بناء على المعطيات الميدانية والمشهد الداخلي للكيان الصهيوني المحتل والمتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية وتطلعات "نتنياهو" الشخصية ليدخل التاريخ من أوسع أبوابه ويكفر عن فساده، ويغفر أو يتسامح الشعب الإسرائيلي مع أخطائه أمام أكبر إنجاز.
في ظل المعطيات التي تتحدث عن تقارب وجهات النظر الأمريكية والإسرائيلية حول ملف إيران النووي والحرب الروسية الأوكرانية، ورغبة أمريكا في استعادة التفاهم على الآليات مع "نتنياهو"، وعدم الاصطدام مع حكومته، فهي تفضل العمل المشترك فيما يتعلق بالتهديد الإيراني والقيام بعمل عسكري ردعي ضد "إيران"، واحتواء التداعيات الأمنية الاقتصادية التي تواجه الكيان الصهيوني.
السيناريوهات
أولاً: إسرائيل تحتاج إلى الدعم اللوجستي والغطاء السياسي الدولي للهجوم على إيران، وهذا من اختصاص العسكريين؛ لأنها تحتاج إلى قنابل خاصة، وبقوة كبيرة جداً تخترق الحصون الأرضية.
ثانياً: تحتاج إسرائيل للقدرة على التزود بالوقود في الجو، وهذه الطائرات في حوزة الولايات المتحدة ولا تمتلكها إسرائيل مع أنها قدمت طلباً لشرائها؛ لذلك "نتنياهو" سيستمع جيداً للإدارة الأمريكية.
إن الزيارات الأخيرة لإسرائيل من قبل قيادات عسكرية الرفيعة منهم رئيس الأركان الأمريكي، ورئيس القوات المشتركة الأمريكية الأوروبية، بحسب ما تسرب من معلومات من تلك الزيارات أنه تمت مناقشة توصل إيران إلى القدرة على تصنيع قنبلة نووية، والاتفاق مع روسيا بإعادة الكميات المخصبة المستودعة لدى روسيا، ومعالجة ذلك عسكرياً بالاتفاق دون تفرد "نتنياهو" بأي عمل عسكري غير محسوب العواقب.
في دهاليزه تلك الاجتماعات طلبت الولايات المتحدة من "نتنياهو" وقف ما يسميه الإصلاح القضائي والحفاظ على نظام الدولة الإسرائيلية.
ستشهد الأيام القادمة هدوءاً، واستماع الأطراف لبعضها فيما يتعلق بسلطة القضاء وصلاحيات المحكمة العليا، من خلال الأطراف التي تقدم المقترحات ودراسة ما يقدم منها للتوصل إلى إجماع حولها، واتفاق لحل الأزمة دون الوصول إلى نقطة اللاعودة والاحتراب الداخلي بين الإسرائيليين.
التصعيد الأمني في الضفة الغربية والتوتر مع قطاع غزة
توجد معادلة حساسة جداً تتمثل في تحدٍّ أمني لا يرغب "نتنياهو" التعامل معه أو الانشغال به على حساب ملف التطبيع الذي يرى فيه المدخل الحقيقي العملي لإنهاء القضية الفلسطينية، والحل خارج نطاق الاتفاقيات الدولية وخاصة اتفاقية "أوسلو" ومسألة حل الدولتين أو حتى البقاء بدون حل الوضع القائم.
والاعتماد على السلطة الفلسطينية التي تقوم بمهماتها الأمنية والدور التي تتكفل بها مصر بالتهدئة وبالضغط على السلطة للحفاظ على الوضع القائم، بالإضافة لتوسيع التفاهمات والعلاقات السياسية والاقتصادية مع مصر وبالأخص الأمنية على سلم تلك الأولويات.
لكن استدراكاً وبناء على تجربتنا نحن الفلسطينيين مع الكيان الصهيوني وعدم التزامه بالاتفاقيات، وقد شهدنا ما حدث مع السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني، واتفاق العقبة الأمني وعدم الالتزام ببنوده.
الهجوم على غزة
أنا أستبعد الهجوم؛ لأنها حسبة سياسية لا فائدة من ورائها للحكومة الإسرائيلية الحالية؛ بل العكس ستكون نتائجها سلبية، لأنها تحرف الأنظار عن تركيز "نتنياهو" على الملف الإيراني، وتشغل الأمم المتحدة بملف ثانوي، إلا إذا رأى نتنياهو أن يخدع الجميع، ومنها إيران، بهجوم وهمي على قطاع غزة يتخلله هجوم فعلي خاطف على مفاعلات إيران النووية، وبذلك يضع العالم كله أمام واقع ينسى فيه استهداف غزة الوهمي، ليعالج تداعيات الحرب على إيران وامتداداتها الإقليمية والدولية في سوريا ولبنان وإيران وروسيا.
ختاماً.. نتنياهو قد يغامر حتى يصل الذروة والعظمة التي يشعر بها كأهم رجل في تاريخ الكيان، ويدخل التاريخ اليهودي بأعظم عمل يزيل فيه التهديد الوجودي للكيان، وبذلك يتجاوز الكيان الصهيوني أو ما يسمونه الهيكل الثالث البيت اليهودي عقدة الثمانين، والصراعات الداخلية، وقد تكون نهاية الكيان الصهيوني إذا فشلت العملية وكان الرد الإيراني وحلفائها في المنطقة منسقاً بين كل الجبهات، وهذا يحتاج إلى تفكير وتقدير على أعلى المستويات في الكيان، وبمشاركة الإدارة الأمريكية ليأخذ الضوء الأخضر.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.