لا يتوقف عدوان الاحتلال الإسرائيلي ولا جرائمه البشعة بحق شعبنا الفلسطيني، إلا أنه منذ بداية العام الحالي يُلاحظ تصاعد غير مسبوق في الإجرام الصهيوني، فقد ارتقى حتى يومنا هذا ما يزيد على 75 شهيداً وجرح العشرات في سلسلة مجازر بشعة لم تفرق بين شاب أو شيخ أو طفل أو امرأة، ارتكبها الاحتلال على مرأى ومسمع العالم أجمع.
ومع تصاعد العدوان وتكرار اجتياح الاحتلال للمدن الفلسطينية في الضفة الغربية، ما زالت السلطة الفلسطينية تراهن على التسويات الأمنية مع الاحتلال برعاية أمريكية وعربية، ولا تعير اهتماماً حقيقياً للدم النازف بغزارة، فقبل أيام كانت مشاركة في قمة العقبة الأمنية، وبعد أيام ستشارك في قمة شرم الشيخ، لمحاولة إيجاد حلول لوقف المقاومة المتصاعدة، وفق رؤية الجنرال الأمريكي "فينزل" الداعية لإنشاء قوات أمنية قادرة على مواجهة المقاومة في شمال الضفة وهزيمتها.
الجريمة البشعة في جنين والتي نفذها الاحتلال في وضح النهار بتاريخ 16 مارس 2023، تهدف لتحقيق هدف وحيد هو القتل، الأمر الذي يفضح مجدداً تعطش الاحتلال وجيشه الفاشي للقتل وإراقة الدماء، في ظل الاختفاء التام لعناصر أجهزة أمن السلطة الفلسطينية من المشهد، مع أن مكان الاغتيال لا يبعد سوى أمتار قليلة عن المجمعات الأمنية التي تعج بعناصر السلطة وجنودها الذين يمارسون الاعتقال السياسي بحق المقاومين والكوادر الفاعلة في الفصائل بعد انسحاب الاحتلال كما حدث مع الكثير من المطاردين، أمثال "مصعب اشتية وعميد طبيلة" وغيرهما، ومع كل أسف يحاكم هؤلاء الشباب بتهمة حيازة سلاح في المحاكم الفلسطينية بسبب مقاومتهم للاحتلال!
أظهرت جريمة الاحتلال في جنين مجدداً بسالة شعبنا الفلسطيني المقاوم، الذي تصدى للقوات الخاصة المقتحمة بكل جرأة وبطولة وواجه العربات المصفحة والجنود المدججين بالسلاح وبالحجارة، ولم يجبن وقاوم العدوان جنباً إلى جنب مع المقاومين الذين تصدوا للاحتلال وأوقعوا فيه الإصابات.
كما جاءت ردود فعل المقاومة على عملية الاغتيال لتؤكد أن هذه العمليات لن تكون بدون رد؛ حيث صرح المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي عن الضفة الغربية طارق عز الدين بأن جريمة الاغتيال الجبانة التي نفذتها قوات صهيونية خاصة بحق مقاتلي ومجاهدي شعبنا الفلسطيني في جنين لن تمر مرور الكرام.
كما أكد المتحدث باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع أن جريمة اغتيال أبطال المقاومة في جنين لن تمر دون رد عليها، والشعب الفلسطيني ومقاومته قادرون على ضرب الاحتلال وتدفيعه ثمن جرائمه.
وصرحت حركة حماس في بيانها: "إن جنين اليوم تقف في طليعة ثورة شعبنا ضد الاحتلال والظلم، وإن شهداءها هم وسام على صدر الوطن، وندعو أبناء شعبنا للمشاركة الحاشدة في مسيرة التشييع بما يليق بمكانة الشهداء الكرام".
المقاومة في الضفة الغربية عصية على الاقتلاع
على الرغم من كل إجراءات الاحتلال وإجرامه فإن المقاومة في الضفة الغربية بالعموم وفي جنين خاصة، تثبت أنها عصية على الاقتلاع، وأنها باتت تشكل حالة أمر واقع، فشل الاحتلال والسلطة في القضاء عليها، وهي تحظى باحترام شعبي وإسناد جماهيري وإيمان متزايد بجدواها لمواجهة عدوان الاحتلال، بعدما نفض شعبنا يده من كل مشاريع السلطة التي يعتبرها عبئاً على الحالة الوطنية، وهذا ما يشكل مصدر قلق متصاعد للاحتلال ولشركائه في المنطقة، بعدما نجحت المقاومة في تشكيل حالة استنزاف لجيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يستنفر قواته منذ شهور في الضفة والقدس، محاولاً القضاء على تصاعد الحالة الثورية واتساع رقعتها.
إن عدوان الاحتلال على شعبنا سيضاعف الشعور بالثأر لدى شبابنا المنتفض وسيجلب المزيد من الردود والعمليات البطولية التي تعتبر رداً وثأراً للشهداء، خاصة مع اقتراب شهر رمضان الذي يخشاه الاحتلال.
على مدار تاريخ النضال الفلسطيني شكلت التضحيات دافعاً لدى شعبنا للانتقام وتدفيع الاحتلال ثمن عدوانه، وقد شاهدنا عمليات الشباب الفلسطيني الجريئة والنوعية سواء في القدس والضفة أو في الداخل المحتل، وهي مرشحة للزيادة والاتساع في ظل حشد الاحتلال مستوطنيه للاعتداء على الأقصى في قابل الأيام وفي ظل انتفاضة الأسرى في معركة الحرية المتصاعدة والتي من المتوقع أن تصل ذروتها مع بداية شهر رمضان.
كل ما سبق هذا يستوجب مزيداً من رص الصفوف الفلسطينية لمواجهة العدوان الإسرائيلي المتصاعد، فأبطال جنين الشهداء قاتلوا جنباً إلى جنب من كل الفصائل الفلسطينية.
كذلك يتوجب على كل القوى والفصائل أن تصطف خلف المقاومين، وعلى شباب الأجهزة الأمنية الفلسطينية أن ينحازوا لشعبهم المقاوم، ويلتحقوا بالثورة، فشرف العسكرية والسلاح لا يتحقق إلا عندما يدافع هذا السلاح عن أرضه وشعبه ويتصدى به الرجال للعدو المعتدي.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.