في شهرها السادس تتقدم انتفاضة الشعب الإيراني نحو الإطاحة بالديكتاتورية الحاكمة وإقامة نظام شعبي ديمقراطي، وباستمرار انتفاضته أظهر الشعب الإيراني أنه لن يقبل بأي شيء أقل من الإطاحة بالديكتاتورية، ولم تتمكن أمواج الفتن ومختلف أنواع الفيروسات والعديد من العوائق الكبرى من منعهم من مواصلة الانتفاضة لإسقاط الديكتاتورية.
أهل إيران مصممون على إزاحة الديكتاتورية والتغلب عليها، وأصبحت الثورة فولاذية وستؤتي ثمارها، وبثبات الشعب وضغطه نحو استمرار الانتفاضة يكون قد أحكم قبضته وضيَّق الخناق في مجال كهذا على الديكتاتورية في إيران، إلى حد إجبارها على الاستعانة بفلول ديكتاتورية الشاه من موقع "دفاعي" للحيلولة دون الوقوع الوشيك.
تجاوُز الشعب لمرحلة الديكتاتورية!
يتعمق مسار الانتفاضة ويتوسع من أجل إسقاط الديكتاتورية في إيران، وأُغلِقت كل الطرق في المخططات والمؤامرات الرجعية والاستعمارية، وخابت آمال المؤسسين والمبشرين والداعمين، مع الخطأ الكبير في تقديرات "السلطة الديكتاتورية" للوضع القائم ومدى صلابته، وهو ما يتماشى مع ذات وطبيعة السلطة، حيث إنهم يعتقدون أن لديهم القدرة على الوقوف أمام قدرة الشعب، والاستثمار في فلول الديكتاتورية في إيران، خاصةً في شكل "الشاه" و"الشاهنشاهية"، وإنه لَخطأٌ كبير في التقديرات السياسة والاستراتيجية، وبذلك يكون فشلها قد تأكد مسبقاً، وهذا ما تجاوزه الشعب الإيراني.
لا تتماشى سلطة "الشاهنشاهية" و"الشاه"، ولا "ديكتاتورية ولاية الفقيه" مع منطقة الشرق الأوسط وإيران على وجه التحديد، ويريد أبناء الشعب الإيراني الإطاحة بأي نوع من الديكتاتورية في إيران، ولقد أدت انتفاضتهم الأخيرة إلى زعزعة توازن الديكتاتوريات في بلادهم، وهم غير مستعدين للتراجع عن حقوقهم وأهدافهم.
معارضة أم بديل للديكتاتورية
في هذا التوازن المرتعد، الذي استمر لأكثر من 44 سنة، هناك ديكتاتورية حاكمة في إيران، وأخرى "هاربة" من إيران، لكنهما يتقاسمان "المصالح المشتركة"، وأقرض كل منهما الآخر خبزاً، وانبريا يساعدان بعضهما البعض، من الخطأ اعتبارهما "معارضين لبعضهما البعض".
ولقد كان "قمع الحريات" و"نهب الثروات الوطنية" و"انتهاك حقوق الشعب" من بين أبرز النقاط المشتركة وضوحاً بينهما، ولقد تم استخدامهما في المشاريع الرجعية والاستعمارية وفي رقعة الشطرنج السياسية في إيران، كـ"قطع تحل محل بعضها البعض"، بينما تبقى قطعة أساسية في هذه اللعبة، وهي "بقاء الديكتاتورية"، والتي يعمل الشعب والمقاومة الإيرانيان على تفكيكها.
لا يتعين على أبناء الشعب الاختيار بين أحد النوعين، ديكتاتورية الشاه أو الديكتاتورية الدينية، إنهم يسعون إلى التغلب على الديكتاتوريات وإقامة حكم وطني وشعبي وديمقراطي، ذلك لأن "الحرية" و"حق تقرير المصير" حقٌّ مُسَلّم به للشعب الإيراني وغير قابل للتصرف.
رعب الديكتاتوريتين من حكم الشعب
"الجدل الساخن" الآن في الأوساط السياسية حول إيران هو أن الرجعية والاستعمار قد أدخلا فلول ديكتاتورية الشاه إلى المعادلة السياسية الإيرانية، كعقبة أمام انتفاضة الشعب الإيراني، للحيلولة دون وصول الشعب الإيراني "إلى الهدف"، ويصاب بالإحباط وخيبة الأمل. "بلوغ الهدف" والتراجع عن إحداث تغييرات جذرية في المجتمع الديكتاتوري الإيراني، وتشير هذه الوسائط إلى ثورة الشعب الإيراني عام 1979، وكيف تم التمهيد لإحلال "ديكتاتورية ولاية الفقيه" محل "ديكتاتورية الشاه".
