في العام الماضي لم يكن مسلسل الكبير أوي على قائمتي، لكن سيل الإعجاب الجارف، ومظاهرات الحب التي أحاطت به، دفعتني لمشاهدته عقب انقضاء الشهر الكريم، في مرات عرضه اللاحقة، والحق أنه أضحكني للدرجة التي جعلتني أضعه على رأس القائمة، هذا العام، كي أشاهده، وقت الإفطار، كعمل أتقبل أن يشاهده أطفالي بصحبتي، دون خجل أو إحراج، مع ابتسامة انتظرت أن يرسمها على وجوهنا.
هكذا بحثت عن القناة، وانتظرت لأشاهد الجزء السابع منه، لكنني شعرت بخيبة أمل كبيرة منذ الحلقة الأولى، زادت مع عرض مزيد من حلقات المسلسل، الذي قررت التوقف عن مشاهدته من بعد الحلقة الخامسة.
لماذا أغضبتني الحلقة الأولى من مسلسل الكبير أوي؟
يقولون إنه لا يجب الحكم على الشخصيات الدرامية، بأحكام أخلاقية، ولكنني لست من مؤيدي تلك النظرية، خاصة إن كنت سأسمح لأطفالي بمشاهدة العمل بصحبتي، بدأت الحلقة الأولى بداية يفترض أنها قوية، مع ضيفة شرف مثيرة للجدل، هي الراقصة لورديانا، ولكن حتى هذه النقطة كان كل شيء على ما يرام، قبل أن تبدأ صورتي الذهنية عن المسلسل، طوال السنوات الماضية، في الانهيار.
بدأ الأمر مع تلك النظرة على وجة الابن الأكبر للكبير ناحية زوجة أبيه، ثم نظرات فزاع المشتهية للسيدة، ثم حوار طويل جداً يفترض فيه أن تقوم الزوجة الأولى بإعداد العشاء للزوجة الثانية، فقط لأنها أجمل منها، صحيح أنه كان مجرد حلم، لكن كل تلك الأفكار التي حملها أصابتني بالضيق والغثيان، ثم مع الوقت بدأت فكرة الحلقات تظهر أكثر، حول غيرة مربوحة على الكبير، ومحاولات الثنائي إصلاح العلاقة بينهما، ومع كل حلقة جديدة تبدو العلاقة الزوجية بين الثنائي مبتذلة جداً.
لا أدري مَن اقترح أن تكون تلك هي فكرة المسلسل هذا العام، فالفكرة الأساسية منذ العام الماضي أنه زواج يشبه "زواج الصالونات" بلا مشاعر تذكر، ومع كثير من الصدمات، والصدامات الناتجة عن فروق التفكير والاهتمامات، فما هو "الحب" الذي يفترض أن الثنائي يبحثان عنه عبر الحلقات؟ خاصة مع تصدير قيم، مثل سهولة نظر الرجل لامرأة دون زوجته، هكذا يبدو عادياً قيام "الكبير" بالنظر لكل امرأة جميلة، بما في ذلك الطبيبة المعالجة لهما، مع إهانات مستمرة لزوجته "مربوحة" باعتبار ذلك أمراً مضحكاً.
لم يكن هذا كل شيء، لكنه جعلني أنتبه إلى مجموعة من التفاصيل التي كنت أغفلها من باب الاستمتاع بالعمل، تمر مرور الكرام فلا تستوقفني ولا أنتبه، لكن الإصرار على إبرازها صار مزعجاً بالنسبة لي جداً، كالسخرية من لدغة هجرس- محمد سلام- والتي خرجت من دائرة التوظيف في الدراما، إلى هدف للسخرية المستمرة، مع إصرار على التركيز على "غباء" جميع أهل القرية، والكثير من التنميط، المزارعون أغبياء، النساء غبيات، لا أحد يجيد التصرف سوى الكبير وشقيقه جوني، اللذين جاء توظيفهما مشوهاً إلى حد بعيد.
مسلسل الكبير أوي.. السم في "نفادي"
ربما كل ما ذكرته عن الحلقة الأولى في كفة، وشكل العلاقة المريب بين الكبير ونفادي في كفة أخرى، فكرة "صديق الزوج" الذي يعرف كل شيء عن زوجته، بما فيه العلاقة الخاصة، يحجز له الفندق، ويدبر له اللقاءات، ويستضيف زوجته في سيارته استعداداً لظهور الزوج من أجل "شقط" زوجته!
