طبقاً لاتفاقية التطبيع بين المغرب وإسرائيل، وقّعت الدولتان على اتفاقية يتم بموجبها استقدام عمال مغاربة للعمل في قطاع التمريض والبناء والتكنولوجيا الحديثة بإسرائيل، بهدف خلق روابط جديدة في مجالات التجارة والأمن والدفاع، حسب ما نقله البيان عن وزيرة الداخلية إيليت شاكيد. ولكن ما حدث بالفعل خالف هذه الاتفاقية؛ حيث إنه بعد التطبيع، تبددت آمال إسرائيل بجذب المغاربة، والتزمت الرباط الصمت، مفوضة تسويق المشروع إلى وزارة الداخلية الإسرائيلية.
تصوّرت إسرائيل أنها قد تكرّمت على المغرب بقبولها استقدام العمال المغاربة، في ظل تجنب السلطات المغربية التحدث عن الموضوع من خلال وسائل الإعلام المغربية، ولكن حثّ بعض المؤيدين للاتفاقية على الترويج للمزايا الاقتصادية لهذا المشروع، زاعمين أن هناك عمالة فلسطينية وعربية داخل إسرائيل.
لكن هذا الزعم بعيد كل البُعد عن الحقيقة، فالفلسطينيون لا يعملون في إسرائيل برغبتهم؛ لأن الاحتلال الإسرائيلي لم يترك لهم بديلاً آخر بعد أن انتهك حقهم في الحياة، وسلب أرضهم، ودمر الاقتصاد والبنية التحتية، وفرض عليهم الحصار؛ حيث لا توجد فرص عمل حقيقية للعمال والشباب، وهناك فارق كبير في الأجور بين الجانبين؛ إذ إن العامل في فلسطين إذا وجد فرصة للعمل فإن أجره لا يتعدى الـ 20 شيكلاً بالعملة المحلية أو ما يساوي قرابة 7 دولارات، بينما يتقاضى في إسرائيل ما يعادل الـ100$ في اليوم الواحد.
يمكن تفسير إخفاق إسرائيل في جذب عمال مغاربة إليها حتى يظل ملف تصاريح العمل في ملف الهدنة؛ حيث رفعت إسرائيل عدد تصاريح العمل التي تصدرها للفلسطينيين في الضفة الغربية بمقدار 20 ألف تصريح دفعة واحدة، وسيصبح عدد الفلسطينيين من الضفة ممن لديهم تصاريح للعمل في إسرائيل والمستوطنات الإسرائيلية، نحو 130 ألفاً، كما صادقت وزارة الدفاع الإسرائيلية، على خطة مبدئية لرفع عدد تصاريح غزة إلى 20 ألفاً.
بموجب الخطة الجديدة التي أطلق عليها اسم "عامل 360″، ستتم زيادة حصة العمال الفلسطينيين في قطاع الصناعة والخدمات في إسرائيل، وسيرتفع عددهم في قطاع البناء فقط من 74 ألفاً إلى 80 ألفاً. في نهاية عام 2021، صادقت الحكومة الإسرائيلية على مشروع تجريبي على مدى ثلاث سنوات، يتم بموجبه إصدار تصاريح عمل لـ500 فلسطيني من موظفي قطاع التكنولوجيا من الضفة الغربية، وتم إصدار 200 تصريح فقط عام 2022، وسترتفع الحصة بمقدار 200 تصريح آخر عام 2023 قبل أن تصل إلى 500 تصريح في عام 2024.
لا تهدف إسرائيل من خلال هذه التصاريح إلى تحسين الوضع الاقتصادي لفلسطين، ولكنها تهدف إلى تعزيز الردع، والحفاظ على الهدوء والأمن، وتقليل خطة التصاريح الجديدة من فرص وقوع هجمات ضد أهداف إسرائيلية؛ حيث إن استقدام عمال مغاربة إلى إسرائيل سوف يعمل على تأجيج دوامة العنف. وما يثبت ذلك هو فرض إسرائيل قيوداً كثيرة على تصاريح العمل للعمال الفلسطينيين؛ حيث تقوم بإصدارها تحت مسمى "احتياجات اقتصادية"، وليس عاملاً، وهو الأمر الذي فسّرته نقابة العمال بأنه تنكّر واضح من قبل أرباب العمل في إسرائيل لحقوق العمال، ولا سيما في حال تعرض أي منهم لخطر.
وختاماً، يمكن القول بأن تصريحات العمل الإسرائيلية لا تحجب الحقيقة بأن إسرائيل ليست دولة شرعية، حيث أقرت الأمم المتحدة ومجلس الأمن بأنها دولة احتلال تنتهك الاتفاقيات والمواثيق الدولية، وتمارس أبشع الجرائم داخل فلسطين. ويعتبر إرسال الحكومة المغربية لعمال مغاربة انتهاكاً للقانون الذي يمنع العمل في بيئة غير شرعية وغير آمنة وجريمة ضد الإنسانية، لأن هؤلاء العمال يشاركون في بناء المستوطنات الإسرائيلية، وبالتالي تساهم في انتهاك حقوق الفلسطينيين على أرضهم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.