في الـ44 سنةً الماضية، وبالتوازي مع سلطة حكم ديكتاتورية ولاية الفقيه المتسلطة على إيران لم تتم محاسبة فلول ديكتاتورية الشاه فقط على "السرقات المليارية"، لكنهم بقوا أيضاً خارج الحدود ليلعبوا دور "صمام الأمان" للديكتاتورية الدينية الحاكمة، ولم يأت ذعرهم من اقتراب الإطاحة بالديكتاتورية الدينية من فراغ، وانبروا على عَجَل يقاتلون ضد الشعب والمقاومة وإيران لصالح ديكتاتورية ولاية الفقيه، متناغمين مع السلطات والأجهزة الديكتاتورية الحاكمة، وتم تكليفهم بمهمة السخرية من حقوق الشعب الإيراني، ومهاجمة قوى المعارضة الإيرانية تحت غطاء دعم الشعب، وبعبارات وكلمات النهج الديكتاتوري التهديدية المحببة لديهم (!).
هذا الصراع والحراك لفلول ديكتاتورية الشاه هو أقوى "علامة" على "أكثر انتفاضات الشعب الإيراني جدية" على طريق "استراتيجية إسقاط الديكتاتورية الدينية"، وبالفعل فإن هؤلاء "الممثلين المحببين لدن الديكتاتور" أينما كانوا وكيفما فعلوا، فقد دخلوا الآن إلى مشهد الأحداث.
الهدف من صناعة البدائل من أجل ديكتاتورية إيران
من الواضح أن الهدف من تصرفات فلول الديكتاتورية والبدائل المُصطنعة الزائفة هو منع حدوث تحول جذري في المجتمع، وتهميش قوى التغيير الرئيسية، أي المجاهدين والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، ذلك لأنهم بدفعهم تلك التضحيات الجسام، ودفع ذلك الثمن الباهظ سوف يسدون الطريق أمام أي بديل رجعي واستعماري زائف ومُصطنع، ولن يسمحوا لإيران بأن تصبح ملعباً للديكتاتورية مرة أخرى. إن الانتقال الصحيح للانتفاضة من المسار المليء بالفتنة في الأشهر الستة الماضية لَهو خير دليل على حقيقة أن انتفاضة الشعب الإيراني قد حظيت بإسناد وقيادة ذات كفاءة، وقد كانت نشطة فعالة على الدوام طوال الـ44 سنة الماضية.
وعليه فإن الحديث حول "عدم وجود قيادة للانتفاضة" واحدٌ من "الأخطاء الكبيرة" في مسيرة الحركة، من أجل إسقاط الديكتاتورية، وبالبحث عن قيادة الانتفاضة لا ينبغي أبداً الخروج عن "أرضية النضال التاريخي للشعب الإيراني ضد الديكتاتورية"، ذلك لأن "قيادة الانتفاضة" يجب أن تكون من صنف "القوة الرئيسية في ساحة المعركة ضد الديكتاتورية"، أو تكون على الأقل حليفة لها، وإنكار هذه الحقيقة سيُهمّش مقولة كهذه.
تطهير الفيروسات في النضال ضد الديكتاتورية
أدركت جميع شعوب العالم أن مواجهة "ظاهرة كوفيد -19" بالحصول على "اللقاح" ضرورة حيوية، وبدون اللقاح ليس من الممكن البقاء على قيد الحياة في مواجهة الفيروس القاتل، وهذه هي الحقيقة الصادقة أيضاً في المشهد المجتمعي، وخاصةً في مشهد النضال ضد الديكتاتورية، وكانت قيادة الانتفاضة موجودة، وطرحها والاعتراف بوجودها هو "شرط" و"رمز للانتصار" على الديكتاتورية، وبقايا ديكتاتورية الشاه هي نسخة فيروسية معدلة يجب القضاء عليها، والمماطلة في مثل هذا الأمر سيطيل من عمر بقاء الديكتاتورية.
فيروسات الشاهنشاهية في إيران الحالية، مع مشروعات سخيفة مثل "النيابة" و"الوحدة" و"الاتحاد" و"التحالف" و"الديمقراطية" و"المنشور" و"كلنا معاً"، بتقويض واستهداف الحدود السياسية والاجتماعية ضد الديكتاتورية، ينوون الجلوس على كرسي الحاكم المطلق، بنفس ذاك النموذج الخميني "كلنا معاً.. مع خميني"، والسماح بالبقاء والدوام للديكتاتورية في إيران.
كلمة أخيرة
السبيل الوحيد هو مواصلة الانتفاضة للإطاحة بالديكتاتورية الحاكمة في إيران، وبنفس هذه الآلية والهدف وخريطة الطريق سيتم تطهير مشهد انتفاضة الشعب، وسيصل الشعب الإيراني بكافة مكوناته إلى حقوقه، وخاصةً الحرية والديمقراطية، كما لن يتم ضمان التعايش السلمي والاستقرار والسلام والأمن والصداقة بين الشعوب في المنطقة إلا بخارطة الطريق هذه.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.