لم أستوعب المشهد من الأساس، كما لم أستوعب أبداً الطريقة المثيرة للغثيان التي يتحدث بها "نفادي"، الشخصية التي حازت إعجاباً في الموسم الماضي، بسبب سماجتها الشديدة، لكنه هذا الموسم ظهر بجرعة مكثفة وفي غير موضعه، مع دور مريب كـ "صديق" للكبير، يساعده على استعادة "حياته الزوجية" وهو ما يتضمن الكثير من التفاصيل الخاصة حول مربوحة، وحياتها وطباعها، وكأن هذا أمر عادي!
هل المشكلة حقاً لدى رحمة أحمد؟
لم أكد أشاهد الحلقة الأولى حتى فوجئت بـ"حملة ممنهجة ضد الفنانة رحمة أحمد"، زوجة الكبير أوي، هكذا تحولت مربوحة المحبوبة جداً، فجأة، إلى ممثلة تشهد حملات عنيفة جداً، بدعوى أنها "تدمر مسلسل الطفولة"، وذلك عبر منشور موحد، قام عدد كبير من الصفحات بنشره في التوقيت نفسه، ولكن بعيداً عن تلك "الحملة" فأداء مربوحة حقاً لا يقارن بالموسم الماضي، وبالفعل هناك كثير من الصراخ، وكثير من الأداء المبالغ فيه، ولكن هل تلك هي مشكلتها؟ وهل يمكن تحميلها مسؤولية الأمر كاملاً؟
رحمة أحمد- برأيي- بريئة من هذا كله، إن كانت قد نجحت في الموسم الماضي فهذا لأن السيناريو والإخراج قد قاما بأدوارهما على أكمل وجه، وجاءت هي لتستكمل الدائرة بأداء ناجح، لكن هذا العام المسألة مختلفة، فالكتابة- برأيي- ضعيفة جداً، كأنما جاءت على عجل، في وقت ضيق أو وفاء بـ"ديد لاين"، هكذا خرجت النسخة السابعة من الكبير أوي أقل كثيراً من المتوقع.
لا أنكر أن ثمة "حملة" بالفعل، فلن تنشر كل تلك الحسابات الرسالة ذاتها في الوقت ذاته، بهذه الطريقة، إلا إن كانت الأمور موجهة بالفعل، ولكن يبدو أن المسألة لم تكن تستحق توجيهاً يذكر، لأن العمل هذا العام بالفعل دون مستوى التوقعات تماماً.
لماذا أخفق مسلس الكبير أوي؟
حين أتابع حلقة من الموسم الحالي أجدني لا أحتمل سوى الكبير، وهجرس، الوحيدين اللذين لم يتلوث أداؤهما بتواضع الأحداث وتكرارها، لذا وجدتني أتساءل لماذا أخفق الكبيرة هذا العام بهذا الشكل؟ أعتقد أن الإجابة عن هذا يمكن إجمالها في عدة نقط.
1- أخفق لأنه توقف عن الاستعانة بالوجوه الجديدة، فإذا كان ظهور شخصيات مثل نفادي ومربوحة وغيرهما في الجزء الماضي سبباً في نقلة نوعية بالمسلسل، فإن السبب ذاته وقف وراء تراجع المسلسل هذا العام.
2- أخفق لأنه افتقد إلى التنوع بين الحلقات، فلم تكن حلقة تشبه الأخرى، وحين تدور مجموعة حلقات عن مسألة بعينها فإنها تتغير كلياً لاحقاً، ما أضفى على المسلسل فكرة الاتصال والانفصال في الوقت ذاته، حيث يمكن مشاهدة كل حلقة منفصلة عن الأخرى بسهولة.
3- أخفق لأن الرغبة في استغلال النجاح الكبير للموسم الماضي دفعت القائمين على المسلسل إلى فرد مساحات لشخصيات بعينها، لأنها نجحت من قبل، وليس لأن السياق الدرامي يتطلب هذا حقاً.
4- أخفق لأنه لم يعد مسلسلاً يمكن أن أشاهده بصحبة أطفالي، فأنا لن أرغب في أن يتعلم طفلي أن إهانة الزوجة باستمرار بل وضربها أمر عادي، ولا بأس به، أو أن السخرية من لدغات البعض، أو حتى تراجع مستوى ذكائهم، أمر ممكن، أو حتى مضحك.
هذه ليست نهاية المطاف، فهذا عمل جيد جداً في العموم، وناجح أيضاً، برغم كل شيء، ربما مزيد من التركيز مع التفاصيل يعود به من جديد إلى الصدارة، كما حدث في العام الماضي، ولكن مع مزيد من التركيز والعمل على الكتابة والأفكار العامة، والحفاظ على روح المسلسل "البريئة" و "الطيبة".
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.