعى الاحتلال للوصول له، فذلك جزء من حلمهم الديني بفرض واقع جديد في المسجد الأقصى، كما حدث ذلك سابقاً في الحرم الإبراهيمي من تقسيم الأقصى زمانياً ومكانياً، بحيث يتواجد المسلمون في أوقات الصلوات فقط، وفي أماكن ومسارات محددة، ومن ثم مغادرتهم، بينما سيتم تخصيص أوقات للمستوطنين الإسرائيليين لممارسة انحرافاتهم الدينية المزعومة في "جبل الهيكل" كما يزعمون باطلاً.
وقد حاولت سابقاً قوات الاحتلال فرض الواقع السابق ذكره على القدس والمسجد الأقصى لكنها فشلت، ولكنها هذه المرة تعمل بنفوذ القيادات الدينية المتطرفة في حكومة نتنياهو، التي تدعم بلا هوادة هذه التصرفات غير الأخلاقية.
في الجانب السياسي، من ينتظر موقفاً أمريكياً لوقف هذه الاعتداءات فهم ينشرون الوهم في عقول من يثقون بهم، فالموقف الأمريكي من الكيان الصهيوني زاد وضوحاً خلال أحداث تعديل قوانين القضاء مؤخراً، فقد تدخلت أمريكا فقط عندما تمت إقالة وزير الدفاع "غالانت" في حكومة الاحتلال، وقد كان خطابها واضحاً وعملت على إلغاء القرار من أجل استقرار جيش الاحتلال.
فجيش الاحتلال الإسرائيلي هو الأداة التي تنفق عليها أمريكا بسخاء لتحقيق مخططاتها في المنطقة العربية، فقط هذا ما يعني أمريكا، بقاء جيش الاحتلال بحالة قوية، أما الإجرام بحق الشعب الفلسطيني فلا يأخذ من وقتهم شيئاً أكثر من بيانات تساوي فيها الضحية بالجلاد عندما تتجاهل إجرام الاحتلال وتركز على صواريخ المقاومة!
من ناحية أخرى، نرى أن زيادة التطرف الإسرائيلي في حكومة نتنياهو والمغلف بطابع ديني وما حدث في المسجد الأقصى لن يمر مرور الكرام، فقد أثبت الشعب الفلسطيني في مواقف سابقة أنه ينتقم، ولو بعد حين، ولذلك فإن الكثير من شباب المقاومة الفلسطينية سيكررون ما فعله المجاهد الشهيد خيري علقم، وسيدفع الكيان المحتل ثمن التطرف الديني الذي يقوده "بن غفير".في الختام، لا يمكن أن نفصل رأينا المجرد عن معتقدنا الديني، فنحن شعوب مؤمنة، عقيدتنا الإسلام، ومصدرها القرآن الكريم والسنة النبوية، وقد حددت هذه العقيدة انحرافات اليهود في تاريخ البشرية، والله -سبحانه وتعالى- العادل وعد بنصرة القلة المستضعفة من المؤمنين، {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} (الأنفال 26).
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.